مصريون بالخارج أجبرهم فيروس كورونا على العودة لمواجهة شبح البطالة (تقرير)
في شهر مارس الماضي كان يعيش فتحي علي، ظروفًا صعبة بعد عودته من دولة الكويت، في إجازة كانت مدتها 12 يوما، ظهر وانتشر خلالها فيروس كورونا المستجد “كوفيد -19″، مما أدى إلى توقف الرحلات الجوية إلى الكويت، لتتحول الإجازة إلى إقامة كاملة في مسقط رأسه بمحافظة الدقهلية، بعد 14 عاما من العمل في “الغربة”.
فتحي، ليس الوحيد الذي واجه ظروفًا صعبة بسبب انتشار فيروس كورونا وتعرض لفقد عمله، بل هناك ما يقرب من 9.5 ملايين مصري يعملون بالخارج حسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ووزارة الهجرة، تعرض بعضهم لنفس الأزمة وعادوا إلى مصر ليواجهوا مصير “البطالة” أو البحث عن فرصة عمل.
“فجأة كل شيء اتلخبط في حياتي من استقرار واطمئنان تام لعشوائية غير مفهومة”، بتلك الكلمات عبر فتحي لـ”القاهرة 24″، عما تعرض له بعد انتشار وباء كورونا وعدم قدرته على السفر مرة أخرى.
يعود فتحي، بذاكرته إلى يوم 6 مارس الماضي، الذي أكد أنه لم يكن سهلًا بالنسبة له، موضحا أنه أتم فيه آخر أيام إجازته بمصر التي كانت لحضور مراسم جنازة والدته بعد وفاتها، لتدهور حالتها الصحية، مرورًا بخبر إغلاق حركة الطيران، ما أدى إلى سقوط إقامته وفقدانه لعمله الذي استمر فيه لمدة 14 عامًا بدولة الكويت.
لم يكن الفقد فقط للعمل، لكن فتحي نجح بعد معاناة في إعادة زوجته وأطفاله الثلاثة الذين أصبحوا عالقين بدولة الكويت دون دخل أو عائل مادي، بعد نزوله إجازة لمصر.
وبعد ثلاثة أشهر عاشها فتحي، بين التشتت والوحدة وعدم التركيز، بدأ في البحث عن العمل بعدما استطاع نقل أسرته بجانبه، ليبدأ عمله كمهندس إنتاج وصيانة في أحد المصانع بمنطقة العاشر من رمضان “باب جديد من الرزق، وبداية من الصفر”، قدم لابنته في إحدى المدارس الحكومية وبدت الأمور تستقر في موضعها الجديد داخل موطنه، إلى أن تأتي له فرصة أخرى للعمل بالخارج.
وزيرة الهجرة: المصريون بالخارج يضربون أروع الأمثلة في وطنيتهم وولائهم لمصر (صور)
وحسب مها سالم، المتحدثة الإعلامية لوزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، فإن هناك 70 ألف مصري، عَلقوا في عدد من دول العالم نتيجة تفشي فيروس كورونا وما فرضه على الدول من عمليات الإغلاق، موضحا أنهم عبارة عن دراسين في الخارج وزوار وسائحين أو انتهى عملهم.
على أمل العودة
تجربة محمد، كانت مختلفة عن الآخرين كونها الأولى له ولم تستمر سوى ثلاثة أشهر فقط بسبب ظهور وباء كورونا، ما أدى إلى حظر كامل يُغطي أركان المملكة العربية السعودية، ونتج عنه توقفه عن العمل لمدة أربعة أشهر دون عائد مادي، حيث كان يعمل نقاشا.
قال محمد لـ”القاهرة 24″ :”لو كورونا اتأخرت سنة واحدة كانت هتبقى الأمور معايا كويسة”، سافر محمد مظهر صاحب الـ31 عاما ويعيش بمحافظة المنيا إلى دولة السعودية، على أمل الاستقرار هناك مدة لا تقل عن 10 سنوات ومن ثم يعود إلى مصر كي يفتتح مصنعه الذي كان يحلم به، لكن وباء كورونا أجبره على العودة مرة أخرى ليبدأ رحلة “البطالة”، وتحمّل هم الإنفاق على أسرته، “بشتغل يوم وعاطل تلاتة”، مؤكدا أنه ينتظر فرصة عمل تأتي له من الخارج ليُجرب حظه مرة أخرى ساعيًا وراء حلمه لتحقيقه، “عندي طموح وهسافر تاني”، مُشيرًا إلى أن حياته كانت في طريقها للتحسن حيث كان يحصل شهريًا على 3 آلاف ريال، مما يُعادل 13 ألف جنيه بالمصري.
“الغربة” تسرق العمر
في أواخر شهر فبراير، وبإحدى شركات الاستشارات الهندسية بدولة السعودية، كان يعمل عادل مشرف معماري، منذ عام 2010، وبدون سابق إنذار قُطع عنه الراتب لمدة أربعة أشهر متواصلة بسبب فيروس كورونا، وكان ذلك بناءً على رفض الشركة صرف الرواتب في ظروف تأخيرها من الحكومة، مما جعله يأخذ قرار النزول إلى مصر بشكل نهائي.
“طعم البُعاد صبار .. والغربة ليل بهتان”، يُعبّر عادل عن مدى تعبه من السفر لسنوات طويلة الأجل بعيدًا عن أهله، وعلى الرغم من قوله بأن مستوى المعيشة في السعودية أفضل، إلا أنه لا يريد أن يُسافر مرة أخرى بشكل قطعي، وكل ما يحتاجه هو أن يستقر في مصر “مُستحيل أسافر مرة أخرى لأني أُجهدت من الغربة، ووجودي في الأوضاع الحالية مع أهلي هي الأفضل”.
ويبدأ عادل، حياته الجديدة في مصر بشراء سيارة، بعد أن حصل على جميع رواتبه ومستحقاته التي لم يحصل عليها هناك، وفي طريقه للبحث عن كيفية الاستفادة منها لتكون مصدر رزق له.
بالرغم من عودة عدد من العاملين المصريين بالخارج، فإن بيانات البنك المركزي المصري، أظهرت تزايد تحويلاتهم خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي 2020 بنسبة بلغت نحو 8% مقارنة بمعدلاتها في نفس الفترة من العام 2019 الذي سبق انتشار فيروس كورونا.
وبلغت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الفترة من يناير وحتى يوليو الماضي 17 مليار دولار، وهو معدل أعلى من نظيره في الفترة المماثلة من العام السابق 2019 حيث بلغ 15.7 مليار دولار بزيادة قدرها 1.3 مليار دولار.