الأحد 29 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قبر الخيبات.. قصة قصيرة لعبد السلام إبراهيم

الكاتب عبد السلام
ثقافة
الكاتب عبد السلام إبراهيم
الإثنين 08/مارس/2021 - 08:19 ص

آهٍ يامريم ... كم أحسدك على إيمانك القوي وبكل بساطة؟

وها أنتِ تنامين على سريرك وبكل سكينة..!

أتساءل : لمٓ خلقني الله متمرداً لا استسلم حتى لنفسي؟

يأكلني الصمت في حضرة الناس حتى لا أزعج أحدا، وتؤرقني الأسئلة الثرثارة، العصية، المتمردة، في حضرة ذاتي .

أصدقيني القول يا مريم: هل هذا نوع من الجنون؟

لا بدّ أنه الجنون ....

هل صليتِ الفجر يا مريم؟ أنا لم أصله ..

لماذا لا تردين يا امرأة؟

أعلم أنك غاضبة ومرضتِ منذ أن سافر الأولاد، لكن ما الحل؟ لم يكن أمامي خيار، إما أن ألقيهم في أتون الحرب أو أجعلهم لاجئين .

لستُ خائفاً من الحرب يا امرأة- ولكن ليس أي حرب - أنتِ تعلمين، ذهبتُ إلى حرب تشرين بعد زواجنا بثلاثة أشهر وعدتُ جريحاً .

ما أجمل تلك الرصاصة التي اخترقتْ كتفي، أذكر لحظتها تماماً، وكأنها تخترقني الآن.... انقضضتُ على المربض الإسرائيلي وأنزلت علمهم ومزقته، شعرتُ وقتها بسهم حار يخترق كتفي.

هههه .. أعلم أنك ستقولين كالعادة: صدّعتنا ببطولاتك، ولكن والله يا مريم، لم أشعر أني رجل إلا تلك اللحظة وليتها اخترقت قلبي لأموت وأنا رجل ولا أعود لحياة رجل مخصي .

آهٍ يا مريم ثلاثون عاما وأنا كأم العروس، أرمي بقدميّ ويديّ في الهواء مهرولاً إلى المدرسة، أنحتُ في عقول الأولاد أناشيدَ عن الوطن عن فلسطين عن الشعراء الفرسان عن الأمجاد .

والنتيجة... خيبة إثر خيبة لا وطن ولا فلسطين ولا أبناء ولا هم يحزنون .

حتى أنتِ يا مريم، خيبتي الكبرى، بل ليتك ذهبتِ مثلهم بصمت، ولكن هيهات، ليس من عادتك أن تفعلي شيئا بصمت وأنت الثرثارة النكدة.

هيا قومي يا امرأة، فضحتني سيسمع صوتي كل من في المشفى .

هل تعاقبينني بموتك لأحفر قبركِ بيديّ؟

آه يا مريم... كم سيكون القبر كبيرًا ليتسع لكل خيباتي.

تابع مواقعنا