الإثنين 03 يونيو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أكان لا بد ما حدث للبنطلون؟!

الجمعة 28/أكتوبر/2022 - 04:04 م

• من حوالي 10 أيام كان فيه حادثة كان ليها صدى من الانتشار في الإعلام الأردني ثم العربي بعد كده.. اللي حصل إن فيه شاب أردني حب يعمل مشروع يستثمر فيه كل الفلوس اللي محوشها خصوصًا مع الظروف الاقتصادية اللي ضربت كل دول العالم وخلّت وضع المعيشة صعب على كل الناس في كل الدول.. أستثمر فلوسي في إيه؟.. قال لك هفتح كافيه جديد وشيك.. صرف معظم إن ماكنش كمان كل فلوسه على تجهيزات المكان وتشطيبه وخلاّه فعلًا على الفرازة وحاجة تحفة ومن الآخر.. الفكرة إن الشاب ده فكر في كل حاجة وعمل حساب كل تفصيلة إلا الدعاية!.. يعني إنت عملت كافيه فخم بس نسيت تسيب قرشين على جنب لزوم الدعاية عن المكان!.. أيوا حصل.. وطبعًا في الزمن ده مشروع بدون دعاية عجلة استمراره ونجاحه هتبقى بطيئة أكتر.. يعمل إيه؟.. قرر يفكر في فكرة من بره الصندوق عشان مايبقاش بوظ حلمه على فاشوش.. بعد شوية تفكير ومع الأخذ في الاعتبار إن مخه نضيف فعلًا قدر يوصل لفكرة عبقرية.. حط ورقة نقدية بـ فئة "50 دينار أردني" على الأرض قدام مدخل الكافيه.. لما حد من الناس بيشوف الورقة واقعة على الأرض بيوطي عشان ياخدها فبيكتشف إنها مش ورقة فلوس لكنها صورة طبق الأصل منها من جهة من الجهتين بتوعها والجهة التانية عبارة عن إعلان خصم بنسبة 50% على أول زيارة للكافيه!.. طبعًا وسيلة ذكية جدًا وخلّت ناس كتير من اللي بيمروا قدام الكافيه يشوفوا الورقة فيكتشفوا المقلب اللطيف ده فيدخلوا الكافيه عشان يستفادوا بالخصم فالحال يمشي والدنيا تبقى زى الفل مع الشاب.. مر على تنفيذ الفكرة أسبوع والتاني والزباين في ازدياد بس قبل بداية الأسبوع الثالث جت الشرطة قبضت على الشاب وشمعت الكافيه وتم إحالته للنيابة!.. والسبب؟.. القانون الأردني بيمنع استخدام صورة ورق النقود أو طباعتها بدون تفويض والعقوبة بتوصل لـ 5 سنين كاملين حبس!.. الفكرة إن الشاب ماكنش عارف المعلومة دي فعلًا، واتصدم إنه ممكن يتحبس المدة دي كلها بسبب جهله بالمعلومة رغم إن نيته كانت طيبة وخير ومفيهاش أى ذرة ضرر لا لحد ولا للدولة.. بس مع البشر النية لوحدها للأسف مش كفاية ولازم كان يكون عنده شوية مفهومية يخلّوه يدور هل الفكرة بتاعته دي قابلة للتنفيذ ومفيهاش مخالفة قانونية ولا لأ.. أيام بسيطة وهيتحكم على الشاب وهيضيع من عمره 5 سنين عشان نيته الحلوة ماكانتش متحاوطة بتعب وبتفكير زيادة وكافي يحموه من شر المجهول.

• في واحدة من قصص الأدب الإنجليزى التراثية تم ذِكر حكاية الطفل اللي كان عنده 10 سنين وعايش مع أخته اللي أكبر منه ووالدته بعد وفاة والده.. مع دخلة عيد راس السنة أمه أشترت له لبس جديد.. قميص وبنطلون وحذاء.. بس ولإن مفيش بنطلون بيكون مقاسه مظبوط 100 ٪‏ أول ما بتشتريه فالبنطلون كان طويل شوية.. الولد طلب من أمه إنها تقصرهوله.. (يا ماما قصريهولى إتنين سنتيمتر بس).. الأم اللي كانت مجهدة طول اليوم شخطت فيه إنه مش وقته وبعدين لما أرتاح.. الولد صمم برخامة وعِند العيال.. أمه طنشته.. أخته كانت سامعه الحوار فحبت تصطاد في الميه العكره وقالتله بما معناه إن خّلي عندك دم أمك تعبانة وكده.. الولد اتكبس ودخل أوضته، بس لما حسبها أفتكر إن فيه ترزى جنب بيتهم.. قرر بدون ما يقول لهم يروح يقصر حاجته عند الترزي بنفسه ولا الحوجة لحد.. خرج من وراهم وراح قصر البنطلون الإتنين سنتيمتر اللي عايزهم.. رجع وهو منشكح وحط البنطلون جنب سريره ونام كإنه حقق أعظم انتصار في الكون.. أمه بالليل حست بتأنيب ضمير عشان الولد نام زعلان.. دخلت الأوضة بتاعته وخدت البنطلون ومسكت المقص وقَعَدت تفكر.. هو قال كام سنتيمتر؟.. أيوه قال أتنين.. شيووك.. قصرته!.. رجعت البنطلون مكانه تاني وهو نايم في سابع نومة.. أخته بجدعنة الأخوات البنات دخلت أوضته بعد كده وهي مش هاين عليها أخوها يبات زعلان وقررت تقصر له البنطلون هي كمان.. يالا يا ستي ما هي بقت هيصة.. أفتكرت إنه كان بيقول لأمه إنه محتاج يقصره ٢ سنتيمتر.. مسكت المقص وقصرتهوله.. شيووك.. رجعتهوله مكانه.. هوب الولد صحي تاني يوم لقى البنطلون بقى شورت!.. قعد يبكي ويصرخ وكل محاولات أمه وأخته لتبرير اللي عملوه ومع إنه كان بدافع الحب والنية الطيبة الخير بس ماكنش له أى صدى عنده لإنه ماكنش حاسس كده من ردهم الأولاني عليه، وانتهت القصة نهاية حزينة كان عنوانها إن قلب الطفل الصغير ده اتكسر في يوم عيد بسبب نية حلوة من أمه وأخته بس نية مش مقترنة بتصرف حكيم ولا فعل ذكي.. اللي هو بالبلدي جُم يكحلوها عموها.

• في التعامل مع البشر النية الحلوة لوحدها مش كفاية ولازم تكون مقترنة بفعل وقتي أو كلمة طيبة يأكدوها.. أعمل إيه أنا بنيّتك الحلوة ناحيتي وهعرفها منين لو مفيش "تصرف" حولها لحقيقة ملموسة!.. النية الكويسة كانت عنوان لكتير من الخلافات اللي فضلت تكبر بدون داعي ومافرقش بعد كده سماع كلمات من نوعية "ماكنتش أقصد"، أو "دا أنا كنت ناوي على كذا".. إحنا مش كتب مفتوحة اللي جواها متشاف على طول الخط، واللي قدامك بيحتاج أمارة.. أمارة تطمنه وهيفهمها فورًا لإنه مش غبي وفي نفس الوقت وجودها ضروري لإنه مش ساحر وهيخمن!.. شوية تعبير عن النوايا بالأفعال مش هيخسروك حاجة بس هيكسبوا غيرك كتير.. فيه جملة عظيمة بتقول: (لا تطالبونا بأن نكون آلهه لندرك مدى صدق نيتكم؛ فالنية وحدها لا تكفي).
 

تابع مواقعنا