وائل لطفي يكتب: من حق طبيب الميكروباص أن يمارس الجنس!
نعم من حق الطبيب الذي مارس العادة السرية أن يمارس الجنس، هذا شاب محروم من أبسط حقوقه الطبيعية، ومن حقّه هو وغيره أن ينال هذا الحق، أنا لا أقول لك إن من حقه أن يدخل في علاقات محرمة -لا سمح الله- ولكنني أقول لك إن من حقه أن يتزوج، وأقول لك أيضا إن من واجب المجتمع أن يساعده وأن يتزوج في سن معقولة.. أنت تتحدث هنا ليس فقط عن طبيب، ولكن عن معيد في كلية الطب، يعني شاب متفوق للغاية ومع ذلك لا تسمح له ظروفه أن يتزوج ويعاني من الكبت والحرمان، فيلجأ لهذه الوسيلة المهينة لآدميته وآدمية غيره، ثم يواجه هذا المصير الذي يستحقه.
قد يتقعر وجه أحدهم ويقول (وماله الأستاذ وائل لطفي بهذا الموضوع؟).. خاصة أن مقالا مثل هذا لن يحظى بـ(لايك) من مسئول مهم، ولن تجري معك برامج التوك شو مداخلة حوله، ولكن الحقيقة أن ما أقوم به هو واجب الكاتب نحو مجتمعه، ويمكنني أن أقسم لك أن يوسف إدريس لو كان حيا بيننا لما تردد في أن يكتب في تلك القضية.
توقيع كتاب “دعاة السوبر ماركت” لوائل لطفي في نادي جاردن سيتي الأربعاء (صور)
قضية حق الشباب في ممارسة الجنس أو في الزواج في سن مبكرة ووفق شروط آدمية، قضية أمن قومي، ويمكنك أن تدخل على (جوجل) وتكتب «أضرار عدم ممارسة الجنس» لتحصل على عشرات النتائج، من الاكتئاب إلى العدوان، إلى عدم إجادة العمل.. إنني أنتظر من الشباب الذين نجحوا في قوائم الأحزاب والكيانات المختلفة أن يتبنوا قضية مثل تيسير سن الزواج للشباب، فقضايا الأمن القومي ليست هي ما يخص الإخوان وتركيا وإثيوبيا وكافة الأعداء المتربصين بمصر فقط، بل إن تسهيل الزواج كان دائما أحد الأبواب التي تدخل منها جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات للشباب لضمهم واحتوائهم من خلال منحهم حقهم في ممارسة الجنس أو الزواج.
طبيب يتحرش بفتاة ويمارس “العادة السرية” داخل ميكروباص في الشرقية (صور وفيديو)
لو كان طبيب الميكروباص هذا بواب عمارة من الفيوم يعمل في القاهرة مثلا؛ لتزوج وهو في السابعة عشر من عمره، ولأنجب نصف دستة أطفال على الأقل قبل أن يبلغ عامه الخامس والعشرين، ولأطلقهم في الشوارع يعملون ويأكلون من خشاش الأرض ويتحمل المجتمع بعض عبئهم في النهاية.. ولو كان ابنا لأسرة موسرة لخطبوا له زميلته في الجامعة وزوجوه قبل أن يتم الثالثة والعشرين، لكن طبيب الميكروباص يحمل صليب الانتماء للطبقة الوسطى على كتفيه، حيث مطلوب منه أن يتفوق بأقل الإمكانات، وأن يحافظ على أخلاقه دون زواج، وأن يكون نفسه دون رشوة أو انحراف (لأنه تربي أن هذا حرام وهو حرام فعلا)، وبالتالي لا يكون أمامه سوى الهجرة أو الاكتئاب والاضمحلال أو مخالفة ما تربي عليه فيفقد نفسه بصورة أو بأخرى.
ماهو المطلوب إذن؟ المطلوب هو أن ننشر ثقافة تسهيل شروط الزواج بين أبناء الطبقة الوسطى، وأن نتحدث عن هذا في البرامج، وأن نعلّم الشباب أن الزواج المبكر لا يعني الإنجاب المبكر، وأن تتبنى مؤسسة خيرية أو أكثر تسهيل الزواج الشباب، وأن يدرك كل أب وأم أن تزويج ابنه وابنته في سن مبكرة ليس رفاهية وليس انحلالا وليس دلعا فارغا.. أنت ترى طبيب الميكروباص مجرما، وأنا أقول لك إنه في أغلب الأحوال ضحية (مالم يكن مريضا بمرض التحرش أو التعري أو العدوان) وأن من حقه هو والآلاف غيره ممارسة الجنس في سن مبكرة وفق ضوابط المجتمع، على الأقل حتى إشعار آخر.