تحليل كاذب.. استخدام الـRapid Test يضع الأطباء في خطر داخل المستشفيات
في الإسكندرية، أصبح الدكتور محمود إبراهيم 45 عامًا، مُجرد سيرة طيبة تتناقلها الألسن، حيث تشير أسرته إلى أن حالته المتأخرة والتي تدهورت وتوفى في النهاية، سببها استخدام التحليل السريع ليتلقى نتيجة كاذبة، ثم ترفض المستشفى إجراء PCR قبل أن يتم الضغط وتجرى المسحة بعد أيام حيث كانت حالته سيئة، ليتوفى في النهاية.
ماحدث مع إبراهيم، يتطابق مع بيان سابق لأطباء مستشفى عزل العجمي في محافظة الإسكندرية شهر أبريل الماضي، بعد رفض مديرتها ميرفت السيد إجراء تحليل PCR، حيث ظهرت نتيجتهم سلبية بعد استخدام التحليل السريع فيما تظهر عليهم الأعراض، ليقرر بعدها المستشفى عمل مسحة تحت الضغط من نقابة الأطباء، التي تقدمت ببلاغ للنائب العام ضد مديرة المستشفى وحصل "القاهرة 24" على نسخة منه.
تؤكد أسرة إبراهيم في حديثها لـ"القاهرة 24" أنها لم يعد لديها غير البكاء على ثراه، مطالبين بضرورة وجود معاش استثنائي بعد وفاته منذ أشهر متأثرًا بإصابته بجائحة فيروس كورونا المستجد، ضمن مئات من الأطباء المصريين الذين أعلنت النقابة وفاتهم متأثرين بإصابتهم بالجائحة.
في 18 من شهر أبريل الماضي، وحسب مستند حصلنا عليه، أرسلت وزارة الصحة منشورا إلى مديرى مديريات الشئون الصحية بأن يتم التنبيه المشدد على اتخاذ عدد من الإجراءات التى تتضمن إجراء تحليل فيروس كورونا "الكاشف السريع" لجميع الأفراد المشاركين فور وصولهم المستشفى أو مع خروجهم، ولا يتم عمل المسحة المعملية PCR إلا مع إيجابية عينة تحليل الـRapid Test.
بعد فترة من القرار، أصدرت نقابة الأطباء بيانا تتهم فيه الوزارة بالتقاعس عن حماية الأطقم الطبية مع تزايد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا تباعا، وطالبت النقابة بعده عدة طلبات لحماية الأطقم الطبية في ظل تساقطهم متأثرين بالإصابة، وحذرت نقابة الأطباء وزارة الصحة من استمرار الاعتماد على إجراء الكاشف السريع rapid test فقط، للاطمئنان على خلو أعضاء الفريق الطبى بمستشفيات علاج حالات كورونا من الإصابة، قبل عودتهم للاختلاط بعملهم العادى وأسرهم وهو التحليل الذى لم تثبت فاعليته أو جدواه ويهدد بنتائج خطيرة فى زيادة انتشار العدوى وسط الأطقم الطبية والمجتمع وحسب إرشادات منظمة الصحة العالمية هذا التحليل لا يمكن الإعتماد عليه للتشخيص ويستخدم فقط للأغراض البحثية وأن التحليل الوحيد المعتمد هو تحليل pcr.
نقابة الأطباء تتهم الصحة بالتقاعس في حماية فرق مواجهة كورونا (بيان)
نفس الأمر لا يزال متبعًا بعد 9 أشهر من القرار في عدة مستشفيات وثّق بها "القاهرة 24" استمرار استخدامها للتحليل السريع في محافظات "الأقصر، الإسكندرية، القاهرة، القليوبية"، على الرغم من عدم جدوى التحليل نفسه -حسب تقرير حكومي رسمي- صرحت به رئيس إدارة المعامل المركزية لـ"القاهرة 24"، وبالتالي يؤدي لنتائج كاذبة تؤدي لتدهور الحالة الصحية ومن ثم الوفاة.
فيما توقفت محافظات أخرى عن استخدامه بالرغم من سريان قرار وزارة الصحة لاستخدامه نظرا لعدم جدواه، مستخدمين الأشعة المقطعية بديلا، ومنها "كفر الشيخ، المنوفية، الجيزة".
وتوصي منظمة الصحة العالمية مصر بالتوسع في إجراء التحاليل لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد، هذا ما أشار به الدكتور جون جبور الممثل السابق لمنظمة الصحة العالمية في مصر، حيث يشير الدكتور عمر أبو العطا المسؤول في المنظمة إلى أن نتيجة التحليل السريع أو صورة الدم قد تكون أقل دقة من تحليل الـPCR، في الوقت الذي تقل النسبة مع أنواع التحاليل الأخرى خاصة التحليل السريع الذي لا تزال منظمة الصحة العالمية تجري عليه العديد من التجارب، ولم يثبت حتى هذه اللحظة دقته الكاملة.
وصل عدد وفيات الأطباء لنحو 330 طبيبا منذ بداية الجائحة في مصر، بينما أكد مصدر حكومي مطلع أن عدد الإصابات تجاوز في فئة الإصابات نحو 10 آلاف إصابة منذ شهر مارس الماضي، حيث تزامن مع أول حالة إصابة ثم وفاة بالفيروس للدكتور أحمد اللواح في محافظة بورسعيد.
آثار جانبية
لم يكن الوقت ليسعف حسين محمد 28 عامًا، بقدر ما أعطى من جد وكدّ يوم الثامن من شهر مايو الماضي، ففي الوقت الذي انتهى من يوم عمل شاق في مستشفاه المخصص لاستقبال حالات الإصابة بفيروس كورونا، اكتشف إصابة إحدى الممرضات المخالط لها، ليصر وزملاؤه على عمل مسحة PCR باعتباره ضمن المخالطين، ونظرا لاختلاط الأطقم الطبية في السكن غير المعد لهذه الظروف ما ينتج عنه العدوى، إلا أن إدارة المستشفى قررت عمل تحليل سريع فقط متبعة بذلك إجراءات وزارة الصحة في التحليل للطواقم الطبية المخالطة للمصابين بفيروس كورونا، حيث ظهرت نتيجته سلبية، ليعود على إثر ذلك للمنزل في أسوان ويختلط بأسرته.
يشير حسين لـ"القاهرة 24" إلى أنه بمرور الليل، اتصل به أحد أصدقائه في المستشفى ليخبره أن زميله ظهرت نتيجته إيجابية، حيث إنه أصر على عمل تحليل PCR ولم يكتف بالتحليل السريع، خاصة مع ظهور أعراض وارتفاع درجات الحرارة لتتأكد إيجابيته، ليعود على الفور إلى المستشفى ويتم عمل تحليل الـPCR ليتأكد من إيجابية إصابته بفيروس كورونا بعد أقل من 24 ساعة من التحليل الكاذب الأول، ويتم نقله إلى مستشفى الصداقة للعزل، لكن لم يكن وحيدًا هو الآخر، حيث أصيبت عائلته المكونة من 4 أفراد وهم والده واختيه وخالته، إلى جانب ارتفاع أعداد الإصابة بين الطاقم الطبي للمستشفى إلى 20، تم على إثرها غلق أقسام الاستقبال والطوارئ.
وتواصل "القاهرة 24" مع نائب مدير المستشفى الدكتور شريف فراج، والذي أشار إلى أن تعليمات وزارة الصحة واضحة فيما يخص عمل تحاليل الـPCR للأطقم الطبية لحالات مصابة بفيروس كورونا، حيث تنص على عمل Rapid test وتحليل صورة دم، وفي حال سلبيتهما لا يمكن مع ذلك عمل PCR خاصة مع التكلفة العالية لهذه التحاليل، مشيرا إلى أن إدارة المستشفى والإدارة الصحية بالمحافظة لم تنفذ سوى التعليمات والبروتكول العلاجي.
الأمر نفسه أشار إليه الدكتور أبو بكر القاضي أمين صندوق وعضو مجلس نقابة أطباء مصر، حيث أشار إلى أن تعليمات وزارة الصحة المصرية بالاعتماد على الاختبار السريع لتشخيص إصابة أو عدم إصابة الأطقم الطبية بالعدوى، ليس لها أساس علمي، وتخالف تعليمات منظمة الصحة العالمية بشكل واضح".
وأكد لـ"القاهرة 24" أن الاعتماد على الاختبار السريع قبل خروج الطبيب للمجتمع يساوي المجازفة بالمزيد من احتمالات نشر العدوى وسط الأطقم الطبية والمواطنين، خاصة أن تعليمات وزارة الصحة لا تترك حتى فترة عزل بين الاختبار السريع "سلبي" وخروج عضو الفريق الطبي واختلاطه بالمجتمع.
ماهو الـPCR
تحليل يمر بمرحلتين: الأولى استخلاص المادة الوراثية للفيروس من مسحة الفم أو الأنف، وذلك عبر أداة التشخيص (Diagnostic kit)، التي تعتمد في عملها على بعض الكيماويات التي تفكك بنية الفيروس، من بروتينات ودهون وكربوهيدرات، وتبقى فقط أجزاء المادة الوراثية (RNA) للفيروس التي يتم استخلاصها، وهذه الخطوة تستغرق حوالي نصف ساعة.
بعد استخلاص الـ(RNA) للفيروس، تدخل العينة إلى المرحلة الثانية، لتحليلها عبر جهاز تقنية تفاعل البوليمرات المتسلسل العاكس (RT-PCR) –الذي يتوافر في جميع المعامل البحثية حول العالم- واستهداف أجزاء من المادة الوراثية للفيروس، وهذه الخطوة تستغرق من ساعة ونصف إلى ساعتين وفق نوع الجهاز المستخدم، وهي خطوة تتشابه مع تحاليل الفيروسات الأخرى من أصل (RNA) كفيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" والإنفلونزا وغيرها، وبذلك تستغرق العينة الواحدة حوالي ساعتين ونصف إلى 3 ساعات عبر المرحلتين حتى تظهر إيجابيتها من سلبيتها
ماهو الاختبار السريع
الاختبارات أو الاختبار السلبي لا ينفي وجود إصابة محتملة بفيروس كورونا بشكل تام، لأنه في حال أخذ العينات أو نقلها بصورة خاطئة قد تصدر عن طريق الخطأ نتيجة سلبية. ولذلك يتم إخضاع المرضى المصابين عدة مرات للاختبار.
تعليق رسمي
قالت الدكتورة نانسي الجندي، رئيس إدارة المعامل المركزية في وزارة الصحة والسكان، إن المعامل قيمت التحاليل السريعة الـ Rapid Test المعروض عليها من الشركات في مصر بأنها لا ترقى لمستوى التشخيص لحالات فيروس كورونا المستجد.
وأضافت الجندي في حوار “القاهرة 24″، أن المعامل المركزية قررت عدم استخدام التحليل السريع الـ Test Rapid منذ بداية الدائحة، خاصة وأنه لا يتم استخدامه للتشخيص.
وكشفت الجندي عن تفاصيل تقريرها لهيئة الشراء الموحد حول تحليل المعامل المركزية لاستخدام التحليل السريع الـ Test Rapid في التشخيص، بأنه لا يرقى على ذلك ولا يمكن استخدامه في التشخيص لاكتشاف فيروس كورونا المستجد، حيث أنه تحليل اجسام مضادة.
وأكدت أن الشركات قدمت من خلال هيئة الشراء الموحد لطلب التقييم للتحليل السريع خاصتها، وكلها لم تعطي نتائج تفيد بقدرتها على التشخيص لاكتشاف فيروس كورونا، حيث انه تحليل اجسام مضادة ولا يتم استخدامه في فترة التشخيص.
وأردفت بأنه في الحجر الصحي كانوا يقومون باستخدامه ثم يقومون بارسال العينات طالبين عمل PCR بعدها، وهو أمر غير مُجدٍ، ومن ثم تم إقرار استخدام تحليل الـ PCR من اليوم الأول على العاملين بالمعامل المركزية ولم يتم استخدام التحليل السريع.
المعامل المركزية: تحاليل Rappid Test لا ترتقي لمستوى تشخيص حالات كورونا (تفاصيل)
بين هذا وذاك، لن تستطيع الطفلة منال "5 سنوات"، الاحتفال مع والدها الذي احتفت به أشهر كورونا الأولى، في مصر، في عيد الأب المقبل، حيث توفى بالفع بعد تدهور حالته الصحية نتيجة إصابته بفيروس كورونا، هذا ما أكدته زوجة الطبيب محمد ممدوح من محافظة القليوبية، والذي كان يعمل في مستشفى العزل هناك.
تشير الزوجة في حديثها لـ"القاهرة 24" إلى أن نتيجة تحليله جاءت سلبية في البداية، الأمر جعله يتحرك للمنزل بعد 15 يوم عمل، لكن في نفس اليوم جاءت الأعراض مختلفة وشديدة، ليجري مسحة pcr ويتأكد من إصابته بفيروس كورونا، أصبت وابنتي لكن تعافينا بعد وقت ليس بالقصير، بينما توفى الأب.
قصر التحليل على ظهور أعراض كورونا.. الصحة تعلن توجيهات جديدة للتعامل داخل المستشفيات (مستند)