إسلام كمال يكتب: الوسيلة الوحيدة لإعادة الهوية المصرية!
بداية موجة الحجاب في مصر، والتى تبلورت بشكل أو آخر في نهاية السبعينات وبداية الثمانيات، وعلى بعدها الدينى، الذي فيه قيل وقال، بين الفقهاء، كانت وراءها أجندات بعيدة عن الدين نهائيا، بل كانت تنفذ أجندات ما، لضرب الهوية المصرية.
جانبها الأخطر هو الأجهزة الأجنبية، التى منها الشقيقة وغيرها، والتى وقفت وراء نشر الأزياء ذات الطابع الدينى، وشوهت الأدمغة المصرية، في سبيل تغيير هوية المجتمع، والسيطرة على ولاءاته، وتحويلها من اتجاه لأخر، وتفاقم الأمر أكثر وأكثر مع نشر الأزياء غير المصرية من عباءات وبالطوهات وأنواع حجابات وخمارات ونقابات من مختلف الجنسيات الإسلامية، وبدلا من التأثير الاعتيادى التاريخى المصري عليهم، تأثر مجتمعنا تماما، وأصبح مسخا مجمعا من هذه الهويات، بين السعودية والتركية وحتى الماليزية.
فأصبح الشارع المصري كرنڤالى الطابع، بلا شكل معين، وتفاقمت أزمة غياب الهوية وتشويش الصورة الذهنية المصرية، بانتشار مفاهيم وقيم غير مصرية مليئة بالتطرف والأصولية، مع تراجع المستوى التعليمى المصري واختراق المؤسسات المصرية الموجهة من متأسلمين وشخصيات ذوى انتماءات متخبطة، وظهرت مؤثرات إعلامية جديدة غير مصرية لها أجنداتها الجديدة، شاركت في هذا التشويش والتشويه.
الأغلبية تعلق الأمر على محور سفر العمالة والموظفين والكفاءات المصرية للخليج، لكن القصة في تصورى أعقد من ذلك، لأنه كان وراءها خطط منظمة بتمويلات ضخمة وتوجهات مرصودة، والدولة المصرية للأسف كانت منشغلة ومتخبطة بعدة ملفات، واستغل الأصدقاء قبل الأعداء فترة تبلور الدولة والمجتمع ما بعد الخروج من الحرب، فحتى لو كنت منتصرا، هناك فاتورة تدفع، وكان للانفتاح غير المحسوب ويلاته المختلفة، لكن هذا جانب واحد فقط من جوانب إنتهت بنا إلى هذا المصير.
الكل يعرف موقفى من الزعيم المحرر الشهيد السادات، لكن له سقطاته في الملف المتأسلم، الذي استغله الأصدقاء والأعداء في هذا الإطار وغيره، وهو نفسه دفع الثمن بإغتياله على أيدى هؤلاء الإرهابيين وحلفاءهم.
البعض، خاصة المتطرفين الذين يتربحون من وراء هذا التشويش، وغير العارفين المستثارين دائما، سيصل بهم الأمر أن يتهموننى بالمجون والسفور، وغيرها من الاتهامات المعلبة ضد أى طرح مستنير للنقاش، وسيرددون على مسامعى جمل من نوعية، يعنى إنتا مراتك وأخواتك مش محجبات؟! .. وأنا مضطر للتأكيد إنى لا أتكلم في ملف الحجاب في حد ذاته، ولست مع حملات “تخليع” الحجاب التى تقودوها بعض الأسماء المستفزة، وهذا نفسه يظهر مدى سوءات الإجبار عن جهل، وإعتيادية الحدث بلا فهم أو معرفة..أنا أتحدث عن اللعب على تقربنا للدين، والإصرار على أن يكون بطريقة غير مصرية..هذا فقط هدفي، حتى لا ينشغل البعض بأى فهم آخر.
المفارقة إن من شارك بالتخطيط والتمويل في تغيير هوية المجتمع المصري، هو نفسه يتغير الآن، ويركن الوهابية جانبا، وسنرى شكلا جديدا له مع الوقت، وتركوا لنا المرض العضال باقيا بيننا، فمتى نصحو من غفلتنا، ونحن لنا تراثنا الدينى والثقافى السمح الغنى، ومهما كانت الضربات المنوعة التى توجه لنا، يجب أن نعود ونقف على أرجلنا من جديد، ونعيد روحنا التى سحبوها، ومن المفرح لى شخصيا، أنى علمت أن الدولة المصرية تقود مشروعا قوميا ثقافيا له عدة محاور، كانت بدايته مسحا غير معلن لتحديد الأولويات، والإطلاع على تفاصيل التغيبرات، ومواجهة التحولات السلبية، وسيكون للمثقفين بحق، لا المصطنعين الموجهين..والآئمة المستنيرين، لا أصحاب الأدمغة المنغلقة، دورا كبيرا في هذا المشروع، الذي أعتبره الأمل الكبير للعودة المصرية.
أخيرا، هناك مراكز فكر حول العالم منها الاسرائيلية لديها كتب وتحليلات في الشريعة الإسلامية، لن يجدها البعض فى دول إسلامية، أتمنى أن نطلق مشروعا حول الاهتمام الأجنبي وإلاسرائيلي بالذات بملف المتأسلمين، لأن دراساتهم معقدة في هذا الشأن، وترجمة هذه الدراسات والكتب، ستجعلنا نفهم أكثر وأكثر ما يريدوها منا بالتلاعب بالتراث المثير للجدل المنسوب للإسلام.