"كامل الأوصاف!"
• قصة حب الفنان الراحل "حسن مصطفى"، والفنانة القديرة "ميمي جمال" ثم جوازهم بعد كده؛ هى واحدة من أشهر قصص الحب في الوسط الفني واللي استمرت حوالي 50 سنة!.. بس البداية كانت إزاي؟، وإزاي قدروا يستمروا المدة كلها، ويحافظوا على حبهم؟.. في البداية اتعرفت "ميمي" على "حسن" خلال شغلهم سوا في مسارح التليفزيون التابعة للدولة، وكان "حسن" لسه خارج من قصة حب فاشلة مع زوجته الأولى السيدة "بثينة" وانتهت بالطلاق، وخلال معرفته بـ "ميمي" إنجذبت ليه بسبب طيبته الشديدة!.. وهي الطيبة بتاعته دي اللي خلّت "ميمي" تلجأ ليه عشان تدردش معاه وتحكي ليه عن همومها وأسرارها.. الموضوع بدأ بـ "صداقة" فيها كل معايير وعهود الصداقة كما يجب أن تكون، واللي أهمها إن أى واحد فينا وقت ما يحتاج إنه يفضفض هيجري على التاني ولازم يلاقيه.. استمروا كده فترة، وكانت صداقتهم هى الأساس اللي بعد كده اتبنت عليه تدريجياً قصة حبهم اللي تطورت وبقت جواز في يوم 26 يونيو سنة 1966، وهو نفسه تاريخ ميلاد "حسن" بالمناسبة!.. في البداية كانوا متفقين إنهم يفضلوا 3 سنين بدون خلفة، وبعدها رزقهم ربنا بـ بنتين توأم "نجلاء"، و"نورا".. "حسن" كان عصبي، و"ميمي" كمان بس كانوا متفاهمين وبيعرفوا يستوعبوا عصبية بعض.. والإستيعاب ده أهم سر في إستمرار حبهم وجوازهم.. وأصل الإستيعاب كان إيه؟.. "صداقتهم".. بحسب كلام "ميمي" برضه "حسن" كان بيتولي هو مسئولية البيت في حالة إنشغالها، وماكنش فيه أى غيرة فنية بينهم في الجزئية دي بالعكس ده "حسن" كان بيعتبر نجاحها إنعكاس لنجاح ليه هو كمان!.. وهي برضه نفس الشعور.. اتوفي "حسن" في سنة 2015 ولسه "ميمي" حتى الآن متأثرة بغايبه.. في واحد من حواراتها الصحفية بتقول "ميمي" إنها مفتقدة "حسن" الصديق قبل الزوج وإنها لحد دلوقتي كل يوم بتدخل أوضته قبل النوم وتقول لـ السرير الفاضي كإنها بتكلمه: (تصبح على خير يا حسن).
• دايماً الأفكار الدعائية بيكون ليها حظها من الرواج والانتشار بقدر ما كانت مجنونة وبره الصندوق.. كل ما كانت الفكرة طقة أكتر كل ما بقى معدل نجاحها أسرع.. عشان كده في سنة 2009 قررت مجموعة مطاعم "برجر كينج" في أمريكا إنهم يعملوا فكرة من إياهم.. عملوا إعلان في كل مكان وتحديداً على "فيسبوك" إنك لو حذفت 10 من أصدقائك اللي عندك في قائمة الأصدقاء هتاخد ساندوتش "whopper" ببلاش!.. طب ولو حذفت 20؟.. هتاخد ساندوتشين "whopper".. كل 10 بساندوتش يا سيدي!.. حضرتك هتصور فيديو صغير مدته ثواني وأنت بتحذف الـ10 من القائمة وتبعت الفيديو لينا وبعدها بدقايق هيجيلك الساندوتش لحد البيت وبدون مصاريف توصيل كمان!.. مع ملحوظة حاجة مهمة بس في الأول لازم تكونوا فاهمينها.. الناس بره مش بيضيفوا عندهم في السوشيال ميديا ناس مايعرفوهاش.. يعني إيه؟.. يعني الناس الموجودة في قائمة كل واحد بيكونوا فعلاً أصحابه مش بيضيفوا زينا ناس بالزوفة وخلاص.. أول يوم ولمدة 24 ساعة مفيش ولا حد بعت لـالمطعم ولا فيديو.. خالص؟.. خالص ولا نفر!.. المسؤولين في المطعم بدأوا يحسوا شوية إن الفكرة خايبة ومش موفقة.. إيه يا عم ده فات يوم واحد بس؛ هل من المنطق إننا نحكم من دلوقتي!.. آه صحيح فات يوم واحد بس إحنا بنتكلم عن مطعم كبير ومشهور وإعلاناته مغرقة أمريكا كلها بالتالي فكرة إن مفيش ولا شخص يوحد ربنا يبعت إنه نفذ المطلوب دي حاجة محبطة جداً!.. وبتثبت إن الناس أوفياء لأصدقائهم.. صح؟.. لأ مش صح.. عشان من تاني يوم مباشرة وعلى عكس كل التوقعات حصل هجوم من الناس اللي كانوا بيبعتوا للشركة سكرين شوت وفيديوهات إنهم حذفوا أصدقائهم وعايزين الساندوتش!..
يا نهار ندالة وطفاسة!.. الفكرة إن سعر ساندوتش الـ"whopper" ده وقتها ماكنش كبير يعني وهو من الساندوتشات متوسطة السعر!.. حصلت مبيعات هايلة وفاقت كل التوقعات.. لدرجة إن فيه واحد بعت فيديو لنفسه وهو بيحذف 100 صديق عشان عايز 10 ساندوتشات!.. الموضوع نجح وسمّع جداً في أمريكا.. القائمين على المطعم حبوا إنهم يستغلوا نجاح الفكرة ويجودوا فيها بزيادة.. ولاد اللذينا بقوا يبعتوا رسايل لكل الأصدقاء اللي إتحذفوا يقولولهم فيها جملة من 6 كلمات: (مساء الخير.. لقد حذفك صديقك فلان لأن صداقتكم في نظره كانت أقل من قيمة ساندوتش "whopper").. بوووم.. الموضوع عمل قلبان، ومشاكل بين ناس كتير وبين أصدقائهم والقصة كبرت من مجرد دعاية لمطعم لجرس إنذار مهم رن في ودان الكل هل إحنا فعلاً كل اللي في حياتنا ينفع نقول عليهم أصدقاء؟.. طب ولو الإجابة "آه" هل هما أقل عندنا من قيمة ساندوتش؟.. طب ولو إجابة السؤال التاني "لأ" يبقى إيه اللي حصل ده!.. المطعم وقف الحملة لما إكتشفوا إنهم كانوا سبب غير مباشر في الشرخ اللي فرق بين عدد مش قليل من الأمريكان -(رغم إنك لو دققت هتكتشف إن العيب مش على المطعم خالص لإنه ما أجبرش حد يحذف حد)- لكن هما حسوا بمسؤولية أخلاقية ما وعلى أساسها لغوا الحملة.. بعدها ظهرت حملات تانية موازية من الناس العادية اللي في الشارع بتشرح معنى الصداقة الحقيقي وإنها لو حقيقية مش هتتعوض ولو بملايين مش بـ حتة ساندوتش!.
• عمنا المطرب والملحن العبقرى "سيدى مكاوى" الله يرحمه قال لك جملة عبقرية في واحدة من أعظم أغانيه غناءاً وتلحيناً: (ماتفوتنيش أنا وحدي).. الحقيقة إن الجملة الصغيرة دي وعلى قد بساطتها هى الطلب المشروع الطبيعي والمنطقى في أى علاقة إنسانية بنبدأها خصوصاً مع الناس اللي بنرتاح لها وبنفتح لهم قلوبنا في صداقة أو حب.. أنا أخترتك تكمل معايا.. تمام وبعدين؟.. ماتفوتنيش أنا وحدى.. بس كده.. في واحدة من القصص الإنسانية في جريدة "نيويورك تايمز" وتحت عنوان "كاملة الأوصاف" البنوتة الأمريكية "أنجيلا" اللي عندها 27 سنة بتحكي إن طلبها الوحيد من كل حد جديد يدخل حياتها إنه يفضل ومايمشيش.. والنتيجة؟.. صدمات وخذلان وخوازيق متتالية من أقرب الناس ليها.. خطيب يخونها فتبقى مضطرة تفركش الخطوبة رغم حبها ليه اللي داس عليه.. صديقة عمر ماتتلاقاش في أصعب وقت محتاجاها فيه.. قرايب أندال.. وظيفة تكون مخلصة فيها بكل جهدها لكن مع أقرب تعديل وظيفى يقلشوها منها، ويفضلوا عليها واحدة زميلتها ماتجيش ربع إتقان وتميز "أنجيلا"!.. ناس يبعدوا عنها ويتغيروا لأسباب مش مفهومة ولا ليها تفسير من الباب للطاق كده.. مع الوقت "أنجيلا" بقى عندها قناعة إنها كل ما تحب أو تقرب؛ هتتساب.. ده برضه خلاّها مقتنعة إن وجود حدود وتحجيم للقلب وشطحاته هى أنسب طريقة لتفادى وجع الفراق.. أنا مش هفتح الباب تانى لحد.. خدت القرار ومشيت عليه لمدة 6 شهور بالظبط.. بعدها الصدفة البحتة جمعتها بـ بنت في نفس سنها إسمها "ماريكتا".. إتعرفوا على بعض في حفلة الجمعية الخيرية اللي كانوا بيزوروها سوا في نهاية السنة.. مديرة الجمعية عرفتهم على بعض وقالتلهم إن كل واحدة فيكم مخصصة يوم في الشهر عشان تزور الأطفال اللي في الجمعية.. قالتلهم إنها شافت فيهم كذا عنصر مشترك وماكنتش قادرة تتخيل إنهم مش أصدقاء.. إنتم لازم تبقوا سوا ومع بعض..
"أنجيلا" اللي ماكنتش مستحملة قرب جديد وبالتالى وجع جديد كانت متحفظة في البداية.. اللي هو: (يوووووه هو إحنا هنعيده من تاني!).. لكن عشان محدش بيقدر يقف في وش القدر ولا ترتيباته الإتنين فعلاً بيبقوا أصدقاء وبالذات مع التشابه في شخصياتهم.. يوم عن يوم كانت الصداقة بتزداد متانة.. الفسح والخروج مع بعض.. السهر والبيات في بيوت بعض.. "ماريكتا" تساعد "أنجيلا" إنها تلاقي شغل، و"أنجيلا" تساعد "ماريكتا" وبسبب وجودها في شغلها إنها تسهر بدالها مع أمها التعبانة أثناء فترة مرضها وعلاجها الطويل.. حاجة تانية كمان كانت بتجمعهم.. التفاهة والضحك بصوت عالي.. نكتة تتقال من دي لـ دي أو العكس كانت كفيلة تفرج عليهم الشارع كله.. ضحكهم وسخسختهم كانوا مسخرة.. في مرة من مرات الضحك اللي بيكون مصحوب بالدموع من شدته وفي وسط القهقهة و زى ما بنقول عندنا إحنا في ثقافتنا: ( اللهم أجعله خير)؛ بتقف "أنجيلا" عن الضحك وبتقول فجأة لـ "ماريكتا": ( لقد ارتحت لكي، ومن سابق تجاربي أستطيع الجزم أنه غالباً بعد راحتي يأتى الفراق.. هل تعدينى ألا ترحلى مثلهم؟).. طبعاً فكرة إنك تطلب كده من صديقة وتخلّيها هى تدفع فواتير خوازيق غيرها من علاقت تانية سواء حب أو صداقات قبلها؛ فكرة مافيهاش النسبة الأكبر من العدل.. بس "ماريكتا" وافقت!.. أعدك.. تزداد الصداقة متانة أكتر وأكتر.. تبدأ "أنجيلا" تغير نظرتها التشاؤمية وتفهم إن الدنيا لسه فيها خير أهو.. تمر الأيام أكتر وتفاجأ "ماريكتا" بشكل صادم إنها مصابة بـ سرطان الدم (leukemia) وبحسب تقديرات الدكاترة اللي للأسف في الحالات دي مش بتخيب قوي؛ فعدد أيامها في الدنيا مش هيتجاوز الـ 3 شهور بالكتير.. خبت "ماريكتا" موضوع مرضها على "إنجيلا" وبدأت الأخيرة تلاحظ إن "ماريكتا" شوية بـ شوية بتاخد جنب وخروجها وكلامها معاها قل.. بقى عادى "ماريكتا" تغيب بالأيام بدون ما تسأل عنها!.. بدأت "أنجيلا" كمان تقول لـ نفسها إن أكيد فيه سبب خلّى "ماريكتا" تتغير كده!.. واجهتها.. مالك؟.. اتهربت من الإجابة.. كلمة من هنا على كلمة من هناك "ماريكتا" مقالتش السبب الحقيقي وكل اللي قالته كان هبل في هبل اللى هو أنا مش متغيرة ولا حاجة وإنتى فاهمة غلط وبتاع.. "أنجيلا" قالتلها بما معناه إن أنا عايزة أفهم إنتي بتروحي فين كل يوم؟ وليه مش جنبي وليه مش بعرف ألاقيكي زى ما أتعودنا؟.. صمت.. مفيش رد.. تثور "أنجيلا" بسبب سكوت صاحبتها وتكمل كلامها بغيظ إن هاتي من الآخر وقولي إنك طلعتى زيهم وخلفتي وعدك معايا.. تسيبها وتمشي..
تمر الأيام.. تبدأ حالة "ماريكتا" تضعف.. تعرف "أنجيلا" بـ مرض صاحبتها.. تجرى عليها عشان تكون معاها في أيامها الأخيرة.. تبقى مش مصدقة إنها ظلمت صاحبتها كده وإنها كانت مخبية عنها مرضها عشان بس ماتضيقهاش.. في يوم وفاة "ماريكتا" وفي لحظات الفوقان القليلة من الغيبوبة مسكت إيد "أنجيلا" وقالت لها: (لم ولن أخلف وعدي أبداً يا صديقتي).. "أنجيلا" قالت لها إحنا في إيه ولا في إيه وإنتي عمرك ما قصرتي في حاجة ولا خلفتي وعدك ولا حاجة.. "ماريكتا" كررت: (لم ولن أخلف وعدي).. تموت "ماريكتا".. تدخل "أنجيلا" في نوبة إكتئاب حادة بسبب غياب صديقتها اللي النصيب ماسمحش إنهم يكملوا مع بعض.. مع الأيام كمان وكمان وفي خلال شهر بس من وفاة "ماريكتا" بتكتشف "أنجيلا" شوية حاجات متتالية متعلقة بمشاوير "ماريكتا" الغامضة قبل وفاتها!.. "ماريكتا" كلمت موظف حجز التذاكر في السينما اللي كانوا متعودين يروحوها سوا هى و"أنجيلا" وإدته مبلغ كبيرعشان كل ما ينزل فيلم جديد في السينما يبعت تذكرتين لـ بيت "أنجيلا".. "ماريكتا" كتبت 60 جواب في كل واحد منهم كلام مختلف موجه لـ "إنجيلا" وظبطت مع مكتب البريد في المدينة إنهم يبعتوه في كل تاريخ ميلاد لـ "إنجيلا" لحد بيتها!.. بس؟.. لأ.. جددتلها إشتراك الإنترنت بتاعها مدى الحياة.. ده كان غير متاح من خلال شركة الإنترنت لكن "ماريكتا" راحت لهم وعملت معاهم الـ Deal ده.. اتفقت مع محل الملابس اللي بتحبه إنهم يبعتولها كل صيف وشتا موديل الفصل ودفعت لهم فلوس كاش تقريبية!.. اتفقت مع محل الورد اللي في المدينة إنهم يبعتولها وردة كل يوم الصبح لمدة 10 سنين!.. الغرض كان وجود طيف "ماريكتا" حوالين "أنجيلا" وإنها ماتكونش لوحدها قدر الإمكان.. كل تحويشة عُمر "ماريكتا" كانت 48 ألف دولار خصصتها في سبيل ده.. كل ده اتعرف تباعاً ومع كل تصرف كانت "أنجيلا" بتعرف إن صديقتها وفت بوعدها على قد ما قدرت في حياتها وحتى بعد موتها.
• الصحفي والروائي "إدواردو غاليانو" قال: (الصديق الحقيقي هو صديق الفصول الأربعة، أما الآخرون فهم أصدقاء صيف لا أكثر).. "الصداقة" هي الغلاف الآمن اللي بيحاوط أى علاقة وبيحميها من زعابيب واضطرابات الدنيا.. زي الأساس المتين تقدر تحّمل فوقه اللي أنت عايزه وأنت مطمئن من غدر الزمن.. و"الصديق الحق" لا بيمشي ولا بتمنعه ظروف ولا بيتلكك.. بالعكس.. بيفضل، بيكمل، وبيوفي.. مش مطلوب منك يكون حواليك 100 واحد وتبقى معاهم كلهم بنفس القرب؛ بس اللى يفتحلك بابه وقلبه عامله بالمثل وماتخليهوش يفقد الثقة في الكل، وماتندموش إنه إستثناك.. الصديق حد بيستأمنك على نفسه وقلبه.. دي مش شوية، ولا ينفع ثمنها يكون شوية!.. "جبران خليل جبران" قال: (الصديق الحقيقي فرح واحد وحزن واحد يحمله قلبان)