تأجير أم شراكة؟| خلاف بين الأطباء والصحة حول إدارة القطاع الخاص للمستشفيات الحكومية.. ومخاوف من زيادة الأسعار
طرحت الحكومة مشروع قانون للمناقشة في البرلمان يمنح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، ما يعني السماح للقطاع الخاص والمجتمع الأهلي إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية وتطوير الخدمة الطبية، وهو ما قوبل باعتراضات من قبل نقابة الأطباء وانتقادات أبرزها عدم وجود ضمانات كافية لحماية الفرق الطبية، فضلًا عن تخوفات من زيادة أسعار الخدمات على المواطن.
بنود مشروع قانون إتاحة المستشفيات الحكومية لإدارة وتشغيل القطاع الخاص
وعللت الحكومة، في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، أن الهدف تشجيع الاستثمار في القطاع الصحي، والاستغلال الأمثل لأصولها، والحفاظ على المنشآت الصحية وما تشتمل عليه من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها، وجعلها صالحة للاستخدام طوال مدة الالتزام.
وتتلخص بنود مشروع قانون تنظيم منح التزامات المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، في التالي:
- جواز منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين المصريين أو الأجانب.
- الحفاظ على المنشآت الصحية وما تشتمل عليه من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها، وجعلها صالحة للاستخدام طوال مدة الالتزام.
- تقديم الخدمات الصحية بأحكام القوانين والقرارات المطبقة على المنشآت الصحية.
- عدم التنازل عن الالتزام للغير دون الحصول على إذن من مجلس الوزراء.
- مدة الالتزام في الإدارة والتشغيل لا تقل عن ثلاثة أعوام، ولا تزيد على خمسة عشر عامًا.
- في نهاية مدة الالتزام تؤول جميع المنشآت الصحية بما فيها من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها إلى الدولة دون مقابل وبحالة جيدة.
- تُحدد حصة الحكومة وأسس تسعير مقابل الخدمات الصحية ووسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص.
- تسرى على المنشآت الصحية محل الالتزام التشريعات ذات الصلة والضوابط والالتزامات السارية على المنشآت الطبية الخاصة.
- تحديد نسبة الأطباء وأفراد هيئة التمريض والفنيين الأجانب العاملين بالمنشأة الصحية محل الالتزام بقرار من الوزير المختص.
شراكات مع القطاع الخاص أبرزها هرمل ومبرة المعادي
فيما يناقش البرلمان مشروع القانون، أجرت وزارة الصحة مجموعة من الشركات وافق عليها مجلس الوزراء، قبل إحالة القانون إلى لجنة الصحة والموافقة عليه، ومن هذه الشراكات التعاون مع المعهد الفرنسي جوستاف روسي في الانتفاع واستغلال وتشغيل مركز أورام دار السلام، المعروف بـ هرمل، ليكون أول فرع للمعهد خارج فرنسا تحت مسمى جوستاف روسي إنترناشونال مصر.
وتلت هذه الشراكة موافقة مجلس الوزراء على استكمال عدد من الإجراءات لتعاقد المؤسسة العلاجية التابعة لوزارة الصحة مع جمعية مدينة نصر للتنمية والرعاية الاجتماعي لإدارة وتشغيل مستشفى مبرة المعادي.
خلقت هذه الإجراءات حالة من التخوفات النقابية والمجتمعية سيطرت على نقابة الأطباء، أعرب عنها الدكتور أسامة عبدالحي، النقيب العام؛ معللًا أن القانون يفتقد للضمانات الكافية لحماية الأطقم الطبية والإدارية بالمنشآت الصحية الحكومية، سواء كانوا موظفين معينين أو متعاقدين.
نقيب الأطباء: مشروع القانون غامض ولا ضمانات للعاملين
وفي تصريح خاص لـ القاهرة 24، أوضح أسامة عبدالحي، نقيب الأطباء، أنه في حالة تولي القطاع الخاص لإدارة المستشفيات الحكومية لن يكون هناك أي قدرة على تكليف أعضاء المهن الطبية بها، مضيفًا أن القطاع الخاص لن يكون مهتمًا بالتعاقد مع حديثي التخرج، وكذا تدريبهم وتعليمهم وهو مهمة القطاع الحكومي.
وطرح عبدالحي، مجموعة من التساؤلات يجب الإجابة عليها نظرًا لوجود غموض في مشروع القانون، تضمنت في حالة تكليف الخريجين الجدد على القطاع الخاص، من المسؤول عن دفع الرواتب لهم؟، ما اللائحة المالية التي ستخضع لها المنشآت الصحية؟ ومن المسؤول عن تحديد أسعار الخدمات الطبية؟.
وأضاف نقيب الأطباء أن الوزارة لا ترغب في تحمل مسؤوليتها في تطوير المستشفيات وإداراتها، وتشجيع القطاع الخاص عبر تذليل التحديات التي يواجهونها، مؤكدًا أنه يجري حاليًا العمل على إعداد مسودة ملاحظات على مشروع القانون لتقديمها إلى البرلمان.
وأشار إلى أن تكليف المنشآت الحكومية للقطاع الخاص سيؤدي إلى التراخي في بناء مستشفيات جديدة، فضلًا عن وجود العديد من الخدمات الطبية، مثل الولادة القيصرية والطبيعية والزائدة، غير مشمولة في قرارات نفقة الدولة.
تخوفات من زيادة أسعار الخدمات الطبية نتيجة شراكة القطاع الخاص
من جانبه، أعلن الدكتور أبو بكر القاضي، أمين عام صندوق نقابة الأطباء، رفضه لمنح المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص دون ضمانات تمنع زيادة سعر الخدمة الطبية المقدمة للمريض المصري.
وأكد أمين عام صندوق نقابة الأطباء على ضرورة التفكير في تقديم حوافز استثمارية لتشجيع التوسع في إنشاء المستشفيات والعيادات الخاصة، بهدف تحقيق تغطية أعلى للخدمات الطبية للمرضى، عبر زيادة عدد الأسرة بدلًا من منح المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص.
وتساءل القاضي عن سبب عدم تحسين الوزارة لقدراتها الإدارية لتحقيق أقصى استفادة من أصولها بدلًا من اللجوء إلى القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن القضية لها بعد اجتماعي وليست نقابة فحسب، متخوفًا من وقوع المريض فريسة للمستثمر ورغبته في تحقيق الربحية على حساب جيب المواطن.
وأشار أمين صندوق نقابة الأطباء إلى أن مشروع القانون يسمح بالاستعانة بالكوادر الطبية الأجنبية، فمن الممكن استيراد أطباء من دول شرق آسيا بأسعار أقل سعرًا من الطبيب المحلي، وهو ما سيكون له تأثير وتوابع سلبية على فرص العمل للطبيب المصري.
الصحة: تكليف الأطباء لن يتأثر بطرح المستشفيات لإدارة القطاع الخاص.. والرواتب ستزيد
تلخصت التخوفات النقابية من عدم تكليف الأطباء على المستشفيات المسندة إداراتها للقطاع الخاص، ودخول كوادر أجنبية تؤثر على المحلي منها من حيث فرص العمل، وغموض في موقف العاملين بالمنشآت الطبية ورواتبهم، هذا إلى جانب توقعات بقيام المستثمر بزيادة سعر الخدمة الطبية ما يلقي أعباء إضافية على المريض في ظل عدم اكتمال منظومة التأمين الشامل بالوقت الحالي.
في تصريح لـ القاهرة 24، علق الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، على التخوفات والتساؤلات التي تشغل تفكير الكثير من الأطباء والخريجين، في ظل حالة من المعلومات المغلوطة المتداولة وغموض في مشروع القانون.
وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، أن تكليف الأطباء لن يتأثر في ظل مشروع القانون الجديد، فوفقًا للمادة الأولى من قانون التكليف يحق لوزير الصحة التكليف على المستشفيات الحكومية أو القطاع الخاص، وذلك سيكون التكليف وفقًا للاحتياج على المستشفيات حال منح التزام الإدارة والتشغيل لها، بالعائد المادي الذي تحدده وزارة الصحة.
الغرض من شراكة القطاع الخاص تحسين الخدمة وزيادة الإنتاجية
وكشف متحدث وزارة الصحة عن أهمية الشراكة مع القطاع الخاص، والمتمثل في تحسين الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، وزيادة التردد على المستشفى وإجراء عمليات أكثر، دون تحميل أعباء مادية على مرضى نفقة الدولة والتأمين الصحي، منها الشركة مع جمعية مدينة نصر لإدارة مستشفى مبرة المعادي حيث ألزمت الحكومة الجمعية تقديم الخدمات بلائحة أسعار المؤسسة العلاجية، مؤكدًا أن الوزارة مسؤولة عن تسعير الخدمات الطبية المقدمة من قبل المستثمر حتى المستحدث منها.
وأضاف متحدث الصحة، أن القطاع الخاص سيعمل على حسن استغلال الموارد المتاحة من أصول مادية وكوارد بشرية وتقليل أي هدر، مشيرًا إلى أن العاملين في هذه المستشفيات سواء كوادر طبية أو إدارية ستتحسن دخولهم المادية مقارنة بما كانوا يتقاضونه في ظل الإدارة الحكومية، نظرًا لزيادة حجم الإنتاجية خصوصًا الأطباء.
برلماني: القانون بحاجة إلى بعض التعديلات
وحول امتيازات وحوافز شراكة القطاع الخاص لإدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية وتحقيق أرباح، أكد متحدث الصحة أنه وفقًا لمراكز التكلفة والتكلفة الحقيقية، فإن تكلفة الخدمة في مستشفى إشغالها 40% أعلى من تكلفة نفس الخدمة في مستشفى إشغالها 80%، أي أن تكلفة الخدمة المقدمة تقل مع زيادة نسبة الإشغال، وبالتالي يمكن للمستثمر تحقيق عواد مادية ومكاسب من إدارته مستشفى حكومي نسب إشغالها عالية.
بالتزامن مع استمرار مناقشة لجنة الصحة في البرلمان، لمشروع قانون تنظيم منح التزامات المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، أوضح مصدر برلماني في لجنة الصحة، لـ القاهرة 24، أن مشروع القانون لا زال قيد النقاش، وإبداء أي ملاحظات على القانون إلا بعد الانتهاء من المناقشة، معقبًا بقوله: فكرة القانون تحمل نوايا طبية لتحسين الخدمة، لكن هناك بعض التعديلات على القانون سيتم إجراؤها.