الجمعة 01 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"أنا بستناك"

الجمعة 18/فبراير/2022 - 04:37 م

● السيدة "فيكتوريا روبنسون" بتحكي إن زمان وهي طفلة عندها 7 سنين والدها ووالدتها انفصلوا وكل واحد فيهم راح اتجوز وعاش حياته بعيد عنها وسابوها هي تعيش مع جدتها أم أمها اللي عندها 80 سنة! الأم قبل ما تمشي عشان تتجوز وعدت "فيكتوريا" إنها هتيجى تزورها أول يوم في كل شهر.. عدى كذا أسبوع وجه أول الشهر.. "فيكتوريا" صحيت من النوم وبصت على يمينها وهي لسه على السرير وشافت النتيجة المتعلقة على الحيطة.. 1 ديسمبر!.. أمها جاية تزورها النهاردة.. نطت من على سريرها وقامت بسرعة وكالعادة اتخانقت مع اللحاف برجليها لحد ما قدرت تقوم.. دون ما تغسل وشها جريت تدور على جدتها وفعلًا لقتها في المطبخ واقفة بتطبخ.. قالتلها وهي فرحانة: (خمني يا جدتي، هل تعلمين أي يوم هذا؟).. جدتها ردت: (أظن أني أعرف أي يوم هذا).. "فيكتوريا" قالت: (إذًا عليّ أن أستعد فسوف تأتي أمي اليوم).. الجدة قالت: (هكذا قالت يا صغيرتي؛ هكذا قالت).. الجدة قالتها بشكل غامض شوية وفيه شيء من الأسى لاحظته "فيكتوريا" بس انبساطها كطفلة بزيارة أمها ولأنها كانت وحشاها مخلهاش تركز أوي في غموض جملة جدتها.. البنت فطرت على السريع ولبست فستان أبيض جديد وعملت شعرها ديل حصان وحطت برفيوم مميز وقعدت جنب شباك الصالة في البيت بزاوية تخليها تقدر تشوف الطريق على مدد الشوف عشان تلمح أمها وهي جاية.. مرّت ساعة وأمها ماجتش.. شوية والبنت شافت حاجة سودة بتقرب من بعيد بس ماقدرتش تميز هي إيه عشان بُعد المسافة ولأن نظرها كان ضعيف.. شوية بشوية أكتر الحاجة السودة قربت أكتر وأكتر فاكتشفت "فيكتوريا" إنها كلبة سودة كبيرة معدية من قدام البيت ووراها ولادها الكلبين الصغيرين.. كان منظرهم يشد وفضلت "فيكتوريا" متابعاهم بعينها لحد ما بعدوا خالص ورجعت تبص على الطريق مستنية أمها.. فاتت 3 ساعات.. بقوا 5 ساعات.. الشمس بقت حامية وضربت في وشها والعرق نزل حرق عينيها بس برضو فضلت قاعدة على الشباك وباصة على الطريق.. جدتها ندهت عليها عشان تيجي تأخد الفطيرة بتاعتها اللي عملتهالها.. "فيكتوريا" مارضتش وفضلت واقفة نفس الوقفة برضو!.. فات 7 ساعات والشمس بدأت تغرب.. جدتها قالتلها: (ادخلي يا فيكتوريا فقد حل الظلام).. البنت ردت بـ عِند طفولي: (لا لن أدخل؛ ستأتي أمي أنا واثقة).. رغم إن الدنيا كانت بقت ضلمة والرؤية شِبه مستحيلة بس "فيكتوريا" سمعت صوت أنين بسيط قريب من الشباك!.. خرجت جري بره باب البيت وبصت لقته جرو صغير من ولاد الكلبة السودة اللي كانت معدية قدام البيت الصبح!.. كان الجرو لوحده وبيعرج وجسمه متغطي بالتراب.. البنت قالتله: (أظن أنك أيضًا تبحث عن والدتك).. وطت على الأرض وشالت الجرو الصغير ده ودخلت على جدتها.. استقبلتها الجدة وهي فاتحة دراعاتها وحضنتها وقالتلها: (أعتقد أن الملائكة أرسلت لكِ من تحبينه يا فكتوريا). يوم ورا يوم البنت حبت الجرو وتدريجيًا بدأت تنسى كذب وعد أمها ليها.. الفكرة إن الجدة كانت عارفة إن أم "فيكتوريا" مش هتيجي وإنها مش صادقة في وعدها للبنت بس حبت تخلّي البنت تاخد الدرس بنفسها وتنتبه إن أثناء انتظارك لحاجات مش مضمونة ممكن تعدي عليك حاجات تكون قيمتها عندك أكبر وأهم. 

 

 

 

● الكاتب العظيم الراحل دكتور "نبيل فاروق" كتب من 30 سنة فاتت قصة قصيرة عظيمة بعنوان "الانتظار": (كالمعتاد وصلت هي أولًا وكان عليها أن تنتظره.. كل مرة يحدث هذا.. كل مرة يكون عليها هي أن تنتظر.. زفرت في حنق وتطلعت إلى ساعتها.. ثم عادت تتطلع إلى الطريق.. إنه لا يحترم أية مواعيد.. حتى في عمله يصل متأخرًا وهي على عكسه تمامًا.. تصل دومًا في موعدها وتنتظر.. ولأول مرة منذ أن بدأت علاقتهما تشعر نحوه بالسخط.. لماذا تحتمله هي دومًا؟.. لماذا تحترم قواعد التعامل أن تدلل النساء الرجال قبل الزواج؟.. في أعماقها انفجرت ثورة، لا لن تنتظره هذه المرة.. لقد وصلت في موعدها وما دام هو لم يصل فليتحمل النتائج.. وفى حزم اندفعت تغادر مكانها في غضب.. وعبرت الطريق في عصبية مفاجئة، وارتفع صرير إطارات سيارة تحتك في الطريق بقوة مع محاولة صاحبها إيقافها باستماتة.. وأعقبه صوت ارتطام السيارة بجسم لدن.. وشعرت هي بالصدمة ثم تلاشى شعورها بالألم بغتة.. وراحت روحها تفارق جسدها في نعومة وهدوء محلقة نحو الأبدية.. العجيب أنها لم تشعر برهبة الموت حينئذ!..، بل كل ما شعرت به هو السخط؛ لأنه حتى في هذا ستذهب هي أولًا وسيكون عليها أن تنتظره!).

 

 

 

● ليا صديق من أفضل مذيعي الراديو في مصر.. لما كان بيدور لسه على حد يديله فرصة لأنه كان مؤمن بموهبته؛ هداه تفكيره إنه يروح يقف ينتظر واحد مذيع تليفزيون كبير من أهم مقدمي برامج التوك شو حاليًا ويطلب منه إنه يساعده يلاقي فرصة.. كان اليوم ده في الشتا وتحديدًا في العشر أيام الأواخر من نوفمبر.. في عز السقعة راح وقف قدام الأستديو اللي المذيع الكبير بيروح له كل يوم على أمل إنه يقابله.. شافه.. طلب منه الطلب في جملة من كام كلمة (أنا فلان ونفسي أقدم في الإذاعة كمذيع وبحب المهنة دي وحاسس إني هقدر أنجح فيها).. المذيع قاله بكروتة: (أنا قدامي نصف ساعة بالظبط وهخرج ونشوف موضوعك).. قال الجملة ودخل جوه الأستوديو بسرعة.. صديقي انتظر!.. قد إيه؟.. 6 ساعات كاملين!.. الجو كان تلج والدنيا مطرت وهو ماكنش عامل حسابه وهدومه غرقت.. فين وفين لما المذيع خرج من جوه ولقاه لسه واقفله جنب العربية.. المذيع سأله: (إيه ده! أنت لسه واقف؟).. صديقي رد: (كنت مستنيك!).. المذيع بص في الساعة باستغراب وقاله: (أنت مجنون يا ابني أنت عارف أنا قعدت جوه قد إيه؟).. رد: (عارف بس ما أنا كنت مستنيك زي ما أنت قلت).. المذيع سأله: (ولو كنت قعدت جوه للصبح؟)..  رد: (كنت هستناك برضو!).. المذيع ضرب كف بكف وقاله: (يخرب بيتك دا أنا كنت بزحلقك!).. صديقي هز كتفه ودماغه وكأنه بيقول غصب عني كنت هعمل إيه يعني.. المذيع قاله: (عشان خاطر وقفتك دي أنا هساعدك؛ بس هقولك حاجة.. عوّد نفسك ماتجيش على نفسك عشان تستنى حد.. ما تتذلش عشان عايز؛ كل حاجة ولها حدود).

 

 

● جدتي الله يرحمها كان عندها عادة غريبة.. لو مسافرة بالقطر بتحب تروح المحطة قبلها بساعتين!.. ليه ساعتين ماتفهمش!.. ولما أسأل أو أعترض يتقالي منها دايمًا نفس الرد هو هو من سنين..  (إحنا نستنى القطر؛ بس القطر مش هيستنانا)!.. كنت دايمًا بستغرب لما بحاول أطبق المبدأ ده على الواقع.. طب ما إن شا الله ما استنانا! إيه الفكرة إني أنتظر حد أو حاجة مش هتنتظرني!.. يا إما أروح على ميعادي بالظبط يا إما ما أروحش من أصله.. لكن ليه أنتظر!.. أنتظر لكن بحدود.. ماينفعش يكون فيه انتظار طول العمر.. مش شيك على بياض هو!.. الشاعر الأردني "إبراهيم نصر الله" قال: (كل ما يفعله الانتظار هو مراكمة الصدأ فوق أجسادنا).. في وسط الوقت اللي بيضيع وإحنا منتظرين حاجة بنفتكر إنها مهمة؛ بتضيع مننا حاجات تانية مش بناخد بالنا منها بتكون أهم.. الفكرة إنك تعرف هتنتظر مين وإيه لحد إمتى وفين.. ربنا يكفينا شر الانتظار اللي مالوش آخر ويرزقنا البصيرة اللي نقدر نفلتر بيها الحاجات أو الناس اللي يستحقوا الانتظار بجد. ويوهبنا القدرة نلمح المهم اللي بيمر قدامنا وبنكون عميانين عنه.

تابع مواقعنا