أمان يا لالالي
الجمعة 21/ديسمبر/2018 - 03:39 م
- فيه قانون فى هولندا بيقول إن ممنوع الشرطة تدخل أى كنيسة وقت إقامة القداس تحت أى ظرف ومهما كانت الأسباب.. كنيسة “Bethel” فى هولندا بقالهم 5 أسابيع فى قداس مستمر ليل نهار ولسه مكملين!.. ليه؟.. عشان فيه أسرة أرمينية مهاجرة عايشين فى هولندا بقالهم أكثر من 9 سنين وحصلوا على لجوء لكن الحكومة قدمت 3 إستئناف ضد حصولهم على اللجوء.. 2 إستئناف إترفضوا والثالث إتقبل وصدر قرار بترحيلهم من البلد فوراً!.. الأسرة لجأوا لكاهن الكنيسة وطلبوا منه الأمان.. الراجل سمع منهم و تضامن معاهم وتحمل على عاتقه مهمة حمايتهم وهو وباقى كهنة الكنيسة.. لغاية دلوقتى فيه أكتر من 50 كاهن شاركوا فى القداس بـ 4 لغات مختلفة.. هيستمروا لحد إمتى؟.. أصحاب الكنيسة بيقولوا مش مهم حتى لو قعدنا العمر كله لحد ما الحكومة تغير وجهة نظرها وتبص بعين الإعتبار والرحمة لحال الأسرة دى اللى عايزين يرحلوهم للمجهول!.. طيب هتقدروا تكملوا؟.. كاهن الكنيسة بيقول آه وفيه أكتر من 450 كاهن هيشاركوا معانا عشان نضمن إننا هنفضل مكملين وحاميين الناس اللى لجأت لنا وطلبوا مننا “الأمان”.. الكاهن قال كمان مينفعش تقفل بابك فى وش حد طلب منك “الأمان” خصوصاً لما يكون فعلاً محتاجه ويستحقه.
- فيه قول مأثور بيقول: (الأمان ربُّ ثُمَّ أب).. من القصص اللى كتبها ” أنيس منصور ” نقلاً عن الأدب الإنجليزى واللى تم تداولها بعد كده بكذا صيغة وطريقة فى كذا كتاب لما الأب “بروكلن” كان بيعدى الجسر اللى بيفصل بين بيته وبين مدرسة بنته “ريتا” اللى عندها 5 سنين.. الجسر متهالك و بيمر فوق نهر وكانت دى أول مرة “بروكلن” هيوصل “ريتا” لـ مدرستها.. قال لها: ( حبيبتى إمسكى يدى جيداً حتى لا تقعى فى النهر).. البنت ردت عليه: ( لا يا أبى إمسك أنت بيدى).. رد عليها بتعجب: (وهل هناك فرق!).. البنت قالت بتلقائية: (لو أمسكت أنا بيدك قد لا أستطيع التماسك ومن الممكن أن تنفلت يدى رغماً عنى فأسقط، لكن لو أمسكت أنت بيدى فأنت لن تدعها تنفلت أبداً(.
- فى مسلسل (حديث الصباح والمساء) من بين العشروميت شخصية اللى كانت بتموت وتصحى كل حلقة كان فيه حد مهم جداً وساب تأثير للى يلاحظ.. شخصية “داوود باشا يزيد” اللى قام بدوره “خالد النبوى” .. الراجل ده لظروف خاصة وهو طفل سافر فرنسا ودرس الطب هناك واتربى على الإتيكيت والألاطة.. وعشان بقية الصورة المثالية تكتمل رجع مصر بعد ما خلص وأتفرض عليه عروسة شابة أرستقراطية من عيلة وحسب ونسب إسمها “سنية هانم الوراق” اللى قامت بدورها الممثلة “موناليزا”.. شوية بـ شوية ورغم إنه خلّف وبقى أب لكن بدأ “داوود” مايلاقيش نفسه فى الحاجات اللى إتفرضت عليه.. لا فى الدراسة اللى اتعلمها ولا فى القصر اللى عايش فيه ولا فى الزوجة الحلوة بس ملامحها metallic جامدة.. سبب مهم فى كده كمان هو تهديد “سنية” الدائم ليه بالإنفصال بعد كل مشكلة بينهم.. “داوود” عمل pause لـ كل حياته اللى فاتت وقرر بدون تفكير يتجوز الجارية الحبشية “جوهر”!.. واحدة لا قيمته ولا شبه مستواه ولا 0.1% من تعليمه لكن إختارها هى.. الدنيا اتقلبت عليه.. إبنه قاطعه لـدرجة إنه ماعزمهوش فى فرحه.. قال مش مهم.. قرايبه قالوا عليه كبر وخرف.. قال مش مهم.. خسر الباشوية قال مش مهم.. لمة الناس حواليه بدأت تفك حبة بـحبة برضه قال مش مهم.. حتى لما أخوه “عزيز” عاتبه: ( “جوهر” يا “داوود”!، الجارية!).. رد “داوود” عليه رد قاطع حاسم فسر سبب خطوته الجريئة: (حسيت معاها بالأمان يا “عزيز”؛ الحاجة الوحيدة اللى تجبر أى حد إنه يكمل أو يمشى).
- صديق وجار الطفولة “خالد ناصر” خريج علوم بتقدير جيد جداً بس إضطر يشتغل فى فرع شركة من شركات الأمن والحراسة الخاصة ونقل الأموال فى محافظة أسيوط.. مدير الفرع كان مسئول حكومى سابق على المعاش وكان متبع أسهل أسلوب يخسّرك ناس أكتر ما يكسبك.. اللوم المتتالى على تقصير ملوش وجود إلا فى باله هو.. عقاب الكل حتى لو واحد بس اللى أخطأ!.. التهديد المستمر بالطرد!.. ده غير التعود على شتيمة الناس اللى بيشتغلوا هناك معاه كـ نوع من فرض الإنضباط!..الفكرة إن “خالد” أساساً إبن ناس وراح الشغلانة دى وهو مش طايقها بس عشان مايبقاش إسمه قاعد فى البيت وبسبب ظروف خاصة- (ممكن نتكلم عنها فى مقال تالى)- أخرت أو أجلت أو لغت توظيفه فى مكان يستاهل بشهادته.. التهديد المستمر بالطرد؛ خلاّه يأجل خطوة خطوبته مرة وإتنين إنتهاءاً بإلغاء الخطوبة نفسها.. خلاّه يبدأ يدور على شغل تانى وتركيزه يقل غصب عنه فى الشغلانة الأساسية اللى مابقاش ضامن إنه بحركة غباوة من مديره يبقى براها.. ضغط ضغط ضغط.. ويزيد الضغط على الأعصاب لما فى يوم راح الشغل متأخر عشان كان بيزور أمه فى المستشفى لأنها تعبت فى اليوم اللى قبله ونقلوها هناك وهو مقالش فى الشغل بسبب اللخمة وعلى إعتبار إن هو فى إيه ولا فى إيه..لما وصل متأخر المدير قال له: ( إتأخرت ليه يا زفت؟) .. “خالد” سأله: (إنت بتقول لـ مين يا زفت؟).. المدير قال: (بقول لك إنت، إيه أطرش مابتسمعش؟).. المدير كان قدامه كباية شاى سخنة؛ “خالد” مسكها ورمى اللى فيها على هدومه وإيده وبمنتهى الهدوء قال له: ( نقول كمان، سيادتك لما تتكلم معايا تتكلم كويس أنا أبويا ماصرفش عليا دم قلبه عشان تقول لى يا زفت، إتأخرت تخصم لى ده اللى ليك عندى أكتر من كده لأ).. قال الكلمتين بمنتهى الهدوء والبرود.. والمدير متنح ومش بينطق.. لما “خالد” خرج من الأوضة بتاعته المدير فاق من الصدمة وقعد يصرخ: (أنا هحبسك أنا هربيك إنت مفصول يا كلب).. فى نفس اللحظة كان “خالد” واقف بيشرب سيجارة جنب باب الشركة ورجله الشمال متنية وساندها على الحيطة بمنتهى الثقة وجنبه واحد صاحبه خرج وراه عشان يهديه بس هو كان فى وادى تانى خالص.. بص يمينه على اليافطة الصغيرة النيون المتعلقة جنب باب الشركة وعليها إسمها.. “أمان”.. بتنور وتطفى.. هز راسه بسخرية ومسك السيجارة وطفاها فى نصف اليافطة بالظبط وهو بيقول: ( قال لك شركة “أمان” قال!.. عالم جِبلات والأمان الوحيد اللى يعرفوه هو أمان يا لالالي).
- فى القرآن الكريم ربنا بيقول فى سورة “قريش”: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِّنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِّنْ خَوْفٍ﴾.. جاب “الأمان” بعد الشبع من الجوع كثانى أكثر المتطلبات أهمية لأى إنسان.. إنت لو متطمن إن وظيفتك هتفضل موفرة ليك الحد الأدنى من الإستمرارية ومش هييجوا فى مرة يقولوا بخ مع السلامة؛ الطبيعى إنك هتدى أكتر وبإخلاص وذمة ملحوظين.. فى الحب مفيش طرف بيكون عايز من التانى أكتر من “الأمان”.. أمان إنك مش هتتغير أو إن الحب مش هييجى عليه وقت يقل.. حس ونفس وحتى شخطة الأب فى البيت “أمان”.. ضغطة إيد الأم على إيد إبنها “أمان”..جدتى الله يرحمها كانت بتقول: (اللى يآمنلك هيديك حبابى عينيه بطيب خاطر وكمان هيحس إنه مديونلك).. “الأمان” الحاجة الوحيدة اللى تجبر أى حد إنه يكمل أو يمشى.