مسئول سابق بالآثار يُكذّب الوزارة: ترميم مسجد رشيد تم بطريقة خاطئة أفقدته قيمته
قال الدكتور محمود درويش، أستاذ العمارة الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنيا، إن ترميم مسجد زغلول برشيد به أخطاء في عمليات الترميم التي تمت به.
وأصدرت وزارة السياحة والآثار بيانًا بعد تعليق الدكتور محمود درويش، تؤكد فيه أن ما تم نشره من معلومات وصور على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية بأن هناك خطأ بترميم محراب مسجد زغلول بمدينة رشيد وأن المحراب تم تجديده بصوره تخالف الأصول الأثرية عار تمامًا من الصحة.
وأوضح البيان أن أعمال الترميم المعماري والدقيق التي تمت في القطاع الغربي لمسجد زغلول تمت طبقا للتوثيق الأثري والهندسي وقت إنشائه والصور الفوتوغرافية التي تم تصويرها للمسجد في ثلاثينيات القرن الماضي والموجودة بملفات المنطقة، منوها بأنه تم توثيق المسجد بالكامل قبل البدء في أعمال الترميم ومراجعة هذا التوثيق من قبل لجنة إشراف أثري وهندسي.
جريمة في حق الآثار الإسلامية.. أخطاء فادحة في ترميم مسجد برشيد (خاص)
وفي هذا الصدد، فنّد "درويش" الذي كان يتولى أيضًا منصب مدير آثار منطقة رشيد سابقًا بيان الوزارة في عدة نقاط كالتالي:
1- تقرير وزارة السياحة والآثار، تتجاهل أنني كنت مديرًا لآثار منطقة رشيد قبل تعييني بجامعة المنيا، وعندما تسلمت العمل برشيد عام 1977 كان المسجد في حالة جيدة ومفتوح للصلاة وقد رأيت المحرابين رأي العين، وقد ذكر أن الصور الفوتوغرافية التي تم تصويرها للمسجد من ثلاثينيات القرن الماضي وموجودة بملفات المنطقة، وهذا غير صحيح جملة وتفصيلا، إذ إن الصور التي أرفقتها للمحرابين معا ترجع إلى نهاية سبعينيات القرن الماضي، وهي التي تحمل الحقيقة لا الكلام المرسل وموضوع الثلاثينيات الذي لا فائدة منه.
2- اعتمد الرد على تقرير المنطقة الأثرية التي تتحمل المسئولية كاملة وقد تجاهلت الحقيقة وكان الأولى أن تقدم الصورة الأصلية للمحراب للمرممين، كما هو متبع في قواعد الترميم بشكل عام، وهم في ذلك لا ذنب لهم، حيث نفذوا ما قدمته المنطقة.
3- الصورة التي سبق لنا نشرها للمحراب الأصلي هي صورة للمحراب الغربي الذي كان يشبه المحراب الشرقي تماما، والصورة تبين بوضوح المواصفات الأثرية لهذا المحراب الذي لم يكن بالطوب المنجور كما ذكر وكما تم تنفيذه مخالفا للأصول الأثرية، وللصور التي خلفتها لجنة حفظ الاثار العربية أو التي قمت بتصويرها عندما كنت مديرا للمنطقة.
4- فيما يلي صورتين لمحرابي مسجد زغلول والصورتان تكذبان ما سبق أن قدمته المنطقة الأثرية، الذي تم التصريح به من الآثار، حيث أن كل المحرابين كان مقاما بالطوب المنجور، وتمت تغطية كتلة المحراب بالزخارف الجصية وبطاقية المحراب زخارف خوصات مقرنصة من الجص .
5- وقد استندت الآثار في الترميم على صورة المحراب بعد سقوط الزخارف الجصية التي تظهر بوضوح في الصورة الثانية، ظنا منهم أنه الأصل دون الرجوع إلى الصور الأصلية، وقد أرفقنا الصورة التي تم الاستناد إليها في الترميم وتظهر بقايا الجص على أوجه الطوب بعد أن سقطت الزخارف.
6- هذه الصور تنفي ما ذكر أن المسجد تم توثيقه قبل أعمال الفك وإعادة الإنشاء، وتمت مراجعة ذلك التوثيق من قبل جهاز الأشراف الاثري والهندسي والترميم الدقيق، ومطابقته بتوثيق منطقة الآثار والصور القديمة قبل التنفيذ. إذ كيف للآثاريين أن يتجاهلوا هاتين الصورتين عند إعداد الدراسة، واللتان تؤكدان أن ما تم بالمحراب قد تم بدون دراسة، وقد قاموا بتنفيذ كحلة على الطوب ظنا منهم أن ذلك هو الأصل وهم لا يعلمون مدى التشابه بين المحرابين من ناحية التفاصيل المعمارية والعناصر الزخرفية، كما أن أسلوب الطوب المنجور لم يكن متبعا في مساجد رشيد وإنما كان للواجهات فقط.
7- المتبع في التوثيق الأثري هو إجراء الدراسة العلمية لمراحل الأثر وعناصره المعمارية والفنية بالاستناد على جميع الصور القديمة والدراسات السابقة خاصة وأن جميع صور المسجد موجودة لدى المنطقة وبمركز تسجيل الاثار الإسلامية والقبطية، لذلك فقد شاب التوثيق قصور كان من نتائجه تنفيذ المحراب بالطوب المنجور وأغفلوا أنه كان مغطى بالزخارف الجصية حتى وإن سقطت هذه الزخارف، فالصور القديمة تعطي الشكل العام لها، والتي يمكن تنفيذ المحراب متضمنا إياها وليس من المنطقي تجاهل هذه الزخارف التي تظهر في الصور القديمة، كما أغفلوا التفاصيل المعمارية التي تكتنف المحراب والواضحة جيدا في الصورتين، والمعروف في مدارس الترميم أنه لا يمكن الرجوع إلى الدراسات الوصفية الآنية أو تقارير الحالة للسير في إجراءات الترميم، وإنما الرجوع إلى جميع الوثائق والمصادر التي تبين المراحل التي مر بها الأثر، وتظهر ما سقط أو تهدم من عناصر معمارية أو زخرفية، خاصة أن جميع المناهج تتبع أسلوبين لجمع المادة العلمية للأثر قبل ترميمه الأول يتمثل في جمع المادة العلمية من المراجع والوثائق والمصادر والصور القديمة وكتب الرحالة وغيرها، أما الأسلوب الثاني فهو دراسة الحالة لتحديد ما يجب أن يتبع في الترميم.
8- لم يتطرق التقرير إلى المئذنة الأثرية التي تم تغيير معالمها وتشويه عناصرها المعمارية حيث أن المئذنة كانت تتكون من قاعدة مربعة من الحجر يعلوها شطف لتحويل القطاع المربع إلى مثمن ويعلو ذلك الطابق المثمن، كما أن الترميم بهذا الأسلوب يخالف ما انتهجته جميع مدارس الترميم للمباني الأثرية كافة، إذ لا يمكن أن يتضمن الترميم تغيير المواصفات والعناصر الأثرية للأثر، وكان يجب الابقاء على المئذنة دون مساس لتظل رمزا تاريخيا وأثريا لمدينة رشيد، وذلك وراد في جميع مدارس الترميم في العالم، لا أن يتم تغيير معالمها الأثرية مما ينفي صفاتها التاريخية والأثرية.
9- كما لم يتطرق التقرير إلى الأعمدة الأثرية والتي تم رفعها جميعا بلا استثناء ووضع أعمدة حديثة من نوع الكرارة الإيطالي، ولا علاقة لها بالأعمدة الأثرية وليست من طرزها الفنية، ولا يوجد أي تشابه بينها وبين الأعمدة الأثرية التي كانت من طرز مختلفة.
وأشار إلى أنه ما تم في مسجد زغلول لا يمكن أن نطلق عليه ترميمًا وإنما هو إعادة بناء مسجد تسبب ما تم به في أن يفقد قيمته الأثرية، هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع والتي تنفي ما ذكر من توثيق للمسجد بالكامل قبل الترميم، وقد نتج عن هذا الترميم مسجد لا علاقة له بالآثار اللهم إلا دكة المبلغ، ما يضع المسئولية في رقبة الأثريين الذين كان عليهم الرجوع إلى الصور القديمة للمسجد والمحفوظة بأرشيف المنطقة وأرشيف مركز تسجيل الآثار الإسلامية والقبطية.
رغم تأكيد خبير أثري.. "الآثار" تنفي خطأ ترميم محراب مسجد زغلول برشيد
خبير أثري يكشف تفاصيل التأريخ لمسجد زغلول في رشيد بثلاث مراحل تاريخية