"الأزهر للفتوى": يقظة ضمير المُصاب بكورونا سبب انحسار الوباء.. ومخالفة الإجراءات أمر مُنكَرٌ
قال مركز الأزهر للفتوى إن يقظة ضمير المُصاب بكورونا سبب من أسباب انحسار الوباء والأخذ بالأسباب من تمام التوكل على الله سبحانه، وأنَّ مُخالفة الإرشادات الطِّبيَّة، والتَّعليمات الوقائية التي تصدر عن الجهات المختصة، أمر مُنكَرٌ ومرفوض؛ لمَا في ذلك من تعريضِ النَّفسِ والغير لمواطنِ الضَّرر والهلاك، فضرر الفيروس لن يقتصر على المُتساهِل في إجراءات الوقاية منه فحسب؛ بل قد يتعدى إلى غيره ممن يُساكنهم أو يُخالطهم.
وأضاف المركز: سيّدنا رسول الله ﷺ يقول: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللهُ عَلَيْهِ". [أخرجه الحاكم].
وتابع: "الحَمْدُ لله، والصَّلاة والسَّلام عَلى سَيِّدنا ومَولَانا رَسُولِ الله، وعَلَى آله وصَحْبِه ومَن والَاه، وبعد؛ فالصحة نعمة يجب المحافظة عليها بذكرها وعدم نسيانها، وشكرها، واستخدامها في طاعة الله عز وجل، وعدم تعريضها للزوال والهلاك".
وأوضح: فهي من أعظم النعم التي تستوجب شكر الله تبارك وتعالى ليلَ نهار؛ قال سُبحانه:{... وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَارَ وَٱلۡأَفۡئِدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ}. [النحل: 78].
وتابع: وقد نبَّه سيدُنا رسولُ اللهِ ﷺ إلى أن كثيرًا من الناس يغفلون عن هذه النعمة؛ فقال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» [أخرجه البخاري].
وأشار المركز: ولا تخفى خطورة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) على الصحة العامة، وسرعة انتشاره، وحجم الضَّرر المترتّب على استخفاف النّاس به، والتَّساهل في إجراءات الوقاية منه، لذا؛ يجب على الإنسان أن يتجنب أماكن الزحام، ومخالطة الناس قدر الاستطاعة، وأن يلزم بيته إلا لضرورة أو حاجة، ويتأكد هذا الأمر على من ظهر عليه عرض من أعراض الإصابة بالفيروس، أو تأكدت إصابته.
وقال: فعلامة يقظة الضمير أن يراقب العبد ربه سبحانه في السِّر والعلانية، وأن يحفظ الناس مما يحفظ منه نفسه وأهله، لا أن يعرضهم لخطر الإصابة بإهماله وعدم مبالاته. فقد قال سيدُنا رسولُ اللهِ ﷺ: «لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ». [أخرجه البخاري]
واستطرد: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلاءِ لِمَا لا يُطِيقُ».[أخرجه الترمذي]
وتابع: فحفظ النَّفس مقصد من أعلى وأولى مقاصد الشرع الشريف؛ قال الحقُّ سبحانه في تعريض النفس لمواطن الهَلَكة:{... وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. [البقرة:195]. وقال في إحيائها: {...وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...}. [المائدة:113]. كما أن التَّوكل على الله سُبحانه بتفويض الأمر له عبادة من أجلِّ عبادات القلب التي يكتمل بها إيمان العبد، ويتقرب بها إلى ربه سبحانه، وهي عبادة تتجلى فيها وسطية الإسلام؛ إذ إن التَّوكل وسط بين طرفي نقيض مذمومين؛ فالمتوكل الحق بعيد عن اللامبالاة والتواكل، وبعيد كذلك عن الاعتقاد في الأسباب والاكتفاء بها، والأخذ بالأسباب الدنيوية المشروعة من تمام التوكل على الله سبحانه.
شيخ الأزهر ينعى "تناظر النجولي" أكبر مُحفظات القرآن سنًا (صورة)
واختتم مركز الفتوى قائلا: حَفِظ الله البلادَ والعبادَ من كل مكروه وسوء، ورفع عنَّا وعن العالمين الوباء والبلاء؛ إنَّه سُبحانه لطيفٌ خبيرٌ. وَصَلَّىٰ اللهُ وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، والحَمْدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ.