الخميس 26 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

إثيوبيا وتركيا وإسرائيل وحروب الوكالة في الصراع العالمي (خط الحرير)

القاهرة 24
الجمعة 22/يناير/2021 - 02:09 ص

الذين تعاملوا مع الكيان الصهيوني بوصفه قاعدة عسكرية ينبغي وضعها تحت الميكروسكوب طيلة الوقت؛ وحدهم من يستطيعون قراءة المشروعات الصهيونية في المنطقة، وليس أولئك الذين ساهموا في تقديم الكيان الصهيوني كدولة تحتفظ بقدر من الديمقراطية وتعمل على هدف إنساني في لمّ شتات يهود العالم، وأنهم راغبون في العيش في سلام مع محيطهم والأسرة العربية تحديدًا.

الذين لم يأمنوا يومًا لدولة الكيان الصهيوني ورموزها الملطخة أياديهم بدماء آبائنا وأجدادنا، ومن قبل ذلك الأنبياء والرسل؛ كثيرًا ما واجهوا الاتهام بتبني نظرية المؤامرة، وراح البعض يعتبرهم مرضى بهوس المؤامرة، يستحق بعضهم الشفقة، وهو جانب من خطاب يستهدف سيادة رؤى ومفاهيم معينة تُخدِّم بدورها على مخططات الأعداء وتحديدًا مخطط (من الفرات إلى النيل أرضك يا إسرائيل).

من يمتلك دفتر أحوال الكيان الصهيوني (يومياته) وحده القادر على التعامل مع تحركاته المعادية لمصر سواء في إفريقيا أو آسيا، ويقينًا فإن المعنيين برصد تفاصيل اليوميات (المخابرات العامة) لم تغفل أعينهم لحظة عن الأنشطة الصهيونية سواء في تل أبيب أو دول الفناء الخلفي لأمريكا أو أوروبا أو حتى البلدان العربية، التي صدرت مواطنيها إلى إسرائيل، أو تلك التي طبّعت مؤخرًا وهي تدرك أنها لاحقًا سوف تصبح جزءًا من إسرائيل جنبًا إلى جنب مع دول أخرى، لتشكل تحالفًا ضد القوى الجذرية المعادية لمخططات إسرائيل.. هذه القوى هي مصر التي تقف حاليًّا وبكل قوتها للتصدي للمشروعات الصهيونية المعلن منها وغير المعلن.. الذي تنفذه مباشرة والذي يقوم آخرون بتنفيذه. 

قليل أولئك الذين ربطوا بين المشروع التركي غير الإنساني عندما حرَمَ نصف شعب العراق من المياه بسبب سد (إليسو) والذي جلب الفقر والتشريد لأهلنا في العراق؛ وبين ترتيبات صهيونية في العراق اقتضت وجودًا خاصًّا للموساد في العراق، فضلا عن رؤوس الأموال الصهيونية والعربية وأطقم العمل وفرق الخراب والدمار (داعش والفسدة)؛ للتخديم على تنفيذ مخططهم لاحتلال مصر والعراق. (من الفرات إلى النيل)، تركيا حضرت في عشرات الملفات على مستوى العالم، لكن خطتها في العراق وسوريا لا تقل خطورة عن أجندتها في إفريقيا في سياق استعادة بلدان الباب العالي، ولذا لا غرابة في أن تكون تركيا الشريك الثاني لإثيوبيا بعد الصين من حيث الاستثمارات، ولا غرابة في الوجود التركي في الصومال وجيبوتي وأيضًا إريتريا فضلًا عن ليبيا ودول إفريقية أخرى، مدركة أن خط الحرير الصيني الذي يستهدف نحو مليار ونصف المليار نسمة في إفريقيا وثروات طبيعية هائلة وأيدي عاملة رخيصة؛ سوف تتصدى له أمريكا وأوروبا والتجمع البريطاني القادم بعد البريكست، ليكون تجمعًا ماليًّا ينافس أمريكا وأوروبا والصين التي تخشاه بريطانيا التي تنتمي لهوس انتقام التنين الصيني لحروب الأفيون.

الصين ربطت جيبوتي بقطار سريع بإثيوبيا التي تحتاج إلى ساحل أمن على البحر الأحمر وهو نفس رغبة تركيا، كما قامت الصين بتدشين موقع صناعي فى إثيوبيا سيمتد لاحقًا، فضلًا عن قطار كينيا وأنشطة صينية أخرى طموحة دفعت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض شركائها في الدفع باستثمارات في القارة الإفريقية فكانت مشروعات مايكروسفت وجوجل وفيسبوك وغيرها.

تركيا تمارس أقصى أنواع الممارسات العدائية ضد مصر بما فيها في ذلك آبي أحمد المدعوم إسرائيليًّا وأمريكيًّا وغربيًّا بل وعربيًّا، ويرى أنه بإمكانه ضم وإلحاق الصومال وجيبوتي وإريتريا لإثيوبيا، لتلعب إثيوبيا لاحقًا أهم الأدوار في الصراع العالمي في القارة الإفريقية وحماية استثمارات القوى العظمى وخوض الحروب نيابة عنها رغم أن الصين تحتل المرتبة الأولى في إثيوبيا تليها تركيا. 

سد النهضة ليس كالسد الإثيوبي في كينيا الذي أصابها في مقتل، وليس كسد الصومال أو أي سد إثيوبي، وإنما سد النهضة معنيٌّ بتركيع شعب مصر وجعله مماثلًا للشعب الصومالي الذي عانى ويعاني المجاعات والموت.

معظم الذين استثمروا في سد النهضة يدركون أن المشاركة في بناء السد لن تحقق الغايات المعلنة بشأنها، وإنما سوف تندلع بسببه أعتى المعارك، واثقين أن الجانب المصري لن يكون رد فعله مثل كينيا أو الصومال أو العراق.

المصريون سيعلنون حربًا عبوسًا ضد إثيوبيا ومن يقف خلفها، ولم ولن يسمحوا بالاحتيال على الطبيعة لقتل شعوب ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، لكن بؤس المخابرات الاثيوبية يتجلى في عدم قدرتها على التنبؤ بما يمكن أن يفعله المصريون لا سيما وأن الوضع في القرن الإفريقي لا يحتاج جهودًا كبيرة لجعل إثيوبيا تعيش صراعًا ينتهي إلى إعادة انكماش أرضها لتعود كما كانت، ونظرة بسيطة على الأطماع الإثيوبية في الصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان، والأطماع الإريترية في تيجراي بل وإثيوبيا، حيث احتلت إريتريا بالفعل أراضي إثيوبيا أثناء مساعدتها القوات الإثيوبية في قمع التيجراي، كما أن إثيوبيا تطمع في ضم إريتريا، فضلا عن مشروعات العفر والأورمو وغيرهم، تدرك أن مصر ستعمل بهدوء حتى تصل الى سد النهضة وتشغيله مصريًّا.

أما الذين ارتأت لهم أن مصر قطعة جبن يمكن تشطيرها بسهولة وهدمها وإلى الأبد سواء كانوا من الأعداء التقليديين أو بني جلدتنا؛ فهم لا يقرأون التاريخ ولا يعرفون محركاته وسواكنه ولا يفرقون بين ركضهم وفهلوتهم في بلدان مطحونة لنهب ذهبها وماسها وضخه في عاصمة العصابات وكل ما هو غير قانوني من خلال عصابات أوروبا وإسرائيل فليست مصر تلك الدول.. مصر كما كانت وسوف تظل دومًا لها القدرة على دك صخور الجبال الرواس؛ وعليها أن تعد عدتها لمواجهة الجميع.. لنعيد التعريف بأنفسنا.

 

تابع مواقعنا