أميرة طنطاوي تكتب: قانون الأحوال الشخصية
تصاعدت المطالب بتعديل قانون الأحوال الشخصية وتساءل العديد عن تصورات قد يتم طرحها بالقانون، وعلق الجميع آمالهم على قانون منصف، متوسمين فيه التطور والحداثة والعدالة الناجزة، إلى أن ظهرت مسودة للقانون المقترح مجهولة الهوية ليرتطم على صخرتها آمال المتضررين!
فمن زاوية أخري ترى المرأة المصرية تطور القوانين لتنصر مثيلاتها بالدول العربية المحيطة بدايةً بالسعودية مثلا التي تنتفض من عفن الذكورية المغلفة بغلاف ديني، وتطرح مسودة لإلغاء الطلاق الشفهي، وتسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة كأقل حق للمرأة في العصر الحديث، وهنالك أيضا المغرب والسودان قد انضموا إلى الركب التنويري والتحرر من عصر السلطوية الأبوية، والتخلص من المسيوجينية بخطوات ثابتة وسريعة، ثم ننظر لحال المرأة المصرية ونظرة الحكومة لها في قانون كارثي إن كان حقيقيًّا مقترحًا من حكومة رئيس الوزراء في ظل القيادة السياسية الحالية الداعمة للمرأة ونصرتها!
لتكتشف أن النظرة الدونية للمرأة أساسها التشريعات الحكومية! تشريعات كارثية بكل المقاييس لا تليق بالمرأة المصرية ولا بواقع معاناتها بل ألغت شخصيتها القانونية وولايتها على نفسها بل حتى أنها ألغت ولايتها على أبنائها! ومما زاد الطين بلة، أوكازيون عقوبات بالحبس للجميع!
في مشهد يصلح للكوميديا السوداء، يطرح المشرع عقوبة بالحبس والغرامة على عدم إعلام الزوجة الأولى! لمْ يعمل المشرع على تقييد التعدد بأن يجعله كنظيره من القانون المغربي مثلا أن يتم الحضور أمام القاضي ويقدم الزوج إفادات بالقدرة البدنية والمادية للتعدد بإعلام الزوجة أمام القضاء، مما يساهم في تحجيم ظاهرة التعدد التي خلفت وراءها ارتفاع نسب الزيادة السكانية على سبيل المثال، ناهيك عن مشاكل الميراث ومفاجأة الأبناء بأن لهم إخوة لا يعلمون عنهم شيئًا، وبث روح العداوة والبغضاء فيما بينهم! دون علم أي طرف عن تلك الزيجة!
وحدث ولا حرج عن عدم التطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى مشاكل الإجراءات وأمد التقاضي نفسه! ولا عن عقوبات خطف الأطفال وابتزاز الأم الحاضن للتنازل عن حقوقها الشرعية والقانونية ولم يلتفت أبدا لعضولهن للافتداء! بل شجع على تقنين الخطف باقتراح استضافة بالإجبار، ولم يضع لها أي ضوابط سوى شرط الاتفاق!
وماذا عن الأطفال المخطوفين والمحرومين من التعليم بسبب إخفائهم؟ وماذا عن تجريم حرمان الطفل من التعليم وماذا عن إرجاع الأطفال المخطوفة وآليات تنفيذ أحكام الضم وقرارات التسليم من المحامي العام؟! وغيرها من كوارث حقيقية تنافى الإنسانية وواقع معاناة المتضررات من قانون الأحوال الشخصية الحالي بالفعل، وأما عن المتضررين فهنالك باب النسب الذي ينسب طفل الزنا إلى الزوج بل ويرث فيه بالإجبار!
لماذا لا يتم تخيير الزوج المكلوم بخبر أن من ظن أنه ولده هو ابن زنا قد حملت فيه أمه سفاحًا وألصقت الطفل بالزوج ثم لا يتحرك معه القانون إلا ليرغمه على تسجيله باسمه وميراث له فيه! وما ذنب الزوج! ألا ندع له الاختيار؟! ألا نرى أنه بذلك قد يقبل الزوج على جريمة بحق الطفل؟!
وعن احتساب مدة إثبات النسب فحدث ولا حرج، فالمشرع يرى أن احتساب النسب من 6 أشهر بعد عقد الزواج و12 شهرًا بعد الطلاق! أي مدة حمل هذه؟! هل لا يزال المشرع يلجأ لفقه الأئمة الأربعة ممن تراءى لأحدهم في زمنهم أن المراة قد تصل مدة حملها لأربع سنوات؟!
إن العبثية في وضع قوانين بتلك الحساسية لا تعمل إلا على إثارة حفيظة الشعب المصري نساءً كانوا أو رجالًا، وإن الوصف الدقيق لتلك المسودة الكارثية هو أنه قانون موحد المتضررين على رفضه.