حسين عبد البصير: مومياء المرأة الموشومة تحتوي على 30 "تاتو"
قال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن بعثة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية عثرت على مومياء امرأة في منطقة دير المدينة بالبر الغربي لمدينة الأقصر، وتعد واحدة من النماذج القليلة والنادرة في هذا الشأن، ويعد هذ الاكتشاف مهما جدا، وسوف يضيف الكثير في دراستنا للمومياوات المصرية القديمة، ويطلعنا نحن علماء المصريات على العديد من الدلالات الدينية التي وجدت على جسم هذه المومياء المميزة.
وأضاف عبد البصير أنه منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، قامت هذه المرأة المصرية القديمة بوشم جسدها بالعشرات من الرموز بما في ذلك أزهار اللوتس والأبقار والعيون الإلهية والتي قد تكون مرتبطة بمركزها الديني أو قد تدل على ممارسة هذه المرأة للطقوس الدينية التي قد تخص وظيفتها في الحياة الدينية في مصر القديمة في ذلك العصر، والجميل في الأمر أن هذه الوشوم محفوظة بتفاصيل مذهلة، ومنها ما هو مرسوم على جذعها المحنط.
وأوضح أن هذه الوشوم تمثل الأمثلة الوحيدة الباقية والمعروفة عن الوشم المصري القديم على أجساد المومياوات المصرية القديمة وتظهر لنا صورًا مميزة للغاية، بدلاً من التصاميم المجردة التي كان المعتاد رسمها على المومياوات المصرية القديمة في الغالب، وكانت بداية هذا الكشف المثير لهذه المومياء عندما تم فحص البقايا البشرية في دير المدينة التي كشفتها هذه البعثة، وعندها وجد فريق عمل البعثة، لأول مرة، علامات غير عادية على رقبة مومياء هذه السيدة والاعتقاد في البداية أن هذه العلامات الموجودة تمثل بعض التمائم على جسم مومياء هذه السيدة، حيث كان وضع التمائم حول رقبة المومياء قبل إتمام مراسم الدفن ممارسة شائعة في مصر القديمة في ذلك الوقت لكن مع المزيد من الدراسة لهذه المومياء، تم اكتشاف أن هذه الرسوم التوضيحية القديمة وغيرها على الجسم ـ كانت وشوما مرسومة على جسم المومياء.
وتابع أنه تم حصر العشرات من الوشوم، وكان لعدد منها أهمية دينية كبيرة، وعلى سبيل المثال، فإن وشوم الأبقار كانت ترتبط عادة بالإلهة حتحور، مثل الأبقار ذات القلائد الخاصة، ووجدت وشوم أخرى مثل الثعابين الموضوعة على الذراعين العلويين وكانت ترتبط أيضا بالإلهات في مصر القديمة، وتم تزيين رقبة المومياء والظهر والكتفين بصور عيون الأودجات – وهي عيون إلهية مرتبطة بالحماية، مع وضع وشم على الحلق، ومن أية زاوية تنظر إلى هذه المرأة، ترى زوجا من العيون الإلهية ينظر إليك.
وكانت هذه العاملة في منطقة دير المدينة بالبر الغربي لمدينة الأقصر قد أنهت أعمال الدراسات التي تجريها على المومياء المعروفة باسم "المرأة ذات الوشم"، والتي عثر عليها أثناء أعمال الحفائر الخاصة بتلك البعثة في قرية العمال بدير المدينة بالبر الغربي بمدينة الأقصر منذ عدة أعوام وتحديدًا في عام 2014.
مؤرخ مصريات يكشف أبرز مقتنيات خبيئة توت عنخ آمون بوادى الملوك
وأشار إلى أن الشيء المثير في أمر مومياء هذه السيدة أنها تتفرد بأن هذه المومياء تحتوي على نحو ثلاثين وشمًا، أو "تاتو" كما هو معروف في اللغة الإنجليزية، موجود على أجزاء متفرقة من جسد هذه السيدة المهمة في مجتمع العمال والفنانين بقرية دير المدينة بالبر الغربي لمدينة الأقصر، ومنها، على سبيل المثال، على الرقبة، والظهر، والكتف والذراعين.
وقد كشفت الدراسات الأنثروبولوجية التي قامت البعثة بإجرائها على مومياء هذه السيدة أنها كانت تخص امرأة يرجح أنها عاشت خلال عصر الرعامسة وتحديدا في عصر الأسرة التاسعة عشرة في الفترة ما بين عامي 1300 و1070 قبل الميلاد، وكان يبلغ عمرها عند الوفاة ما بين 25 و34 عامًا.