الجمعة 01 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شيء من الغباء

الجمعة 10/نوفمبر/2023 - 08:11 م

• في الستينيات وأثناء فترة القلق اللي كان عاملها المناضل الثوري الكوبي الأرجنتيني المولد "تشي جيفارا" والتأثير الكبير اللي كان سببه هو والمجموعة اللي معاه بقى مطلب القبض عليه وإعدامه مطلب حكومي ضروري لأكتر من جهة سواء في محيط أمريكا الجنوبية أو خارجها.. الراجل البسيط اللي كان وزير وقرر يرجع تاني لصفوف الناس العادية ويحارب معاهم عشان حقوقهم خطف قلوب البسطاء مش من بلده بس لكن من كل دول العالم وشافوا فيه رمز الخلاص من كل ظلم واحتلال وقسوة.. حتى مع الخساير الكتير اللي تكبدتها مجموعة "جيفارا" اللي وصلت لدرجة إن مافضلش معاه غير 16 شخص بس لكنهم استمروا مكملين وفضلت فكرة القضاء عليهم صداع عنيف عند المسؤولين الحكوميين في أكتر من دولة.. لحد ما جت لحظة في قمة الألم والعبث في نفس الوقت!.. من أكبر المشاكل اللي كانت بتواجه الدول اللي عايزة تقضي على "جيفارا" ومجموعته هو الإخلاص اللامحدود ليهم من الناس المواطنين العاديين!.. اللي هو مستحيل إن أى استجواب لأى مواطن يجيب نتيجة مهما عذبوه عشان يقول أى معلومة عن المناضل ورجالته!.. لحد هنا تمام.. لكن اللي مش تمام إن في يوم 8 أكتوبر 1967 فيه راعي غنم بسيط في بوليفيا راح لقسم الشرطة وبيقول جملة واحدة بس!.. أنا عندي معلومات عن "جيفارا" ومجموعته وعايز أبلغ عنهم!.. طبعًا الشرطة البوليفية أخدت كلامه بعدم اهتمام بالعكس كمان دول اعتبروه بيشتغلهم لإن مستحيل حد من اللي الراجل قضى كل عمره بيدافع عنهم هييجي عشان يبلغ عنه.. وصل ظن الشرطة البوليفية إن راعي الغنم ده أصلًا جاى عشان يجرهم لمعركة وفخ مع "جيفارا"!.. الموضوع كبر أكتر لما لقوا الراعي مصمم على كلامه!.. الموضوع كبر أكتر كمان وتم إبلاغ قيادة الجيش البوليفي بالأمر اللي قررت قيادته إنهم يتعاملوا مع بلاغ المزارع بشيء من الجدية!.. طب ليه لأ!.. تعالا يا عم الراعي.. إيه الموضوع اللي عندك؟.. "جيفارا" ورجالته مستخبيين في كهف من الكهوف في الوادي اللي أنا بسرح فيه بالغنم بتوعي.. عددهم كم؟.. مش عارف بالظبط بس مايزيدوش عن 20 راجل.. هنا بدأ يبقى كلام الراعي متوافق مع المعلومات اللي عند البوليفيين!.. أيوا الكلام ده أقرب للصح لإن "جيفارا" مش باقي معاه غير 15 أو 16 نفر بالكتير.. قررت قيادة القوات البوليفية إنهم ياخدوا 1500 جندي ويطلعوا على الكهف عشان يجيبوا "جيفارا" واللي معاه.. بسهولة وبسرعة اتضح إن كلام الراعي صح مليون 100% وبدأت معركة صعبة استمرت لمدة 6 ساعات كاملين مات فيها كل أفراد مجموعة "جيفارا" ومافضلش غيره ووقع في الأسر وهو حي بيحارب بشجاعة وفضل حي لمد 24 ساعة قبل ما يتم قتله بعد كده.. فيه ظابط بوليفي اسمه "ميجيل" كان من الناس اللي تتبع ومطاردة "جيفارا" أخدت من عمره سنين ورغم إن لحظة مقتل "جيفارا" تبقى أهم لحظة في حياته إلا إنه ماحسش بطعم الانتصار لإن كان في باله سؤال مهم عايز يعرف عليه إجابة!.. ليه الراعي بلغ عن المناضل اللي بيدافع عن حقه!.. يا عم الظابط "ميجيل" مش المفروض تكون مبسوط إنك قضيت على أخطر راجل ثوري في العالم يبقى ليه عدم الفرحة بس!.. لأ الأهم عندي دلوقتي إجابة سؤالي مش موت "جيفارا".. بالفعل قابل "ميجيل" راعي الغنم وسأله السؤال بشكل مباشر: (لماذا أبلغت عن "تشي جيفارا"؟).. الراعي جاوب بسرعة غريبة وبدون لحظة تفكير وقال: (لأن أصوات الرصاص التي تسببت فيها معاركه مع الشرطة والجيش كانت تزعج أغنامي).. الظابط "ميجيل" اتصدم من الإجابة وسأله: (هل هذا هو فقط السبب؟).. الراعي رد: (ولا يوجد أى سبب غيره!، ألا يكفي!).. هنا جه للظابط "ميجيل" لحظة صمت غريبة وطلع على المكان الموجودة في جثة "جيفارا" عشان يتأمل فيها بأسى ويوجه لها كلام كإنه عايش بالظبط وقال له: (للأسف ليس كل من نضحى لأجلهم يستحقوا هذا الشرف).. قال الجملة وضرب تعظيم سلام للشخص اللي المفروض عدوه واللي المفروض يكون موته هو أسعد لحظة في حياته!.

• التضحية في غير محلها هدر صحة، ووقت، ومشاعر.. إيه معنى إني أحاول عشان شخص مش عايز يتحرك، أو إني أعرض نفسي لأى موقف سخيف من أول الإحراج لحد التضحية بحياتي مرورًا بسيل من التنازلات اللي مالهاش آخر والطرف التاني واقف بيتفرج!.. الاستعداد للتضحية شيء في قمة النُبل لكنه توجيهها غلط، في توقيت غلط، ولشخص غلط شيء في قمة الغباء اللي محدش هيدفع ثمنه غير المُضحي.

تابع مواقعنا