كن كارلا مسعود!!

عرّف علمُ النفس الطاقةَ الإيجابية بأنها الطرق التي توفر التفاؤل في الحياة السعيدة، وتدعم الأدلة الحديثة بقوة دور الطاقة الإيجابية في الرفاهية والصحة النفسية وعدم الشعور بالضيق النفسي، كما أن العوامل التي تؤدي إلى فقدان الرغبة في الحياة بسبب المقدار الكبير من الطاقة السلبية عند الفرد هي عوامل غير مفهومة تمامًا.

للإنسان طاقة معينة مثل بطارية الهاتف المحمول تكون لها قدرة وقتية على العمل وتستنفد بعدها، ومن ثم تحتاج مرة أخرى إلى الشحن لتعيد قواها وتكمل ما أنتجت من أجله، فالإنسان أيضا يحتاج يوميًّا إلى شحن ولكن ليس كالبطارية، فهو شحن من نوع آخر وغير مكلف بالمرة.

كارلا مسعود فتاة اعتادت مؤخرًا على نشر تعليقاتها المبهجة بالعديد من صفحات التواصل الاجتماعي داخل مصر، والتي تشارك بتعليقات تبدو متشابهة ولكنها تنشر المحبة والطاقة الإيجابية فقط، ليخرج بعض الأشخاص متهمًا إياها بالتفاهة، وأن ما تنشره من تعليقات لا تريد منه سوى الشهرة وغيرها.

اختلفنا أو اتفقنا على نية كارلا مسعود، فإن الشاهد هنا يبدو مختلفًا، فلم نجد تعليقًا واحدًا لكارلا مسعود به إهانة أو تجريح أو حتى إبداء رأي في قضية ما، نجد فقط نشرها للطاقة الإيجابية في جميع المنشورات، والذي يحتاج إلى طاقة أعتقد بأن البعض يفتقدها كثيرًا في وقتنا هذا تحديدًا.

فهل نستطيع أن نكون مثل كارلا مسعود في حبها للحياة، وفي بهجتها بنشرها للطاقة الإيجابية دون حساب، ودون انتظار مردود من أحد؟، الكلمة الطيبة صدقة كما قال رسولنا الكريم، كما أنها من الممكن أن تنير حياة شخص أو تدمر حياته.

فمن منا لا يريد أن يكون في حياته الآلاف من كارلا مسعود ينشرون الطاقة الإيجابية بكلمات بسيطة؟ من منا لا يطير فرحًا إذا دون له البعض تعليقًا إيجابيًّا على منشور يتعلق بشيء يفرحه؟، أصبح الكومنت كما يطلق عليه أهل الفيس يزيد من ارتفاع الأدرينالين المحفز للسعادة.

نشر الإيجابية في المجتمع بكل فئاته يحتاج إلى طاقة رهيبة، ففكرة إلقاء المحبة والكلمات الجميلة على من تلقاه تحتاج لطاقة تصعب على كثيرين، ولكن هناك من ينفذها جيدًا وبشكل لطيف أيضا فيمتلك من الذكاء الاجتماعي ما يجعله محبوبًا في البقعة التى يوجد بها، فالشخص الذكي اجتماعيًّا يعرف كيف ينطق ومتى يصمت، وكيف يجامل ومتى يكف.

الذكاء الاجتماعي فطرة لا تحتاج إلى تعلم ولكنها تحتاج إلى تدبر فقط، فنجد بعض الأشخاص في مواقف ما يتصرفون بعناية دقيقة يحتاج البعض إلى تخطيط من أجل تنفيذها، ولكن من لديه ذلك الذكاء الاجتماعي لا يحتاج إلى شيء فهو فقط يعطي إشارة للمخ لتترجم إلى فعل.

عندما كنت أعمل في السياحة كان هناك سيدة أجنبية لم أعرف جنسيتها ولكن عرفت حبها للحياة الطاغي على تصرفاتها، فقد كانت تركض في الصباح يوميًّا ولا تترك شخصًا واحدًا إلا وتلقي عليه ابتسامتها الجميلة مصحوبة بجملة "صباح الخير"، فعندما تسمع تلك الكلمة تجد نفسك مبتسمًا دون أي شيء، فالابتسامة تحرك محفزات السعادة ترتفع أكثر مما لو فتحت التلفاز لتشاهد مسرحية كوميدية بكامل مشاهدها.

يقول الخبراء إن ارتفاع هرمون السعادة يحتاج إلى راحة، وكذلك أكلات معينة كما حصرها البعض في أكل الشوكولاتة الداكنة، وآخر أعد قائمة عريضة لأشياء تجعلك سعيدًا، إلا إنني أختلف معهم في ذلك الأمر وأقول بأن نشر السعادة يحتاج إلى أشخاص إيجابيين في حياتنا يُلقون الكلمات الجميلة كما نلقي قطعة الشوكولاتة في الفم.

البحث عن السعادة يختلف من شخص إلى آخر، فهناك شخص يجدها في الأكل وآخر في الرومانسية، وثالث في المواد المخدرة، فمفهومها يختلف باختلاف طبائع الناس وعاداتهم وكذلك البيئة التي يعيشون فيها، وكلها مسميات وإن اختلفت فإن السعادة التي تدخل إلى القلوب مفهومها واحد.