غربة ووباء.. أطباء مصر في المهجر يروون قصصهم أثناء مواجهة كورونا
من الصين ومرورًا بكل دول العالم، شكل الأطباء المصريون في الخارج تاريخًا بطوليًا أمام مواجهة جائحة كورونا، وفي الوقت الذي كان المريض يفقد فيه الأمل، كانوا هم أول من يبث روح التفاؤل.
"القلق شعور إنساني، ووظيفتي هي مساعدتهم" .. بتلك الكلمات عبر طبيب الباطنة المصري خالد أباظه عن شعور الخوف الذي راوده وقت بداية الجائحة من جهتين، الأولى كانت من الإصابة بالفيروس ولكن سرعان ما تجاوزه، والأخرى أثناء ارتفاع أعداد المُصابين والوفاة نتيجة كورونا وهو مغلوب على أمره، مسترسلًا: "كنا نُعالج الأعراض فقط لكن الفيروس نفسه لا يوجد له علاج". مع وصول أنباء في ولاية نيويورك عن انتشار فيروس كورونا، استعد أباظه ومن معه في المُستشفى على إجراءات الاستقبال قائلًا: "أمنا الفريق وتدربنا على كيفية حمل المُصاب والكشف عليه ومن ثم عزله حتى لا يحدث انتشار للفيروس"، ومع وصول أول حالة مُشتبه فيه بكورونا ، كان الطبيب المصري جاهزها لفحصها، رادفًا: "لا أنسى أول من أُصيب بكورونا وأول من توفى به". يحكي أباظة، في حديثه مع "القاهرة 24"، أنه وبالرغم من محاولة السيطرة والتنسيق ليكون هناك عنابر غير خاصة بكورونا داخل المستشفى، إلا أن الواقع كان يفرض عكس ذلك، مٌسترسلًا: "وظيفتنا نستقبل جميع الحالات التي تحتاج العلاج حتى وإن كانوا لا يملكون مال أو تأمين"، مُتطرقًا في السرد إلى أنه من أصعب الأوقات التي مرت عليه تمثلت في صوت الإسعاف الذي كان يعم هدوء الشوارع ويصل إلى البيوت دون توقف وقت ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار أباظة إلى أن هناك فرق واضح بين ما عاشه خلال الموجة الأولى وبين ما يعيشه الآن خلال الموجة الثانية قائلًا: "الآن يوجد بروتوكول للعلاج واضح، وطرق العزل أفضل، فضلًا عن الخبرة التي حتمت علينا أن نتوقع ما يُمكن أن يحدث للمُصاب فتكون هناك سرعة في اتخاذ القرار".
وما بين الأطباء الذين يشاركون في قلب الحدث، كان هناك من يُتابع الموقف عن بعد.. اضطر محمد فاضل الطبيب الصيدلي الذي يعمل في الصين، النزول إلى مصر قبل ظهور الفيروس هناك، ومع سرعة الانتشار لم يستطيع العودة مرة أخرى إلا في مطلع شهر أكتوبر، مُشيرًا إلى أن الصين من الدول التي اعتمدت على أطبائها الصينيين فقط في مواجهة الأزمة".
ساهم محمد فاضل خلال أزمة كورونا بنشر التوعية والمعلومات عن الأوضاع المستجدة حول العالم عن فيروس كورونا وما يتبعه، من خلال التحليل الإحصائي لجميع الأبحاث العلمية والأخبار الصحفية التي بدأت في الظهور منذ شهر 4 الماضي عن الفيروس مرورًا باللقاح، وبلسان يتجلى فيه الراحة، قال في حديثه مع "القاهرة24": "ربما المتابعة البعيدة لا تُحمل الفرد مسئولية كبيرة والنجاح اخيرًا ينُسب إلى توجهات الدولة في التعامل مع الفيروس".
تضمنت الاحصائيات التي نُشرت لفاضل برفقة ومساعدة مجموعة من الأطباء الفرنسيين أصحاب الخبرة في مجال الصحة العامة والأمراض الوبائية، معلومات عن أفضل الدول التي تصدت للفيروس، ومتى سنصل إلى مناعة القطيع، وأعداد الإصابات والوفيات اليومي، انتهاءًا بالمؤشرات الخاصة لمٌعدلات التطعيم عالميً، مُشيرًا إلى أن دولة الإمارات استطاعت أن تُطَعم 13 % من تعداد سكانها، ومن المتوقع وصولها لتطعيم نصف سكانها في نصف مارس، وهو الأمر الذي يجعلها تصل إلى بر الآمان بنسبة كبيرة.
بين مركزه الطبي الخاص والمستشفى التي يعمل بها، كان يقضي الطبيب المصري حسام أمين عدد ساعات عمله والتي تمتد لأكثر من 12 ساعة يومًا، ليتابع الأمر بين المصابين في الطوارئ والعناية المركزة، رادفًا: "رأينا جميع السيناريوهات من ردود أفعال الجهاز المناعي المختلفة"، ومٌشيرًا إلى أن صعوبة الأمر في البداية عادت إلى عدم وجود بروتوكول علاجي واضح. يقول أمين خلال حديثه مع "القاهرة 24"، والذي يعمل في الولايات المتحدة منذ 27 عامًا، إن أصعب المواقف التي واجهته هو تزايد عدد الوفيات من الشباب ، مفسرًا ذلك بأن أغلبهم كان يُعاني من السمنة أو شرب الكحوليات ونتيجة لذلك تأثروا بشكل أكبر، وسيطر الفيروس عليهم، وعلى جانب آخر مُنح بعضًا من الأمل، عندما ساهم في تعافي رجل أربعيني من الفيروس وإنقاذه من الاحتضار تحت أجهزة التنفس الصناعي.
يروي الدكتور حسام أمين متابعته اليومية بين زملائه في العمل لكل ما هو جديد، مٌشيرًا إلى أن انتهاء وقت عمله لا يعني انتهاء العمل نفسه، بل كان مستعدًا لإستقبال المكالمات في كل الأوقات للاستشارة، فضلًا عن استعداده إذا احتاج الأمر إلى فحوصات خاصة يقوم بها بنفسه، مؤكدًا على أن أكثر ما كان يهتم به هو عامل الوقت، رادفًا: "كلما توجه المريض للعلاج بشكل أسرع كلما كانت السيطرة على الفيروس أكبر"، مُختتمًا حديثه بحصوله على الجرعتين من اللقاح الأمريكي فايزر.