مريم صالح: "أنا مش ممنوعة من الغناء (حوار)
"أنا مش بغني"، لم يكن مجرد اسم لألبومها الأول، وإنما تعبيرًا عن حالتها الغنائية بشكل عام، فهي ليست مطربة، وليست مغنية عادية أيضًا، هي "مود" مختلف عن المعتاد، بصوتها القوي وأدائها العنيف في الغناء، مع موسيقاها الخاصة بحالتها، لقبت مريم صالح بالمتمردة، لتمردها على السائد بموسيقاها وطريقة غنائها.
رغم غيابها فترة طويلة عن الإطلالات الحية، نظرًا لأزمة كورونا، مع انشغالها بتربية ابنتها "سر"، قررت العودة إلى الساحة الفنية من جديد، وهذه المرة "عودة مش عادية"، بتحضيرها حفل غنائي ضخم بالقاهرة، مع انشغالها بتحضير عدة أغاني جديدة.
وكشفت مريم صالح في حوارها الخاص لـ"القاهرة 24"، انتهائها بالفعل من العمل على ثلاثة أغانٍ جديدة، من بينها أغنية تحمل اسم "عاشق غبي"، ليس فقط الاسم هو المميز، وإنما "التيمة" الموسيقية التي ستظهر بها هذه المرة، حيث تنوي تغيير جلدها الموسيقي بتعاونها مع "بروديوسر" شهير لأغاني التراب راب، التي استحوذت على تريندات السوشيال ميديا مؤخرًا.
"مزيكا راب بس مش هغني راب".. هكذا أوضحت مريم سر التركيبة الموسيقية الجديدة التي تحضرها في أغنيتها المنتظرة، المقرر ظهورها للنور قبل انطلاق الماراثون الرمضاني، حيث تحمل روح موسيقى الـ "تراب" ولكن على طريقة مريم صالح الخاصة، وتعود بها لمشروعها المستقل الذي يحمل اسمها، بعدما انشغلت السنوات الثلاث الأخيرة بمشروع "الإخفاء" المشترك الذي جمعها مع زوجها الفلسطيني تامر أبو غزالة والموسيقي موريس لوقا.
تعبر مريم عن حبها لموسيقى "الراب" الجديدة التي ظهرت في الساحة مؤخرًا تحت مسمى "التراب"، وتمكنت من الاستحواذ على تريندات كبار النجوم، كما تحب سماع أغاني المهرجانات ولا تخجل من قول أنها تستمتع بأغانيها، فالبنسبة إليها كل لون غنائي يعبر عن جيل كامل، وكل جيل يتغير كل خمسة سنوات، فطبيعي أن تظهر ألوان جديدة في الموسيقى والغناء كل فترة ربما لا يرضى عنها الأغلبية، تقول: "بحب الراب والمهرجانات والأغاني دي مش عيب نسمعها ونحبها، وكل مزيكا بتعبر عن جيل، وذوق لناس تانية، المزيكا والغنا مش حكر على حد معين ولا طريقة ولون معينين".
"انتي بتزعقي ليه"، ربما يكون أول تعليق يتبادر إلى الأذهان عند سماعها لايف للمرة الأولى، فهي "عنيفة" في أدائها الغنائي التي تجسد خلال صوتها "مشاعر" الكلمات بالمعنى الحرفي، ممزوجة بموسيقى الروك القوية في حد ذاتها، مع اتكالها على أغنيات تحمل جرعات مركزة من الحزن والألم وحتى الجرأة في طريقة طرحها.
زلزلت مريم صالح العام الماضي دهاليز العالم الافتراضي والسوشيال ميديا بعد انتشار شائعة منعها من الغناء في مصر بقرار من الفنان هاني شاكر نقيب الموسيقيين، على خلفية انتشار فيديو لمقطع لإحدى أغانيها "أنا رص رص أنا دوشة، أنا هس هس أنا كله"، مرفق بتعليق مفاده "استغاثة لهاني شاكر ازاي سايبينها تغني"، تزامنت أيضًا تلك الدعاوي مع ظهور أغنية "تسكر تبكي" ضمن ألبومها الأخير "الإخفاء، والتي حملت لفظًا خارجًا في محتواها.
وهي الإشاعات التي نفتها مريم نفيًا قاطعًا لـ" القاهرة 24" قائلة: "أنا مش ممنوعة من الغنا ولا حاجة، ومفيش أي مشكلة بيني وبين هاني شاكر، دي كانت زيطة وحملة تنمر عليا وخلصت، ومارضتش أرد أو اعلق عليها وأركب الموجة وقتها"، مؤكدة أن غيابها طوال الأشهر العشرين الأخيرة لم يكن بسبب أي مشكلة "نقابية" ولا خلاف مع أحد، وإنما لانشغالها بتربية ابنتها الصغيرة "سر"، وسعيها للاستقرار في حياتها الخاصة لفترة.
"تنمر" و"هجوم" تعرضت له مريم عقب غرق منصات التواصل بتعليقات سلبية تهاجم أدائها الغنائي الغريب وكلمات أغانيها وموسيقاها التي ربما لا تكون مفهومة للناس العادية، ولكنها مثلت "حالة حب" خاصة لجمهورها من الجيل الجديد والشباب الذين وجدوا في طريقة "صراخها" مهربًا من مشاكلهم وأزماتهم النفسية، وتعبيرًا عن الصيحات المدفونة بداخلهم، كما وجدوا في أعماق كلمات أغانيها تعبيرًا عن روحهم، فتكفي كلمات "انساب وليه تنربط ياللي في ضهرك جناح، احزن عشان تنبسط موت علشان ترتاح".
مسيرة مريم صالح تمتد لأكثر من 15 سنة، بدأتها بألبومها الأول "أنا مش بغني"، واشتهرت بأغنيات "وحدي" و"سرعة الأيام"، ومن بعده مزجت بين روح أغنيات الشيخ إمام مع الإلكترونيك ميوزيك مع الموسيقار اللبناني زيد حمدان في ألبوم "حلاويلا"، وحققت انتشارًا واسعًا بأغنيات "نيكسون بابا" و"غابة"، حتى أثارت الجدل بمشروعها الأخير "الإخفاء"، بسبب أغنية "تسكر تبكي زي العيل".
الأغنية في حد ذاتها حققت نجاحًا واسع المدى مع إثارتها لحفيظة "المجتمع المحافظ" لاحتوائها على لفظ "خارج" أو "عيب" من وجهة نظر المصريين، وإنما لجرأتها في الطرح، فحتى ذلك اللفظ عند سماعك للأغنية نفسها ستفهم مغزاه وسبب تواجده ومناسبتها "حرفيًا" لمعنى الأغنية، التي تقول كلماتها "لجل العشق في بختك ميل، تسكر تبكي زي العيل".
الغناء ليس موهبة مريم الوحيدة، فوسط "ستايلها" الغريب في الطلة والموسيقى، تحمل في داخلها بذرة "ممثلة موهوبة"، وضعت بصمتها في عدة أعمال درامية وسينمائية ناجحة، منها فيلم "حدوتة من صاج" مع أمينة خليل، الذي جسدت خلاله شخصية منى فرخة وهي فتاة ليل مع إطلالتها في مسلسل "فرح ليلى" مع ليلى علوي وفيلم "حلم شهرزاد"، وفيلم "صيف تجريبي"، فبدايتها الحقيقية في عالم الفن كانت مع خشبة المسرح، إثر تربت فنيًا على يد والدها المخرج المسرحي الراحل صالح سعد، وبدأت رحلتها مع فرقته المسرحية "السرادق"، وتنقلت بين عدة فرق من تأسيسها فيما بعد حتى استقرت على التركيز في الغناء، بإنشاء مشروعها المنفرد.
تُكِنّ مريم حبًا خالصًا للعائلة، ليس فقط لزوجها تامر أبو غزالة ولا ابنتها سر، وإنما لأخوتها، نغم صالح، التي اتخذت مسارًا مختلفًا عن مشوار أختها الكبرى، فرغم بدايتها مع موسيقى الأندرجراوند، وأغنيات الشيخ إمام، قررت تغيير جلدها واقتحام عالم "الكوميرشيال" بعد تعاقدها مع المنتج نصر محروس، وأطلقت معه عدة كليبات نالت نصيب الأسد من النجاح الجماهيري، منها "عاملة نفسي نايمة" و"حد مايستهلكش".
أما الأخت الثالثة جميلة صالح، اتخذت طريقها المستقل أيضًا بكونها "دي جي" واستقلت بحياتها فترة طويلة في ألمانيا، حتى عادت مؤخرًا لمصر وتبدأ رحلة "الموديلين" وعالم الأزياء، تصفهم مريم بـ"ولادي مش إخواتي"، وتقول: "احنا عيلة مجنونة في تصرفاتنا وطبيعة حياتنا وشخصيتنا بس بنحب بعض جدًا وقريبين أوي من بعض"، أما ابنتها فهي حالة حب خاصة جدًا من نوعها، فهي التجسيد الحي لروح مريم وتفكيرها، وذلك ما تجسدت جليًا في اختيار اسمها "سر"، اسم غريب وجديد وغير مألوف.