"اللي عنده موهبة ميتكسفش يظهرها".. قصة محمد رمضان محامٍ نهارًا ويرسم بشوارع الفيوم ليلًا(صور)
"برسم في الشارع لكي يرى الجميع موهبتي".. تلك الكلمات المصحوبة بابتسامة عريقة ووجه بشوش دائمًا، كانت بداية الحديث مع شاب يجلس في نواصي الفيوم، وتحديدًا بجوار الاستاد الرياضي، على كرسي بسيط مصنوع من البلاستيك، وبجواره كرتونة ورقية معبأ داخلها الفحم الأسود، لينظر أمامه ويبدأ عمله، بعد الساعة الرابعة، مع كوب شاي العصاري، ليفنن ويدقق فيما يرسمه، عن إبداع وعشق لرسم فنانين زمان.
محمد رمضان، ابن مدينة الفيوم، 32 سنة، تخرج من كلية الحقوق جامعة بني سويف، في عام 2009، يعمل بالمحاماه، ويرسم مُنذ 12سنة، ولكن انشغل بالدراسة، وطوال هذه السنوات لم ينتبه أحد إلى أنه ذات موهبة أو كيف ينميها، فكل ما كان يسمعه"ربنا يوفقك"، وبعد التخرج بعام، ذكره أحد أصدقائه عن طريق الصُدفة بصورة رسمها في سنة أولى ابتدائي، كانت بداية اكتشاف موهبته، حتى شجعه بتنمية الموهبة مرة أخرى، ومن هنا دشن صديق محمد، صفحة للفنان، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ليشارك أعماله مع الجمهور، ثم قرر يواجه الشارع ويخوض تجربة الرسم بالفحم في شوارع مدينته.
بدأت رحلة الفن مع محمد رمضان، في أول عامين بالمرحلة الابتدائية، لكن اهتم، بالموهبة وطورها بعد التخرج في 2011، حتى عمل على تنميتها قدريًا.
"محدش كان مهتم بموهبتي أو يذكرني بها، أو يوجهني أثناء مراحل تعليمي ولكن بالقدر كنت رسمت صورة من أيام ابتدائي وإعدادي، وصديق لي ذكرني بها وقال لي أنت بترسم كويس أعمل صفحة على الفيسبوك وشارك أعمالك"، حديث صغير دار بين محمد وصديق الطفولة، الذي جمعهما القدر مرة أخرى بعد التخرج، كان بداية حلم الرسم بالفحم ليُصبح محمد حديث الفيوم وحديث المارة الذين يروه يجلس في نواصي الفيوم ويرسم فنانين مشهورين بالفحم، كما يرسم الأشخاص بناءً على طلبهم بأسعار تختلف من رسمة لأخرى حسب الأحجام، كما أنها أسعار تناسب الجميع، ويقدم دورات تدريبية لراغبي الفن.
يقول محمد، كثير من الأشخاص، تواصل معي من أجل تنمية موهبتهم، وأنا أقوم بتدريب من راغبي فن الرسم بالفحم، والفن يحتاج إلى استمرارية وتطورودعم وتوجيه.
يروي لي محمد، التحاقه بالكلية، التي ليس لها علاقة بالرسم بالفحم، ماذا بعد؟، أسأله فيبجيب، يقول، التحقت بكلية الحقوق عن حُب واقتناع، لكن مجال الرسم بالفحم وخاصة رسم الأشخاص استهواني أكثر، لإن الرسم بالفحم يكشف الملامح الداخلية للشخصية، والرسم بالفحم به عمق كبير لإيضاح الملامح مع جمال الصورة بلوني الأبيض والأسود الذي يعطي انطباع زمان، فكان التصوير زمان به رونق وجمال، وأنا أحاول أعيد هذا مرة أخرى، بالفحم الموجود حاليًا، وبخامات ونوع معين من الفحم، ليعطي جمالًا للصور مثل أيام زمان، كإنك تشاهد فنانين قد رحلوا عن عالمنا بالفعل، حقًا تحاكي الواقع.
لم يقدم محمد رمضان، على وظائف حتى الأن، فهو مؤمن بفنه الذي يعشقه، ويتابع أيضًا عمله بالمحاماه، ويسهر الليالي ليبدع في أعماله، لكل صورة رسمها لها قصة وبداية وحكاية، واعتقاده أن كسب الشهرة بالنزول وخوض تجربة الشارع والسعي من خلاله.
محمد أيضا، عندما يرسم في غرفته بمنزله، يرسم بهدوء مع سماع باقة أغاني لكوكب الشرق والعندليب، حقا فنان يستهوي أيام الفن الجميل، ويتمنى أن يعيدها ولو جزءا منها.
يقول محمد، لـ"القاهرة 24"، لم أكن مهتمًا وغير متمكنًا في مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى الآن غير متمكنًا على الفيسبوك، لكن بدأت أشارك الأهل والجمهور، بأعمال من رسوماتي بالفحم، بعد أن دشن صديقي صفحة لي على الفيسبوك، فوجدت بعدها في عالم السوشيال، آخرون يرسمون، فقررت أكون مختلف، ويكون في منافسة وتعلم وتطور مستمر، فقررت أسعى وأرسم بالفحم بجدية، وبدأت أسأل عن أشهر وأكبر رسامين في مصر، محترفين وذهبت لمنطقة العباسية بالقاهرة، فهناك رجل قديم رسام محترف يجلس بهذه المنطقة، عند كوبري العباسية، تواصلت معه ونحن على تواصل الأن وقربت منه، واستفدت بعض الشئ.
وفد الأهلي يسافر الفيوم لزيارة أسرة الراحل محمد عبد الوهاب
يكمل، سعيت كثيرًا وكنت أحصل على المعلومة بصعوبة، فممارسو هذا الفن، صعب يعطوا لي أسرار المهنة، لكن تواصلت مع كبار المهنة القدامى حتى تعلمت واحترفت الرسم بالفحم، حتى بدأت الصور تأخذ وضعيتها كصورة واقعية، تحاكي الواقع، ثم بدأت أخوض تجربة الرسم بالشارع، وأنا بداية العائلة في هذا الفن الرسم بالفحم، وأتوقع أن ابن خالي الصغير ستكون لديه نفس الموهبة مستقبلًا.
خصص فنان الفيوم، أيام الأسبوع، مابين العمل بالمحاماه والرسم بالشارع، وتسليم الزبائن "أوردراتهم الخاصة" من البورتريهات، وأيضًا أيام ٍ أخرى لتدريب عدد من راغبي فن الرسم بالفحم.
إصابة أحد أبطال "غيث الفيوم" بكورونا خلال تغسيل موتى الفيروس (صور)
قال، أن أمنيته إن ينتشر أكثر، والجلوس والرسم في الشارع عرفه بجميع الطبقات والمستويات والشخصيات، فهواية الرسم تحاكي الوجوه والشخصيات، لذلك قرر أن يراه جميع البشر، معبرًا"لازم كل الناس تشوفني وأنا برسم وأشوفها، والأهم لا تنكسف من موهبتك"، مناشدًا الشباب ولمن لديه الموهبة، قائلًا:"أي شخص لديه موهبة، مينكسفش يظهرها للناس".
وأوضح فنان الفيوم، الشهير بـ"رسام الشارع"، أن الجلوس والرسم في الشارع غير سهل، لابد أن تكون واثقًا من موهبتك قبل هذه الخُطوة، وعندما خضت هذه التجربة، ربنا مدني بثقة أكبر، وأنا على ثقة كبيرة، إنه سيحدث توسع لي في العمل، فالتطور من خلال علم نفسك بنفسك، أحصل على المعلومة وأسعى لها مع التطوير والاجتهاد والتجربة والصبر، ستصل لما تريد.