خوفًا من لقب مُطلقة.. سيدة تدفع حياتها ثمنًا لعشرة زوج أضرم النيران بجسدها حتى الموت في الشرقية (صور وفيديو)
"مُطلقة".. بعيدًا عن كون الكلمة وصف لحالة اجتماعية لامرأة لم يستمر زواجها لسببٍ أو لآخر، إلا أن بعض العقول بالريف تكاد تكون ظالمة ومظلمة لا تنفك أن تتندر على من تبدل حالها وفشلت زيجتها، حتى يصبح الوصف "وصم" يهين صاحبته وينال منها بينها وبين نفسها قبل أن يؤثر بصورة أو بأخرى على صورتها بين الناس.
في مأساة تتكرر مع كل حالة طلاق، حتى بات الانفصال ونهاية الحياة الزوجية "التعسة" أمرًا قاسيًا تفوق مرارته كل ما قد يخطر على البال من قسوة وإهانة وتنكيل، وبين هذا وذاك سجلت محافظة الشرقية واحدة من تلك القصص، لكن ما جاء فيها وشهدته فاق حدود الممكن من جانب الضحية، التي ذاقت ما لا يتحمله بشر وعادت أهلها لأجل ألا تكون بين صفوف المطلقات.
وفي سبيل ذلك انتهى بها الأمر جثةً هامدةً بدلت ملامحها النيران وكدمات وروث البهائم، في سجال طويل من الإهانة على يد زوجها، سردت تفاصيلها كاملةً قبل رحيلها بساعات.
داخل أحد المنازل الريفية البسيطة بمركز ومدينة الحسينية بأقصى شمال محافظة الشرقية، وقبل أكثر من عامين، عاشت "نرمين محمد علي إبراهيم" 25 سنة، حياة عادية لأبعد مدى، حالها كحال أغلب بنات الريف، لكن ستة أشهر كانت كفيلة بتبدل الحال وظهور الوجه الآخر لزوجها، قبل أن تشهد حياتها ضربًا وإهانة وصلت إلى أن طلب منها والدها صراحةً أن تنفصل عن زوجها وتطلب الطلاق وتعود إلى منزل أهلها.
لكن خوفها من الطلاق حال دون قبول حديث والدها، والذي لم يستطع مواصلة زيارتها ورؤيتها في إهانة مستمرة من جانب زوجها، ليتوقف عن زيارتها تاركًا إياها لمواجهة مصيرها وحدها.
مرت السنة التالية أشد وطأة عن سابقتها؛ إذ زادت الإهانات وباتت الوسيلة الوحيدة التي تربط بينها وبين زوجها، في كنف أهله، قبل أن يأتي العام الحالي ليشهد ما لم يسبق لها أن رأته.
مع شروق شمس الأحد الماضي، وبينما همت "نرمين" بالنزول إلى حظيرة المواشي بمنزل أهل زوجها بعدما أعدت الإفطار وتناول الجميع وجبته الصباحية، فوجئت بزوجها "محمد.م.ع.إ.أ" الذي يكبرها بنحو عشر سنوات، يقتحم الحظيرة ويباغتها: "إزاي يا بت انتي أنده عليكي مترديش"، لتجيب في عفوية غير مصطنعة: "والله ما سمعت أنا شيلت الأكل ونزلت أروق الزريبة"، لكن حديثها وعفويتها قوبل بالضرب والإهانة من الزوج، والذي لم يكتف بذلك قبل أن ينضم إليه والده، والذي توسمت فيه نيرمين خيرًا بأن ينصفها ويدفع أذى ابنه عنها، لكن الأخير ظل صامتًا أمام توبيخ وضرب الابن لزوجته وإهانتها بتقطيع ملابسها ودفعها لتسقط وسط روث البهائم.
وفور سقوطها وتلطخ وجهها وجسدها بروث البهائم، صاح "حماها" فيها بعبارات لا تقل غلظة وفظاظة عن نجله، قبل أن يُخبرها بأنهم سبق وقتلوا ولم يحاسبوا، وأن الموت سيكون نهايتها، وأكد الحديث إحضار الزوج لوقود ماكينة الري وسكبه على جسدها، وما إن حاولت الهرب منه واللوذ بدورة مياه المنزل، حتى أشعل فيها النيران وتركها حتى أصابت الحروق 80% من جسدها.
وصلت "نرمين" إلى مستشفى "ههيا" للحروق، لكن فور سؤالها تذكرت تهديد زوجها ووالده لها بألا تتفوه عنهم ببنت شفة، لتشير إلى أنها من أشعلت النيران في جسدها بنفسها، في حديث لم يقتنع به طبيب المستشفى، والذي عاد إليها بعد ساعات من دخول المشفى يخبرها بخطورة حالتها وأنها ستموت وعليها أن تتحدث عمن فعل بها ذلك وسببه، قبل أن يؤكد لها على أن جسدها يحمل علامات وكدمات وآثار ضرب، وإذا ما كانت أشعلت النيران في جسدها كما تقول فكيف لها أن تضرب نفسها وتؤذي جسدها هذا الإيذاء، لتخبر خالها "حمادة إسماعيل أحمد" بما دار وجرى، عسى أن تتبدل حيثيات الاتهام في في الواقعة التي حمل بلاغها رقم 144 إداري الحسينية لسنة 2021، وتوثق اتهامها لزوجها ووالده في حديث بالصوت والصورة، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة صباح السبت، متأثرةً بحروقها وإصاباتها.
خال المجني عليها سرد لـ"القاهرة 24" كواليس ما جرى، في استغاثة يحدوه الأمل في أن تصل إلى مسامع رجال الحق والقانون لإنصاف "نرمين" وأن يعرف القاصي والداني ما حدث ودار وتسبب بموتها، وأنها لم تحرق نفسها أو تفعل شيئًا سوى الرضا بحياتها القاسية مع زوجها لأجل ألا تكون وتحمل لقب مطلقة.
من جانبه، أفاد مصدر أمني رفيع المستوى، رفض الكشف عن هويته، بأن المتوفية أقرت بحرقها لنفسها، وأن النيابة العامة استدعت الزوج ووالده وأخلت سبيلهما.