أمين كبار العلماء: السلام هو أساس التعايش فما خلق الإنسان من أجل الحرب
قال فضيلة الدكتور عباس شومان الأمين العام لهيئة كبار العلماء في تصريحات صحفية خلال مشاركته في الملتقى الخامس لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة إن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم، هو البر والإحسان، والمسالمة والموادعة لا الحرب والقتال. ولما كان السلام هو الأساس الذي يتعايش به الناس في حياتهم وتستقر به أمورهم؛ فإن رسالات السماء جميعًا قد دعت إلى السلام ورغَّبت فيه، فجعل الله السلام من فرائضه على خلقه المؤمنين، فأنعم به عليهم ودعاهم إلى تحقيقه، ففي إنجيل متَّى: «طُوبَى لِصانِعِي السَّلامِ»، وفي القرآن الكريم يحث الله عز وجل المسلمين على السلام حتى لو كان مع قوم محاربين، فمتى جنح المحاربون للسلام وارتضوه؛ فإن الله السلام يأمر بمسالمتهم، يقول سبحانه: «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ»، بل إن النصوص التي يقرأها بعض المتعالمين بعين عوراء لا تبصر منها سوى بعض جوانبها التي لا يريد هؤلاء إبصارَ غيرِها، تجد السلام مطلبًا أصيلًا فيها.
وأكد أن السلام المنشود في الدنيا يتناقض بطبيعة الحال مع الحروب والاعتداءات بجميع صورها، ولذا أمرنا الشرع الحنيف أن ندرأ الحروب ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، فما خُلق الإنسان من أجل الحرب والعداء، وإنما خُلق لعمارة الكون، وتنمية الأرض، والتعارف مع أخيه الإنسان في الشرق والغرب. ومن أجل ذلك كانت المعاهدات والمواثيق آليَّة مثلى ومرجعية عليا لدرء الحرب وإنهاء القتال، أو حل أي خلاف عارض أو مشكلة طارئة، منعًا لحدوث نزاع أو شقاق يهدِّد الطرفين أو الأطراف المتعاهدة، وعدم السماح بتفاقم الأمور إلى درجة قيام الحروب.
وقد حرص المسلمون أشد الحرص على عقد العهود والمواثيق مع غيرهم. والمتأمل في عهود المسلمين ومواثيقهم عبر التاريخ الإسلامي الممتد إلى أكثر من أربعةَ عشرَ قرنًا، وخاصة في المرحلة المبكرة لتكوين دولة الإسلام في المدينة المنورة؛ يراها تهدف إلى إحدى غايتين لا ثالث لهما: الأولى: إقرار سِلم قائم وتثبيت دعائمه؛ حتى لا يتحول هذا السِّلم إلى احتمال اعتداء، والثانية: إنهاء حالة حربٍ عابرة وطارئة، والعودة مرة أخرى إلى الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وهو السِّلم.
إن أقل تدبر لوقائع التاريخ الإسلامي منذ الصدر الأول للإسلام إلى وقتنا هذا، يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن المسلمين عند عهودهم، يلتزم بها مجموعهم ولا يجوز بحال من الأحوال أن ينقضها بعضهم وإن رأى أنها ظالمة مجحفة؛ فرغم ما تضمنه صلح الحديبية مثلًا من شروط رآها بعض الصحابة مجحفة، لكنهم قَبِلوها ولو مرغمين امتثالًا لأوامر الله عز وجل، وإذعانًا لصنيع رسوله قائد الأمة ﷺ.