أبرزها التعاقد مع منتجي الغاز.. 5 أدلة تكذب فيلم قناة "الجزيرة" بشأن التشكيك في تأثير مصر بشرق المتوسط
لا تتوقف منصات الإعلام المعادي لمصر، على محاولة تزييف الحقائق وتغيب الوعي وتأليب الرأي العام، بنشر الشائعات والأكاذيب، والعمل لصالح بعض الدول الممولة لهذه المنصات والتي تحاول النيل من مصر، والتشكيك في دورها الرائد في شرق المتوسط، وهو ما حدث خلال الفيديو الذي تداولته المنصات المعادية الذي يروج لأوهام أنقرة وحليفتها الدوحة، أن مصر أضاعت حقوقها في المتوسط، على عكس الحقيقة.
فوفقًا للقواعد القانونية بالقانون الدولي، والحركات الفاعلة والدبلوماسية النشطة، فضلًا عن مقومات الدولة المصرية وبنيتها التحتية الراسخة، تشير إلى أن مصر تمتلك زمام الأمور والقيادة في المتوسط، بالإضافة إلى التحول لمركز إقليمي للطاقة من ناحية أخرى.
خلال الفيديو المتداول على المنصات المعادية لمصر وبالتحديد "الجزيرة"، يعى صناع العمل إلى التأكيد على أن خط أنابيب "إيست ميد" قضى على أحلام مصر في التحول لمركز إقليمي للطاقة، على الرغم من أنه من خلال قياس جدوى هذا الطرح الوقوف على عدد من الحقائق بشأن مشروع ايست ميد، وكذا الدور المصري في المتوسط، فإن قبرص واليونان وإسرائيل، وقعت في يناير2020 اتفاق خط أنابيب "ايست ميد" لنقل الغاز إلى أوروبا، ويبلغ طول الخط نحو 1900 كيلوا، حيث يستهدف الربط بين حقوق الغاز في قبرص وإسرائيل مرروا باليونان ومنها إلى إيطاليا ومن ثم لأوروبا، وقد تم الاتفاق على الانتهاء من تنفيذ المشروع عام 2025.
جدوى المشروع والتحديات
يواجه هذا المشروع عدد من التحديات، أولهما التكلفة الباهظة، حيث تظل فكرة التكلفة مقارنة بالعائد والأثر أحد التحديات التي تواجه المشروع، حيث يحتاج خط ايست ميد لنحو 7 مليار دولار، كما أن عمق الأنبوب تحت البحر والذي يقدر بنحو 3 آلاف متر قد يساهم في رفع تكلفة استخراج الغاز، ما يعني أن تكلفة تنفيذ المشروع واستخراج الغاز مرتفعة، مقارنة بالعائد حيث يستهدف المشروع في مرحلته الأولى نقل نحو 10 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي لأوروبا، والتي تقدر احتياجاتها السنوي في حدودها الدنيا بنحو 200 مليار متر مكعب سنويا.
ومن التحديات التي تواجه المشروع، ضعف التمويل، حيث تظل مشكلة توفير التمويل عائقا أمام المشروع، خاصة في ظل التداعيات العالمية لجائحة كورونا، فضلا عن عدم جدوى المشروع في وجه نظر أصحاب المصالح أو المستثمرين، وتلقى المشروع تمويلا بلغ نحو 227 مليون دولار ضمن صندوق مرفق التواصل الأوروبي "Connecting Europe Facility " لتمويل مشاريع النقل والطاقة والبنية التحتية داخل أوروبا، كما تلقى تعفا إضافيا خلال يناير 2018 بقيمة 42 مليون دولار والتي استغطي نحو 50% من تكلفة دراسة المشروع ، وهو ما يعني أن حكومة الدول الأطراف في المشروع قد تجد مشكلة في تمويله وقد تضطر لتحمل مزيد من الأعباء التنفيذ المشروع.
الشكوك حول إتمام المشروع، ثالث تلك التحديات، حيث يبدو أن إنهاء النقاشات الأولية والاتفاق على المشروع اتخذت وقتًا طويلا إذ بدأ الدول الثلاثة بمناقشة المشروع عام 2012، ما يعني أن التوقيع على الاتفاق بصورته الحالية استغرق نحو ثمان سنوات من النقاش، كما أن تشكيك إيطاليا في أهمية المشروع وجدواه تمثل تحديا كبيرا باعتبارها النقطة الأخيرة التي يمر من خلال خط الانابيب إلى أورويار إذ أشار وزير الخارجية الإيطالي "يناير2020"، إلى أن "المشروع لن يمثل خيارا على المدى المتوسط والبعيد مقارنة بمشاريع أخرى، وذلك عند أخذ التكلفة وعملية الإنشاء في الاعتبار ما يعني أن المشروع قد يتعثر في أي مرحلة من مراحل التنفيذ وذلك بسبب عدم الاجماع أو القناعة التامة يجدوى.
فيما تحده أيَضًا، تحديات تقنية وجغرافيا، وتعد غياب البنية التحتية الخاصة بتسييل الغاز وعدم توافرها لدى الدول الأطراف في الاتفاق، ضمن أكبر المعوقات التي تواجه المشروع، حيث أن نقل الغاز المسال يصبح دائفا أكثر سهولة ومرونة وأقل تكلفة من الغاز في حالته الغازية، كما أن عملية إعادة توجيه الغاز المسال الأسواق بديلة تمم بصورة سلسلة في حالة حدوث أية تغيرات طارئة، من ناحية أخرى يرى بعض الخبراء أن الطبيعة الجغرافية والتضاريس اليونانية قد تجعل من الصعوبة بمكان مد خط الانابيب في قاع البحر بالعمق المطلوب لتنفيذ المشروع.
مصر وتأثيرها في شرق المتوسط وأدلة تكذيب "الجزيرة"
على عكس ما جاء في التقرير الذي بثته تلك المنصات المشبوهة، فإن مصر أكثر الدول تأثيرًا وفاعلية في منطقة شرق المتوسط، حيث تعد مركزًا إقليميًا للطاقة فضلًا عن أنها خيار أفضل للتصدير إلى أوروبا، ويرجع ذلك إلى اعتبارات عدة، منها: توافر المقومات لدى مصر عدد من المزايا التي تؤهلها لقيادة المتوسط سواء من خلال اكتشافها لأكبر احتياطي- 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في المنطقة " حقل ظهر" الذي تم اكتشافه عام 2015، والذي وصل حجم الإنتاج اليومي فيه لنحو 40% من إجمالي انتاج الغاز في مصر، علاوة على امتلاك مصر لمحطات تسييل الغاز الطبيعي في دمياط وادكو والتي تصل قدرتهما الاستيعابية لنحو 19 مليار متر مكعب سنويا، الأمر الذي يوفر فرصة كبيرة للدول المنتجة للغاز في تصدير الغاز لمصر لتسييله ومن ثم نقلة لأوروبا.
ومن ضمن المقومات العديدة التي تساعد مصر على هذه الريادة، التعاقد مع منتجي الغاز، ففي هذا الإطار توصلت الشركات العاملة في الحقول الإسرائيلية عبر شركة دولفيونس المصرية لاتفاق يفضي إلى تصدير نحو 60 مليار متر مكعب من حقلي تمارا وليفياثان بقيمة 15 مليار دولار لمدة 10 سنوات، وعلى ذات المنوال وقعت مصر وقبرص في سبتمبر 2018 اتفاقية لإنشاء خط غاز يريط بين البلدين بهدف نقل الغاز من حفل افروديت بقبرص بهدف تسييله في مصر وإعادة تصديره، وذلك فضلًا عن القيادة المؤسسية، والذي يمنح دول شرق المتوسط مصدرا إضافيًا للثقل والدورالمصري، حيث برز ذلك من خلال قيادة مصر للمتوسط، إذ نجحت القيادة السياسية في ترسيخ قيادة المتوسط وتفعيل دورها في المنطقة ضمن دوائر الأمن القومي والسياسة الخارجية لمصر.
حيث جلت هذه القيادة المؤسسة التي تعطي مصر مركزًا في شرق المتوسط، منذ وصول الرئيس السيسي للحكم، حيث عقدت القمة الأولى للتحالف المصرى اليوناني القبرصي في نوفمبر 2014 والتي شكلت النواة الأولى لمنتدى غاز شرق المتوسط الذي تم الإعلان عنه في يناير 2020، قبل أن يأخذ نمظا وشكلا مؤسسيا خلال تحويله لمنظمة إقليمية مقرها القاهرة في سبتمبر 2020، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء، والتي نجحت مصر بفضل اكتشافات الغاز في تحقيقه، وهو ما أدى إلى إيقاف استيراد الغاز في سبتمبر 2018، بعدما وصل حجم الإنتاج اليومي لنحو 7.2 مليار قدم مكعب، وعليه فقد تحولت مصر من دولة مستوردة للغاز لدولة منتجة ولديها فائض كبير يسمح بالتصدير للخارج فوفقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد بلغت صادرات مصر من الغاز الطبيعي 1.2 مليار دولار عام 2019 مقابل 479 مليون دولار عام 2018، وقد نتج عن إيقاف استيراد الغاز توفير نحو 1.5 مليار سنويًا.
الهدف من الترويج لهذه الأكاذيب
كان من الملاحظ أن تلك الأكاذيب بدأت تتصاعد مع اقتراب ذكرى الخامس والعشرون من يناير الجاري، لاستغلال الرأي العام وإثارة البلبلة في الشارع المصري، إلا أن هذه المحاولات لن تؤتي ثمارها خاصة في ظل الفشل المتواصل وعدم استجابة المواطن وتفاعله مع تلك الدعوات، فضلًا عن أن التحركات المصرية في محيطها المتوسطي تسببت في عزلة تركيا عن كافة الترتيبات الجماعية ومن ثم إخراجها من المعادلة خاصة بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين مصر واليونان والذي تم اعتماده "24 ديسمبر" في الأمم المتحدة.
الأمر كله يشير إلى أن الاتفاق المصري القبرصي اليوناني، وضع اتفاق "أردوغان" و"السراج" الذي وقعه الطرفان في نوفمبر 2013 في مأزق، إذ أن ترسيم الحدود المصرية اليونانية يبطل الاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق والذي كان يتجاهل حقوق جزيرة كريت اليونانية، وعليه فمن المتوقع أن تعمل أنقرة على نشر الشائعات حول الاتفاق وفرص مصر في التحول لمركز إقليمي للطافة، وذلك بعدما تسبب موقف مصر الرافض للتقارب مع تركيا والذي سعت إليه أنقرة مؤخرًا عبر تصريحات من مسؤولين أتراك الزيادة حدة الكراهية والعداء تجاه مصر، ومن ثم توجيه الأبواق الإعلامية لفبركة الحقائق.