الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

يحيى ياسين يكتب: “رحيل” (قصة قصيرة)

القاهرة 24
ثقافة
الأربعاء 02/ديسمبر/2020 - 04:37 م

“أنا حقيق بما أشعر الآن”، ما كنت يومًا يروق لي مدح أحدهم، لا أعلم لماذا لم أكُ أصدق جارتنا التي تنفس في وجه أمي بعبارات الذب عن الحسد حين أتفوق في مدرستي -وعيناها ينثران غير ذلك-، وما توقفت خالتي عن مقارنتي بولدها البائس قط، هكذا استكمل الرفيق حديثه…..

 

“ما كنت أعلم ما الحسد، سوى أنّ تلك العجوز كلما ذكرت شيئا ألقت بأصابعها الخمسة في وجه السامع، في همز ولمز بينما نسوة المنزل “يُمصمصون” في تأفف وتعجب”.

 

“أذكر جيدًا حين لطمَت تلك العجوز ورقعت بصوتها، ما مر صخب نحيبها على أذني حتى تجمعت القرية في منزلنا، ما زال “عديد” النسوة في حارتنا يرن في أذني، “حبيبتي قومي بينا جوه.. حديتك لذيذ وقعدتك حلوة.. ياما قعدنا على الفراش اتنين.. حديت الحبيبة مليح وزين.. مين يجيب لي حبيبتي تاني.. تسهر معايا الليل الأخراني، ماتت أمّي، كأنّ النهار أظلم ولم يُنر بعدها.

 

يقول الصبيّ، نحبت كثيرًا في فراشي وكانت زوج أبي تسمع أنيني وتتهامس كأن لم تسمع، ناجيت الله بـ”نحيبي”، و”رجف قلبي”، وحزني، ولا زلت أناجيه، كان شيخي يُطيل شرح شروط إجابة الدعاء فيرغبني في الإلحاح وما أدري ما الإلحاح، ألحّيت كثيرًا ولا زال قلبي يُلح بإنصاف له وما زال نبضه يعلو ولا يهبط.

يحيى ياسين يكتب: «رمادي» (قصة قصيرة)

 

ما مضى “أربعين” على رحيلها حتّى أقبلت تلك البائسة في فراش أمّي، قليلا مضى حتى توسعت الأسرة فأنجبت ثلاثًا، “العيل بييجي برزقه”، ما كنت أفهم ماهية الإنجاب فلم أك أشاركه فرحة مولودهم، كنت أعلم كم سيقاسي بين أروقة هذه الجدران الحزينة، إلا إنّ أبي ما رآهم إلا عُزوة له فما أورثهم سوى فقر وعالة على هذا وذاك يجمع قوت يومه بهم، يطلب حاجته من القوم لأنّه يعول هذا الكم من الأطفال.

لا يستكمل الواحد منّا بضعًا من السنين حتى يُلقى للوحش، هذا عليٌّ يجني ثومًا، وآخر يبيع لُقيمات أعدّتها الحرباء زوج أبي، لقد عَرَفنا طريق الشارع ليس للهو كالصبية، إنما يسُف أحدنا ترابه كي يجني قوتًا لعله يكفي حتى نهاية اليوم.

 

شبّت الإناث واخضرّت لِحى الصبية، ضاق المنزل حتى كاد أحدنا يميز عرق أخيه من تلاصقنا بين جدرانه، ورحلت زوج أبي، فما جفّ فراشها من ريحها حتى تزوج بأخرى!، ضاقت الدُنا حتى كدت أشعر أنّ أنفاسي ألفظها ولا أستطيع التقاطها، فهل أفعلها؟

 

يُتبع،،،،،،،،،،

تابع مواقعنا