يسعد صباحكم ياشغالين.. قصة أشهر حرفي جريد بالفيوم: "بصدر لدول الخليج وكورونا أثر على أعمالي" (فيديو وصور)
لم يكُنّ يعلم أنّ تركه للتعليم في الحادية عشر من عُمره يقوده لتحقيق حُلمٍ آخر بعيدًا عنّ الدراسة، فامتهن مهنة قريته ليُصبح المُصدر الأول، والحرفي الأشهر لدول الخليج، "العلم في الراس مش في الكرّاس"، هذا المثل الشعبي دائمًا ما يردده الحرفيين، وينطبق عليه جيدًا منّ بين العديد منّ أبناء قريته.
محمد كمال محمد علي، 58 عامًا، ابن قرية العجميين التابعة لمركز إبشواي بالفيوم، لم ينُل حظًا كبيرًا من التعليم، أو ميعة الصبا في سِن الطفولة والشباب، فبعد تركه للتعليم، امتهن مباشرةً حرفة في الثانية عشر منّ عُمره لتُصبح لقمة عيشه ومدخل رزقه الوحيد إلى الآن، وأصبح بالفعل أشهر حرفي جريد بقرية العجميين بالفيوم، وهي القرية الأولى والوحيدة التي يعمل أبناءها في تلك الحرفة على مستوى المحافظة.
يستقيظ محمد كمال، مع آذان الفجر طليعة كُل يوم، يؤدي فريضته، ثم يتناول فطاره مع كوبًا منّ الشاي في الصباح، ليبدأ عمله في السادسة والنصف صباحًا مع صياح أصوات العصافير التي تغرّد مع الشروق، ليجلس داخل ورشته بتعصيبة رأسه المُحكمة، بعمته البيضاء وجلبابه المُميز، ويُجهز أدواته المُعتاده ثم يبدأ في تقطيع الجريد بواسطة مُعداته ليُشكل الأعمال والديكورات وهو الصوت الذي يستيقظ البعض على سماعه بعد الشروق لنتذكر معه كلمات منّ أغنية الشيخ إمام، "الشمس هلّت بالأمل على الشقيانين يسعد صباحكم كُلكم يا شغالين، يامشمرين عنّ السواعد كُلها، الشمس طالعة بابتسامة الأمل".
قصة أشهر حرفي جريد بالفيوم
"كنت في المدرسة ومنفعتش فيها اتعلمت حرفة من الكبار، خرجت من خامسة ابتدائي لكن اقرأ وأكتب جيدًا، تعليم زمان غير تعليم دلوقت".. بهذه الكلمات بدأ يسرد محمد كمال قصته، لـ"القاهرة 24": بعد أنّ تركت التعليم واكتفيت بالصف الخامس الابتدائي، وجدت أنّ مُعظم القرية تعمل في حرفة الجريد، فمهنة عُمرها يتجاوز الـ 300 عامًا في القرية، لم أرثها عن أي شخص في عائلتي لكن كنت دائمًا أجاور كُبار المهنة وأركز فيما يصنعون حتى اكتستبها واحترفتها بشكل تدريجي لإنها استهويتني، وفي بداية عملي بالمهنة في السن الـ 12، قررت أكونّ مُختلفًا صنعت منّ الجريد كراسي منها "العادية، والفرعوني، كراسي مزدوجة الفتح والغلق"، ثم اتجهت للديكورات، وصنعت أباليك الكهرباء، وأطقم كاملة سياحية تناسب الشاليهات، وصواني الشاي، وعلب المناديل، ثم صنعت نجف من الجريد وهذه أخر ابتكاراتي.
وأكمل: منّ هذه المهنة استطعت أنّ أزوج أولادي الستة، "حرفة مستورة، وشريفة، واللي عاوز ياكل لقمة بالحلال ربنا بيسترها معاه دايمًا".
وأضاف الحرفي، أنّ تُجار الجريد بالفيوم، يحصلون على الجريد منّ عدة محافظات، منها الأقصر وأسوان، وسوهاج، وأسيوط، ونشتري منّ التجار، حيث يترواح سعر الـ 1000 جريدة مابين"1300-1700" جنيه، ولكن يتخطى سعر الـ 1000 جريدة لـ 2000 جنيه في فصل الصيف نظرًا لعدم توفره يكون متوفر بقلة على عكس ذلك يتوافر في الشتاء ومنّ مُميزات الصيف أنه يجف في وقتٍ أقل من الشتاء، حيث نشتريه أخضر ونرصه رصًا على بعض حوائط الأسوار ليجف ويتشمع منّ الشمس ويستوي في مُدة أقصاها منّ أسبوع لـ10 أيام وأحيانًا أقل منّ ذلك وفي الشتاء ممكن نتركه يجف لمدة شهر حسب الطقس، مُشيرًا إلى أنه يوجد قرى بالفيوم يشترون منها الجريد أحيانًا، مثل طامية ومطرطارس وسنورس والغرق.
وعنّ الأدوات المُستخدمة في هذه الحرفة، أوضح كمال أنه يستخدم بعض الأدوات منّ الطبيعة كما يستخدم آلات حادة آخرى مثل الهلال للمسح السكين الحاد للتقطيع والتخريط ولقط للتخريم والتعليم على الأشكال ومُسمار علام.
التسويق على الإنترنت
وعنّ دور السوشيال ميديا والإنترنت في حياة الحرفي محمد كمال، أكد أنّ المهنة تغيرت إلى الأفضل عنّ زمان: في السنوات الماضية كان عرض أعمالي منّ خلال الورشة فقط، "اللي بيعدي صُدفة بيشوفها يايشتري يا مشتريش، فقررت أدشن صفحة على الفيسبوك، وأعرض وأسوق منّ خلالها أعمالي، وبالفعل زبائن كثيرة تتعامل معي منّ خلال الصفحة بعد مشاهدتهم الصور والفيديوهات الخاصة بأعمال الجريد، وبدأت لأكون متواكبًا مع عالم الإنترنت أطور منّ الحرفة، فصنعت كُل ما هو جديد، صنعت نجفة من الجريد ونالت إعجاب الكثير "لومُكنتش عرضتها على النت مكنش حد شافها أو طلبها وأي ديكور يخطر على بالي أنفذه، وإذا تم تنفيذه بشكل جيد بعرضه، والعرض رفض وقبول، "ياصابت ياخابت لكن دايما بتصيب بفضل ربنا معايا".
وأشار محمد كمال إلى أنه يقوم بتنفيذ الرسومات أو الديكورات التي تخطر على بال البعض من الزبائن وينفذها كما تطلب منه.
كورونا والجريد
بشكل كبير أثرت موجة كورونا الأولى على الحرفيين، خاصةً بعد قرار وقف التصدير، وتعليق الطيران فترة ضمن حزمة قرارات أقرتها الدولة المصرية احترازًا منّ كورونا، يقول محمد كمال: في موجة كورونا الأولى، لم تشهد منا هذه الحرفة أي تقصير كنت مُستمرًا في عملي رغم قلة الإقبال، لكن أثرت عليّ في تسويق الأعمال محليًا وخارجيًا، بالنسبة للمحلي بسبب تم غلق الشاليهات والكافتيريات والمقاهي أيام قرار الحظر "محدش كان بيطلب منا شغل"، أمّا على مستوى التسويق الخارجي، أثرت بسبب وقف التصدير وتعليق الطيران، وبعد مرور الموجة الأولى عاد لطبيعته إلى حد كبير، مؤكدًا أنه لا يزال يعمل في بعض أعمال الجريد والتي كانت مَطلوبة منه مُنذ الموجة الأولى للسعودية وذلك بسبب وقف التصدير.
التصدير
وأشار الحرفي إلى أنّ أكثر الدول المُصدر لها أعماله من الجريد هي السعودية، مُعتقدًا أنّ سبب ذلك وجود عدد كبير منّ المصريين منّ قرى مجاورة للعجميين مُقيمين بالسعودية ولديهم محال تجارية هُناك، لافتا إلى أنّه ما قبل كورونا كان يُصدر أيضًا لعدد أخر منّ دول الخليج منها، "الإمارات والكويت"، لكن حاليًا يُصدر للسعودية فقط.
أمنيات حرفي
وفي ختام حديثه مع "القاهرة 24"، والذي طال ساعات في ورشته، تمنى الحرفي أنّ تنضم هذه الحرفة للتراث الريفي، ويُعترف بها ضمن تراث المحافظة: "نفسي المسؤولين يعترفوا ويهتموا بها أكتر من كدة، حرفة عُمرها تجاوز الـ 300 عام، ويعمل بها حوالي 20 ألف منّ أبناء القرية.
برلماني بالفيوم: تصريحات تامر أمين عن الصعايدة جريمة.. وفصله من المهنة لا يكفي
وزير الري: 10 آلاف جنيه غرامة إلقاء القمامة بالترع بعد تبطينها