فلسفة البلاء
"هيرمان بورهيف" طبيب وعالم هولندي قديم ومعروف عاش من أكتر من 300 سنة.. درس في جامعة ليدن، وأطلقوا عليه اسم "أبو علم وظائف الأعضاء"!.. هو اللي أسس المستشفى الجامعي الحديث في هولندا، وكان عضو في الأكاديمية الفرنسية للعلوم.. من اللي فات تقدر تفهم بسهولة إزاى إن الراجل ده كان عالم كبير لا يشق لع غبار، والحقيقة إن ده صح بنسبة كبيرة لكن بالتوازي مع كده فيه بعض الناس اعتبروه مجرم لإنه في معظم تجاربه العلمية المثيرة للجدل كان بيستخدم المجرمين وبيدفع فلوس لأهاليهم عشان يوافقوا وبيقول لهم إن أسمائهم هتتكتب في تاريخ البحث العلمي!.. الغريب كمان إن المحكمة العليا والمسؤولين وقتها كانوا بيوافقوه على اللي بيعمله رغم أنه لا يتفق مع أى أعراف إنسانية ولا دينية!.. وجهة نظر "هيرمان" كانت إن المجرمين دول كده كده محكوم عليهم بالإعدام وكده كده هيموتوا يبقى ليه مانستخدمهومش في إفادة العلم!.. المهم إنه في واحدة من التجارب دي وأثناء إعداده لفحص قوة العقل الباطن قرر ينفذ تجربة على مسجون محكوم عليه بالإعدام.. قال للمسجون أنت كده كده هتتعدم بعد شهرين فإحنا قررنا نعدمك دلوقتي عشان الإنتظار مايقتلكش!.. لا والله كتير خيركم بس هتعدموني إزاي؟.. المجرم سأل فجاوب "هيرمان" إننا هنعدمك من خلال تصفية جسمك بالكامل من الدم عشان نشوف التغيرات اللي بتحصل لجسم الإنسان خلال العملية دي!.. ولما شاف التوتر على وش المجرم طمنه وقال له إن دي طريقة هتخلي الموت نفسه عملية بسيطة وسريعة وبدون ألم.. بصراحة هو الأمر ماكنش محتاج موافقة المجرم لإن "هيرمان" كان هيعمل اللي هو عايزه في كل الأحوال.. غطى عين المجرم المسكين، ووصل خرطومين رفيعين على صدره من بدايتهم وخلّى آخرهم عن كفوف إيده ومن خلال فتحات صغيرة في الخرطومين صب شوية ميه دافية وعلى الأرض فيه جردلين بيتصب فيهم قطرات الميه الدافية اللي بتنزل من الخرطومين نقطة نقطة وبيعملوا صوت في الجرادل!.. بس كده؟.. لأ.. كمان شك إيد وصدر المجرم بإبرة على أساس كإنه يعني بيقطع شرايينه أو بيفتح فتحة لقلبه!.. الموضوع يبان طفولي بس للأسف كان مقنع بظروف وقتها.. عايزك تتخيل المشهد كله على بعضه دلوقتي.. المجرم قاعد على كرسي.. متكتف.. متغمي.. فيه خراطيم متوصلة بصدره وبإيده.. هو فاهم إن تم قطع شرايينه وعمل فتحة لقلبه.. سامع فيه صوت قطرات بتنزل جوه الجردل من كفوفه المربوطة!.. والنتيجة؟.. بعد كام دقيقة من الوضع ده لاحظ "هيرمان" واللي معاه إن المجرم بدأ وشه يبقى أصفر وشاحب وفيه عرق غزير بينزل منه.. هو كمان كان بيقول "آه"، "آه" بصوت عالي وبدأت حدة الصوت ده تخف وتبقى أهدا لحد ما مابقاش فيه صوت خالص وراسه نزلت على صدره!.. جريوا عليه عشان يشوفوا إيه اللي حصل لقوه مات!.. مات من الإيحاء.. افتكر إن نقط الميه الدافية اللي هو مش شايفها بس سامع صوتها وحاسس بدافها إنها دمه.. افتكر إن وغزات الإبر المدبوبة في صدره وإيده إنها مشارط جراح حطوها فيه!.. افتكر إن تغمية عينه عملوها عشان مايشوفش دمه وهو بيتصفى.. الشيء الأغرب واللي اكتشفه "هيرمان" إن المجرم مات في نفس التوقيت اللي هياخده أى حد تاني لو دمه بيتصفى فعلًا!.. طب وهو جسم المجرم عرف المعلومة دي منين عشان قلبه يقرر يتوقف في نفس المدة بتاعت تصفية الدم لو التجربة بجد!.. النتيجة النهائية اللي خرج بيها "هيرمان" من التجربة القاسية دي واللي ماكنش محتاج يعملها بالبشاعة دي هي إن الإيحاء قاتل وإن عقلك بيدي أوامر لجسمك ومشاعرك باللي أنت بتتخيله.. يعني خيالك واعتقادك ممكن جدًا يكونوا السبب في موتك أو حياتك، حزنك أو سعادتك.
• أقدراكم تؤخذ من أفواهكم، وقلوبكم، وعقولكم.. لسانك بيكرر شكوى، وندب، وحسرة، وتشاؤم؟.. يبقى عمرك ما هتلمح النور حتى لو كان ضارب في عينك.. عقلك مؤمن إنها مهما ضاقت هتفرج، وهتتدبر؟.. يبقى فعلًا هتتدبر ومن اتجاهات ماكانتش على بالك.. الأمور متقفلة ومالهاش حل؟.. هتقضل متقفلة ومالهاش حل حتى لو حلها كان جنبك أصلًا.. الناس كلها سيئة ومالهاش أمان؟.. حتى لو قابلت نبي، عيونك هتطلع فيه عيوب الدنيا.. أنت حصيلة اللي بتقوله لنفسك.. زى ما شايف، ومقتنع زى ما هيحصل.. البلاء مُعلق بالنطق به، والفرج مُعلق بحسن الظن بالله.