رقمنة وخزائن معلومات.. كيف كان تقييم المواقع الحكومية في حلم التحول الرقمي؟

اتجهت مصر خلال السنوات القليلة الماضية نحو الميكنة والتحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا بقوة، تماشيًا مع الرؤية الاستراتيجية للتنمية المستدامة 2030، فشرعت الحكومة في تطوير وإطلاق منصاتها الرقمية، وتقديم الخدمات للمواطنين عبر شبكة الإنترنت، حيث أصبح سداد فواتير الكهرباء أو الغاز، أو استخراج رخصة القيادة أسهل وأسرع من أي وقت مضى. 

وسارعت مصر نحو "الرقمنة" أو ما يُعرف بـ"الحكومة الرقمية" لدعم جهود التحول الرقمي للأداء الحكومي، بين تدشين الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية وتطوير نظيره الخاص بمجلس الوزراء، ومنصة "مصر الرقمية" التي تقدم في تشغيلها التجريبي 34 خدمة، ينتظر أن تستكمل لتصل إلى 72 قبل نهاية العام الجاري، ومواقع أخرى وزارية وحكومية تقدم خدماتها للمواطنين بعيدًا عن عناء الوقوف في "طوابير" طويلة، والالتزام بمواعيد العمل الرسمية للموظفين.

500 مليار تكلفة التحول الرقمي 

خصصت الحكومة 11.7 مليار جنيه؛ لدعم البنية التحتية وتحسين الخدمات المتعلقة بالتحول الرقمي، وتحتاج عملية التحول الرقمي الكامل إلى ما بين 400 إلى 500 مليار جنيه، بحسب ما صرح به الدكتور عبد الوهاب غنيم، مستشار رئيس الجمهورية لمبادرة التحول الرقمي.

وباتت بورسعيد أول محافظة رقمية في مصر فيها ما يقرب من 155 خدمة إلكترونية يحصل عليها المواطن المصري عبر منصة "مصر الرقمية"، إلى جانب تداعيات فيروس كورونا المستجد، التي أجبرت العالم أجمع على تسريع الوتيرة نحو التحول الرقمي.

رئيس الوزراء يطلق بوابة “التحول الرقمي” لمحافظة بورسعيد.. ويفتتح المركز التكنولوجي بها

المعلومات أمن قومي

وباعتبار أمن البيانات والمعلومات هي بترول العصر الحالي، فإن أبرز المشكلات التي كانت تعانيها الدولة قبل إطلاق منصاتها بأيدٍ مصرية، تكمن في الاعتماد على أنظمة "سوفت وير" أجنبية، ما يجعلها عرضة للاختراق واستباحة تلك المعلومات من قِبَل الجهات الأجنبية والشركات، كما يقول المهندس "محمد الفناجيلي"، الخبير في تطوير المواقع الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات، في حديثه لـ"القاهرة 24".

ويتابع "الفناجيلي" أن الدولة استعانت في تصميم وتطوير مواقعها الإلكترونية ومواكبة التحول الرقمي في العالم، بأفضل الخبراء في صناعة البرمجيات والشركات الخاصة بهذا المجال، أبرزها "E finance" الشريك الرسمي في الميكنة الرقمية والتكنولوجيا في مصر.

أقوى نظام إلكتروني عربيًا

"مصر تمتلك أقوى منصات إلكترونية في العالم العربي، وتحاكي دولة الإمارات في التكنولوجيا الرقمية"، كما يقول الفناجيلي، وأكد أن ما يتم سداده مقابل الحصول على الخدمات الإلكترونية يعمل على تنشيط المحافظ الإلكترونية وميكنة البنوك، التي تتبع وزارة المالية، وأن المنصات التكنولوجية الموجودة حاليًا تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي، وترصد أكثر المشكلات، وتبلغ بها الجهة المسؤولة عن الموقع ما يلزم؛ لتدخل العنصر البشري.

وقال خبير تطوير البرمجيات والتكنولوجيا إن المشكلات التي تظهر للمواطن من خلال مواقع مثل رئاسة الوزراء أو مصر الرقمية، أو أي منصة إلكترونية خدمية أخرى، مسموح بها؛ نظرًا إلى أنها في مرحلتها التجريبية وما زالت تحت التطوير.

محاربة الشائعات

يقترح المهندس محمد الفناجيلي، خبير تطوير البرمجيات، ضم جميع المنصات الإلكترونية الخاصة بالحكومة في تطبيق على الهاتف المحمول، يسجل المواطنون عليه بالرقم القومي، ما يسهم في وقف الشائعات التي تنتشر نتيجة لغياب المعلومة، كما يجمع للمواطن المصري كل الخدمات التي يرغب في الحصول عليها من خلال التطبيق. 

البنك المركزي: توقيع 4 مذكرات بين جهات رقابية على التكنولوجيا المالية لدعم التحول الرقمي

منصات التعليم سيئة جدًا

يُقيِّم "الفناجيلي" المنصات التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم، حيث يرى أن الوزارة متمثلة في الدكتور "طارق شوقي" تمتلك فكرًا عظيمًا لتطوير العملية التعليمية في مصر، لكن آلية التنفيذ سيئة جدًا بحسب تعبيره، وكان أولى أن تعقد الوزارة شراكات مع المنصات والجهات التي تقدم المحتوى التعليمي والموجودة بالفعل، تحت مظلتها، على أن تتولى الأولى تأمين المعلومات "security system".

وأضاف: "لكي تستطيع المنافسة كان على "التعليم" تقديم أحدث أنظمة التكنولوجيا وآخرها، وتعد أبرز المشكلات التي تواجه الطلاب وأولياء الأمور، هي الأمن واختراق المواقع وسرقة البيانات، التي تعتبر أمن قومي للبلاد، وسقوط السيرفر".  

“وجوده زي عدمه”.. شكاوى طلاب الصف الأول الثانوي من “التابلت”

التحول الرقمي ضرورة لجذب الاستثمارات

أيّد الدكتور محمد عزام، المدير التنفيذي للشعبة العامة للاقتصاد الرقمي، رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مسألة التحول الرقمي مسألة أمن قومي؛ نظرًا لأنه يمثل الحداثة واقتصادا أكثر قدرة على النمو، مُضيفًا أن الدولة تستخدم أدوات القرن 21.

وأضاف، خلال تصريحاته لـ"القاهرة 24"، أن التحول الرقمي لم يعد رفاهية، إنما له أوجه كثيرة وليس فقط فكرة إتاحة الخدمات الإلكترونية بطريقة رقمية، ولكنه يشمل جميع المجهودات التي تظهر في المجالات، مُشيرًا إلى أن أشهر تحول رقمي؛ كان خاصًا بالخدمات الحكومية، وأن الدولة تعمل على كل الملفات بسرعة كبيرة جدًا.

وأكد "عزام" في حديثه أن التحول القومي مهم بدوره إعطاء مصداقية، وكلما ازداد استهلاك التكنولوجيا وتوطينها ورؤية الحكومة واستخدامتها، يؤدي ذلك إلى تحسن مؤشرات الدولة التنافسية، ويوجه رسالة للعالم أن مصر دولة حديثة، وتطبق التكنولوجيا في جميع المجالات التي ترعاها الحكومة، وبالتالي تُصبح الدولة أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر الذي يُترجم إلى مشاريع وفرص عمل بشكل أكبر.

وأشار إلى مشروع بوابة "مصر الرقمية"، حيث بدأت الدولة تضع فيه بعض الخدمات مثل الشهر العقاري، ورخصة القيادة، فضلًا عن السجل المدني، لافتًا إلى أن هناك كمًا كبيرًا من باقي الخدمات يتم تجهيزها لإطلاقها في أقرب وقت ممكن، ومؤكدًا أن هذا المشروع سيكون به كل الخدمات بشكل مجمع بدلًا من إصدار كل جهة خدماتها بشكل فردي.

“شباب الأعمال”: 600 مليار جنيه لتحقيق التحول الرقمي الشامل بمصر

"التحول الرقمي" بداية الرحلة

في نهاية حديثه؛ قال المدير التنفيذي للشعبة العامة للاقتصاد الرقمي، إن رحلة التحول الرقمي لم تبدأ كي تنتهي، بل هي رحلة طويلة ومستمرة، يتم فيها إعادة جميع الإجراءات والطرق لتقديم جميع الخدمات بصورة أسهل وأفضل.

ومن جهته، قال الدكتور فادي رمزي، أستاذ الإعلام الرقمي بالجامعة الأمريكية، إن التحول الرقمي صفقة مهمة جدًا وتم تنفيذها بنجاح، مُشيرًا إلى حملات التوعية التي نفذتها الدولة، والأرقام التي يتم انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي، خاصة في الأزمات كان مطلوبًا بشكل كبير، مضيفًا أن هذا التحول الرقمي رفع سقف توقعات المواطنين في زيادة البيانات والأرقام. 

وأضاف "فادي"، في حديثه لـ"القاهرة 24"، أن التحول الرقمي مشروع ومسيرة وليس خطوة واحدة، موضحًا اجتياز الدولة منه أكثر من مرحلة وفي طريقها للاستمرار في باقي المراحل، لافتًا النظر إلى أن الرقمنة تحدٍ كبير استطاعت الدولة من خلاله أن تصل إلى الفئة الأكثر ثقافة وتعليم، وخلال الفترة المقبلة سيتم معرفة إذا كانت المنظومة قادرة على الوصول إلى باقي الفئات.

مجلس الوزراء يدشن الموقع الإلكتروني بعد تطويره