حكايات اللغة العربية.. "من دخل ظفار حمّر"
ذات يوم دخل أعرابي على أمير من أمراء حمير في ظفار رحب الأمير به وقال له: ثب، فقفز الأعرابى قافزا. فأعاد الأمير قوله مرة أخرى متعجبًا ثِبْ، فكرر الأعرابى القفز وظل يقفز مع كل مرة يكرر فيها الأمير قوله: "ثب" حتى تكسّرت رجلاه، ولم يعد قادرًا على الحراك.
وتفسير هذا الموقف الغريب: أن فعل الأمر "ثِبْ"، وهي من الفعل الماضي «وثب» في لغة حمير، بمعنى «اجلس» وليس بمعنى «اقفز»، وعلى العكس من ذلك فهي في لغة الأعرابي بمعنى "اقفز" لذلك أعتقد أن الأمير يريد التنكيل به ونفذ الأوامر حسب فهمه لما يعرفه من أنها بمعنى القفز، فكان منه ما كان من القفز وتكراره وتكسر قدميه، وهو ما اتضح بعد ذلك عندما سأله الملك متعجبا عن ذلك الفعل، أخبره الأعرابي بما فهمه وما فعله، فضحك الملك وقال: ليست عندنا عربيّت -يقصد عربيّة، ومن لغة حمير نطق تاء التأنيث كالتّاء المتسعة فى الوصل والوقف، وأضاف الملك: أما علمت أن من دخل ظفار حمّر، أي تعلّم الحميريّة.
من الموقف السابق نستشف أن لغتنا العربية تكتنز بالكثير من السحر والجمال، وكذلك بالمفارقات الطريفة التى قد تكون سببًا في وقوع المرء في مشكلة قد تودي به أو خروجه منها على قدر فصاحته أو تهافته، على عكس من يرمون عربيتنا بالجمود والميكانيكية.