أوجاع مضاعفة.. كيف أثر فيروس كورونا في ذوي الاحتياجات الخاصة؟
لحظات صعبة يعيشها “ج.س” الذي يعاني من شلل الأطفال مع ضعف وضمور في العضلات، بعد فصله عن العمل بأحد الفنادق الذي قضى به 6 سنوات من عمره، اختتم بها رحلة 20 سنة من العمل، كان يود بعدها التقديم على معاش مبكر ولكن جاء قرار وقف ذلك القانون ليحول دون حلمه، ليبدأ رحلة جديدة من الوجع المضاعف.
يقول “ج.س” إن الفندق لم يقم بالاستغناء عنهم بسبب اتفاقهم مع مكتب العمل، بل أوقف صرف المرتبات عنهم؛ ما دفع البعض لترك العمل، ولكن لم يجرؤ هو على فعل ذلك، إذ إنه لا يستطيع التخلي عن عمل يوفر له “تأمين”، كما أنه لم يستطع التقديم على منحة العمالة غير المنتظمة التي تشترط أن يقدم استقالته، مضيفا أنه لن يقوم بإضاعة 20 سنة خدمة من أجل 300 جنيه.
عمل “ج.س” لفترة في مجال البناء الذي كان يتطلب الوقوف لفترات وقت طويلة، وهو ما لا يستطيع تحمله بسبب إعاقة قدمه، موضحًا أنه تواصل أكثر من شهرين مع مكتب العمل في محاولة لإيجاد فرصة عمل أخرى، ولكن دائمًا الرد ما يكون “عند توافر فرصة سنقوم بمراسلتك”.
لم تتوقف أضرار تداعيات فيروس كورونا على كثير من العمال عند حد الحرمان من وظائفهم، بل باتت تهدد بعض منهم بالانفصال وإنهاء حياته الزوجية، حيث يقول شوقي أحمد: “إن الظروف الاقتصادية المتعسرة التي يمر بها بعد تركه عمله دفعت زوجته لطلب الطلاق”.
وكان “شوقي” يعمل في مصنع للأدوية منذ عام 2017، ومع بداية انتشار وباء كورونا تم الاستغناء عن 89 عاملًا، بدون أخذ كامل مستحقاتهم التي قاموا بطردهم من داخل المصنع بعد المطالبة بها.
بعد أن ترك “شوقي” الذي يقطن بإحدى قرى محافظة الغربية، عمله بدء بالحث عن وظيفة أخرى في شكرات القطاع الحكومي والخاص ولكن دون جدوى، ما أرغمه هو وزوجته على العمل كـ”عمال يومية”، في زراعة الأراضي في قريتهم، على الرغم من معاناة زوجته من مشكلات صحية تمنعها حتى من السير وليس العمل.
وأكد “شوقي” أنه لم يترك أي مؤسسة خيرية في مصر إلا قام بمراسلتها لتقديم المساعدة له، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل، كما قام بالتسجيل في منحة العمالة غير منتظمة التي جاء ردها بأنه غير مستحق، ومع كل ما يعاني منه من أزمة مالية بعد حرمانه من العمل، لا يتمتع شوقي بمزايا خصومات الكارت الذكي المخصص لذوي الهمم.
وتسببت الإجراءات الاحترازية التي اتبعتها كافة دول العالم من إغلاق وتقليل الكثافة العمالية داخل المؤسسات، على إثر انتشار وباء كورونا في بدايات العام الجاري، إلى حرمان ملايين العمال من وظائفهم، لينضم أعداد جديدة لدائرة البطالة التي اكتظت بـ2.329 مليون عاطل في مصر في أواخر عام 2019، ليصبح إجمالي عدد المتعطلين عن العمل جراء الجائحة 2.574 مليون خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وبالتأكيد كان لذوي الاحتياجات الخاصة النصيب الأكبر من الحملة التي شنها أصحاب الشركات من تسريح العمالة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن فيروس كورونا، وذلك ضاربين بقانون الـ5% ذوي الإعاقة الذي يلزم كل أصحاب العمل ممن يستخدم عشرين عاملاً وأكثر أن يعين نسبة 5% من ذوي الهمم، وذلك داخل المؤسسات الحكومية والخاصة.
عمل أحمد السيد الشاب الذي يعيش في إحدى قرى محافظة المنوفية، في إحدى الجمعيات الخيرية المعروفة في مصر منذ العام الماضي، وكان ينتظر أن يتم تجديد عقده الشهر القادم ولكن لم يكن يعلم أن فيروس كورونا سيجتاح العالم بأكمله لتحرمه وملايين آخرين من عملهم.
كما قام الشاب الذي تخرج في كلية الشريعة الإسلامية، منذ أربع سنوات، بالتقديم في أكثر من مؤسسة على وظائف مختلفة كمحفظ قرآن أو معلم براين أو محاضر كورسات كمبيوتر إلا أن الرد دائما يأتي بالرفض، ومع وقف منحة تكافل وكرامة التي حرم منها مع بداية عمله في المؤسسة العام الماضي، اضطر أحمد لطرق كافة السبل لإيجاد مصدر دخل له.
واتجه “أحمد” إلى تأسيس مشروعه الخاص “محل بيع عسل”، مع شريك آخر لأنه كشاب كفيف يحتاج دائما إلى شخص آخر للمساعدة، يربح منه في نهاية كل شهر ما يصل إلى 1500 جنيه ولكن بعد مقاسمة ذلك الربح مع شريكه يتبقى له فقط 750، وهو المبلغ الذي بالطبع لا يكفي مصاريف شاب من ذوي الهمم، يبلغ من العمر 26 عاما؛ ما جعل الأب يتكفل بكافة مصروفات الشاب المقبل على الزواج ولا يمتلك مصدر دخل كافٍ يساعده لاتخاذ تلك الخطوة.