الجمعة 15 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

"بحار!"

القاهرة 24
الجمعة 05/فبراير/2021 - 06:10 م

 

• من فترة قريبة ولما كان الملياردير البريطاني "ريتشارد برانسون" بيزور بشكل مفاجئ واحد من فروع شركاته اللي منتشرة في كل حتة تقريبًا في العالم؛ فوجئ بواحد من الموظفين نايم على كنبة جوا المكان!.. الفكرة إن الموظف مش نايم نوم اللي هو طياري ده!.. لأ.. ده كان نايم نوم عميق وواخد وضع الجنين، وكان ناقص كمان إنه يحضن مخدة!.. الموقف كان محرج ويكسف الحقيقة.. "ريتشارد" يعمل إيه؟.. يشخط فيه يخليه يقوم مفزوع من نومه؟.. يفصله؟.. يعاقب المدير بتاعه اللي سابه ينام بالشكل ده؟.. لأ.. بالراحة راح لمدير الفرع وسأله عن الموظف ده وعن أدائه خلال فترة شغله!.. الراجل اللي نايم ده يا عم المدير هل دي طبيعته؟.. يعني هو متعود على الأنتخة دي؟.. طيب حجم مبيعاته قد إيه؟.. هل فيه يوم قصر في أي شغل مطلوب منه؟.. في دقايق كان "ريتشارد" عارف كل تفاصيل شغل الموظف ده، واللي كان فعلًا موظف جيد في المكان مش فاشل بس يمكن عيبه الوحيد إنه ممكن أحيانًا تلاقيه نام من كتر التعب!.. "ريتشارد" اتصور سيلفي مع الموظف اللي نايم بدون ما يصحيه، ونزل الصورة على إنستجرام وكتب تحتها: (لكي تبقى شركتنا الأولى في إرضاء عملائها عمل هذا الموظف حتى التعب مما اضطره للراحة قليلًا).. الحركة الذكية دي من "ريتشارد" حققت هدفين.. أولاً خلّت الموظفين اللي عنده يبقوا مخلصين للمكان بتاعهم أضعاف ما كانوا قبل كده لما شافوا إن صاحب المكان اللي لو فصل حد منهم هيقدر كمان ساعة يجيب بداله ألف؛ بيشيد بموظف عمل حاجة آه تبان من بره غلطة لكنها ماخلّتش المالك يمشيه لإنها ما أثرتش على تاريخ الموظف اللي كان كويس.. ثانيًا جذبت كتير من العملاء للمكان أكتر وأكتر لما شافوا إن الشركة من كتر ما الموظفين بتوعها بيشتغلوا بإخلاص وباجتهاد عشان يرضوهم ممكن يناموا من التعب.. واحد من الكومنتات اللي علقت على الصورة من واحد من المتابعين كتب قال: (إنه موظف كسول، كان يجب طرده فورًا).. رد عليه "ريتشارد" وقال: (لا.. بل هو موظف مجتهد وتعب بعض الشيء، لا يجب إعدام كل من يخطئ خطأ واحدًا!، لا تتلوث الصفحات البيضاء بنقطة حبر صغيرة سقطت سهوًا).

 

 

• العالم الأندلسي المعروف "عباس بن فرناس" مجرد ذكر اسمه هيخلّي العنوان العريض اللي هينط في عقلك هو محاولته للطيران اللي انتهت على فاشوش زي ما كلنا عارفين.. أو زي ما كان متهيألنا إننا عارفين!.. اللي مش كتير يعرفوه إن "عباس" لما عمل محاولة الطيران ماعملهاش كده من الباب للطاق خبط لزق وهبت في دماغه الفكرة فقام نفذها!.. لأ.. الموضوع سبقه شهور طويلة من متابعته لحركة الطيور بكل أنواعها، وشغف وراه سؤال إن ليه إحنا كمان كـ بني آدمين مانطيرش!.. إيه اللي يمنع يعني!.. حجمنا؟.. ما هو فيه طيور حجمها ضخم وبتطير عادي!.. الجناح؟.. عادي برضه ما هو الموضوع نسبة وتناسب ولو قدرنا نعمل جناح في حجم الإنسان يشيل جسمه فنجاح الطيران هيبقى شِبه مضمون!.. خرج بالتفكير بتاعه من إطار الأسئلة لإطار التنفيذ الفعلي.. بدأ يشرّح أجسام وأجنحة طيور مختلفة عشان يعمل شكل تقريبي لمكونات الجناح.. واحدة واحدة وتدريجيًّا صمم جناح كبير كان من وجهة نظره إنه قادر يشيل جسمه.. وطبعًا ولإن مفيش حد مجنون هيجرب حاجة مالهاش علاقة بالمنطق غير نفسه؛ قال إن هو اللي هيعمل التجربة بنفسه!.. طلع فوق منطقة جبلية عالية جدًّا قريبة من قصر الرصافة في "قرطبة".. نَفَس عميق.. رجوع كام خطوة لـ ورا.. ثم خطوات سريعة لـ قدام.. بقت جري.. نط.. فضل "عباس" طاير لفترة من الزمن بشكل عادي جدًّا، وكان بيتحكم في الحركة بتاعته كمان من خلال توجيه الجناح!.. كان واضح جدًّا إن الهدف على وشك إنه يتحقق لحد ما قرب من الأرض!.. بدأ يفقد تحكمه في حركة الجناح، وسرعة هبوطه على الأرض زادت.. اصطدم بالأرض بخبطة في قمة القسوة وكان نتيجتها جروح في كل حتة في جسمه وإصابة عنيفة في ضهره فضل بسببها شهور في السرير لحد ما خف!.. كمية التريقة اللي أخدها "عباس" في الفترة دي والاتهامات بالجنون وإنه إنسان مختل كانت عاملة عبء نفسي تقيل عليه للدرجة اللي خلّته مايخرجش من بيته ولا يحب إنه يتعامل مع حد أساسًا.. فضل الناس بدون رحمة زانقينه في خانة العالم الفاشل اللي مش بيسمع لكلام حد واللي كان هيموت بسبب أفكاره الغير منطقية.. الغريب في القصة بقى إن تجربة "عباس" كانت هي الملهمة لاختراع الطيارة أصلاً، وهتستغرب لما تعرف إن اللي كان ناقص اختراعه تفصيلة صغيرة بس كان محتاج يعملها وهي "الديل"!.. "عباس" فكر في الأجنحة ونسي الديل.. بس شجاعته وإقدامه على الخطوة نفسها شجعت الغرب إنهم يكملوا بعده وياخدوا تجربته بداية يواصلوا  بعدها، ويمكن لحد النهاردة فيه تماثيل رخام لـ"عباس بن فرناس" في أكبر معاهد الطيران في العالم عرفانًا بالعالم والمخترع اللي ساب أثر.. المضحك بقى إن في عالمنا العربي فيه ناس لسة بيتريقوا على الراجل وبيقولوا عنه إنه فاشل!.. المضحك أكتر إن "عباس" حتى ولو كانت تجربته للطيران فشلت لكن وعشان تقريبًا مش كتير بيقروا ولا كتير بيعرفوا يحكموا بموضوعية ودايمًا بنركز على الوحش وبننسى الحلو؛ "عباس بن فرناس" غير محاولة الطيران هو اللي اخترع النظارات الطبية، وهو اللي صمم الساعة المائية، وهو اللي اخترع أول قلم حبر!.. حد كان يعرف ده كله؟.. لأ.. ليه؟.. عشان إحنا بنسلط الضوء على العيوب رغم ندرتها، وبننسي الحلو حتى مع كثرته.

 

 

 

 

 *الإنبوكس:

 

• أنا "هاني".. شاب من إسكندرية عندي 40 سنة لو هتعتبر السن ده لسه في مرحلة الشباب يعني.. خريج كلية حقوق بتقدير جيد جداً.. كنت بشتغل في محل ملابس.. ملابس وحقوق غريبة شوية مش كده؟.. آه بس ده اللي كان متاح واللي لقيت نفسي فيه.. حياتي فيها 3 أصدقاء أقرب لي من الإخوات.. زود غلاوتهم عندي إني وحيد والدي ووالدتي.. عمري ما قصرت مع حد منهم في أي حاجة.. أوقات لما حد فيهم كان يحتاجني كنت بأخد أجازة الشغل عشان أكون موجود معاه.. عمري ما شوفت مصلحتي وأنا معاهم.. "إيهاب"، و"أحمد"، و"محمود" لو حد منهم عايزني معاه يبقى أي حاجة تانية تغور.. والحقيقة برضه إني عمري ما شوفت منهم أي حاجة وحشة.. من 7 سنين والدي الله يرحمه تعب صحياً بشكل جامد شوية.. دخل في غيبوبة كبدية وكان محتاج يكون متواجد في العناية المركزة فترة.. اليوم في العناية بـ 2000 جنيه وده رقم يفوق قدراتنا المادية أنا ووالدتي.. حاولنا ندخله في مستشفى حكومي بس ماقدرناش عشان ماكناش نعرف حد يسهل لنا الموضوع.. دخلناه العناية في مستشفى خاصة.. يوم واتنين وتلاتة وأربعة وخمسة أخدوا مننا الـ 10000 اللي كنا شايلينهم على جنب.. والمطلوب؟.. فلوس تانية عشان يفضل والدي في الغرفة.. لجأت لـ عمي قال مش معاه.. لـ عمتي نفس الكلام.. رغم إنهم معاهم ما شاء الله لكن رفضوا.. كل القرايب والمعارف والقريبين محدش ساعدني بـ جنيه أقسم بالله.. حاولت آخد سلفة من المحل اللي خدمته بصحتي بقالي أكتر من 14 سنة بس صاحبه إتحجج وإعتذر.. حتى أصدقائي اللي بعتبرهم حتة مني محدش فيهم وقف جنبي مادياً بس يعلم ربنا إني وبسبب إني عارف ظروفهم عذرتهم وماكانش في قلبي أي زعل تجاههم.. الدنيا بقت سوداء في وشي ولازم فلوس.. عملت حاجة عمري ماكنت أتخيل إني أعملها.. مديت إيدي وسرقت فلوس من المحل اللي بشتغل فيه.. أخدت 8000 جنيه، وأنا في نيتي أرجعهم في أقرب فرصة.. الرقم ده كان في عيني مش بيساوي فلوس لكن بيساوي 4 أيام هيفضل والدي عايش فيهم.. صاحب المكان عرف وبلغ عني.. والدي اتوفى في نهاية اليوم الرابع، واتقبض عليا تاني يوم على طول.. اتحبست سنة، وخرجت من السجن وأنا ندمان على اللي عملته.. ندم كان وقعه على نفسي مرعب وبسببه بقى عندي رعشة دايمة ومستمرة في رجلي!.. أصدقائي بعدوا عني!.. حاولت أتواصل معاهم محدش فيهم رضي!.. واحد فيهم قالهالي في وشي بشكل واضح: (حط نفسك مكاني يا هاني لو حد شافني معاك هيقول إيه!، أنت خذلتنا!).. أنا اللي خذلتكم!.. طيب كل الحلو اللي عملته اتنسى!.. مابقاش جنبي ولا معايا غير أمي.. أنا مش إنسان وحش بالعكس أنا متربي وإبن ناس والغلطة الكبيرة اللي غلطتها من 7 سنين ورغم إن مدتها القانونية كانت سنة لكن لسه بتعذب بيها لغاية دلوقتي بيني وبين نفسي لإن ده مش طبعي.. مع الوقت وبمرور السنين بقيت مهيأ نفسي إن طبع الدنيا والناس كده بس قررت أحاول أغير على قد ما أقدر.. دايماً برتاح للبحر، وبحس إنه مستمع ممتاز.. زمان كنت بروح عنده وأنا مليان وشايل كتير، ولما بفضفض بحس إن حِمل الدنيا إتشال من عليا.. حالياً أنا بشتغل على مركب من المراكب الصغيرة اللي جنب القلعة في إسكندرية.. المركب أصلاً صغيرة وبتشيل يادوب نفرين تلاتة بالكتير.. عشان كده أحياناً بيدور كلام بيني وبين ناس من الركاب اللي معايا.. دردشة.. هزار.. ضحك.. وفي أوقات أنا اللي ببدأ بالكلام لما بسمعهم بيتكلموا في مشكلة ما بينهم.. أغلب المشاكل اللي بتحصل بين الناس أساسها إنهم مش بيفوتوا لبعض!.. بقول لهم نصيحة واحدة بس.. إفتكروا الحلو.. ده اللي طعمه المفروض يفضل في البال والقلب.. ربنا يهدينا كلنا ويسامحنا.

 

 

 

 

 

*الرد:

 

• كتير من الناس عندها من النمردة، الجحود، وقلة الأصل؛ اللي يخلّيهم ينسوا بمنتهى السهولة الحلو بالوحش!.. يسلطوا الضوء على العيوب رغم ندرتها، ويتجاهلوا المميزات رغم كترتها.. ماتحكمش على حد من بره أو من غلطة أو من مرة، ومينفعش تاريخ حد أنت عارفه ومعاشره تتمسح بأستيكة في لحظة!.. محدش معصوم بس مينفعش يبقى محدش رحيم برضه!.. د."مصطفى محمود" قال: (الرحمة أعمق من الحب وأصفى وأطهر، فيها الحب وفيها التضحية وفيها إنكار الذات وفيها التسامح وفيها العطف وفيها العفو وفيها الكرم.. كلنا قادرون على الحب، وقليل منا هم القادرون على الرحمة).

تابع مواقعنا