الولاية حقي.. كيف تناضل النساء من أجل تعديل قانون الأحوال الشخصية؟ (صور)
حالة من الجدل أثارتها المسودة المقترحة لتعديل قانون الأحوال الشخصية الجديد، حيث وجد الكثير أنه يلغي الشخصية القانونية للنساء ويتعامل باعتبارهن ناقصات الأهلية، كما يلغي أي حق للأمهات لمباشرة حياة أبنائهن ويعتبرهن "مكنة تفريخ أطفال فقط" بحسب حقوقيين.
وانطلقت حملة من الأصوات على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج "الولاية حقي"، تقودها مؤسسات نسوية وشخصيات عامة وأفراد، اعتراضًا على انتقاص حق المرأة في التصرف الكامل فيما يخص أطفالهن وأموالهم، وحتى مصيرهم وصحتهم بما يعرف بالولاية على النفس.
وأغفلت المسودة المقترحة حق الولاية التعليمية، فمازال غير مسموح للأم أن تنقل أولادها من مدرسة إلى أخرى، أو أن تلحقهم بالمدرسة، لأن هذا يندرج تحت مفهوم الولاية، والتي يحتكرها الرجال، ولا تستطيع الإشراف على أموالهم أو استخراج جواز سفر لأطفالها بدون تفويض من الزوج أو الأب، أو بطاقة رقم قومي أو دعم طفلها في أي تعامل قانوني باعتبارها أمًّا.
الولاية حقي
تصدّر هاشتاج "الولاية حقي" موقعي التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر"، بعد مناقشة تعديلات قانون الأحوال الشخصية، حيث شهد تفاعلًا كبيرًا وسط تأييد لحق المرأة في الولاية على نفسها وأطفالها.
وكتب حساب يحمل اسم محمد: "مراتي هي اللي بتذاكر للعيال وبتعمل معاهم الواجب وبتتابع مع المدرسين وعارفة كل حاجة عن دراستهم وأصحابهم، أنا بالعافية بعرف هما في سنة إيه بعد ما بسألها، وفي الآخر القانون بيديني أنا الولاية التعليمية على الأولاد اللي أنا تقريبًا معرفش بيدرسوا إيه أصلاً!!".
أما "أمنية عماد" فكتبت معترضة على عدم أحقية المرأة في الولاية عبر "فيس بوك": "يعني أنا إنسان كامل الأهلية في قانون العقوبات لكن فاقدة الأهلية في قانون الأحوال الشخصية"، مستخدمة الهاشتاج نفسه.
بينما أبدت "نجلاء رزق" اعتراضها على تعنت القانون ضد النساء، فقالت في منشور لها على "فيس بوك": "أنا أستاذة جامعية لي تاريخ في الحياة الأكاديمية وفي التعليم والبحث على المستوى المحلي والدولي. من أكثر من 15 سنة كنت رئيسًا لقسم اقتصاد فيه أساتذة رجال، منهم أساتذتي من وقت ما كنت تلميذة".
وتابعت "وكنت من عشر سنين عميدًا مشاركًا لكلية إدارة الأعمال فيها كمّ من الأساتذة الأفاضل رجال ونساء، ومع ذلك ما كان لي الحق أن أفتح حسابًا لأولادي في بعض البنوك في مصر لمجرد أني سيدة".
مبادرات نسوية
وقالت أميرة طنطاوي، المتحدثة باسم حملة "أمهات مع وقف التنفيذ" إن قانون الأحوال الشخصية به عوار شديد، يخص جنحة الامتناع عن تسليم الصغير في المادة 292 من قانون العقوبات، حيث أوجد عقوبتين مختلفتين لنفس الفعل، ولم يتطرق إلى آلية التسليم.
وأضافت في حديثها لـ" القاهرة 24 " أن المشرع فى تلك المسودة، يرى أنها لا تملك ولاية على نفسها وأن أمرها ي أمور زواجها وطلاقها وتسجيل أبنائها يخص أي ذكر بعائلتها أو عائلة زوجها بل ويعطيهم حق فسخ عقد زواجها.
وأوضحت “طنطاوي” أن المشكلة الأساسية ليست في التشريعات، وإنما في الإجراءات التنفيذية، لأنها تعتبره مجرد حبر على ورق، مستطردة أنه من المهم تشديد العقوبة وإرفاق آلية تنفيذ للتعديل التشريعي، وتفعيل قانون رادع لتحجيم ظاهرة الخطف أو الاحتجاز لابتزاز الأم ولمنع استخدام الطفل ككارت ضغط ووسيلة لابتزاز الأم الحاضن تحت أي بند.
خطف وحرمان من حق الولاية التعليمية
خلاف في وجهات النظر استحالت معه العشرة بين زوج وزجته، دفع ثمنه الأطفال والأم التي حُرمت من فلذات أكبادها، هذا مع حدث مع "سارة" حيث انفصلت عن زوجها بشكل غير رسمي لمدة ثلاث سنوات من 2015 وحتى 2018، وتركت بيت الزوجية وذهبت للعيش مع عائلتها، لتتفاجأ بعد ذلك بهروب الزوج وسفره إلى الخارج دون علمها، وحين علمت أخبرها أنه يحاول جمع المال حتى يتمكن من الإيفاء بحقوقها المالية ما بعد الطلاق.
وبعد محاولات عدة من جانبه لتهدئة الوضع، كان الزوج يرسل شهريًا من 2016 وحتى 2018 مبلغًا من المال للإنفاق على أبنائه وزوجته، حسبما أفادت في حديثها لـ"القاهرة 24"، حتى وكّل شقيقه بتطليقها بعد إبرائه من كافة حقوقها، وبعد شهرين من تناوب الأطفال بين الجانين قرر العم خطف الطفلين وحرمان الأم من رؤيتهما.
حاولت “سارة” بكل الطرق القانونية والودية استعادة أطفالها إلا أنها باءت بالفشل، وحررت محضرًا بواقعة الخطف لكن تم حفظه، ورفعت قضية لضم طفليها التوأم وهما بالفعل في حضانتها، لكن النيابة رفضت بحجة أن الأب خارج البلاد، وعلمت "سارة" مكان المدرسة التي تم قيد الطفلين بها وتوجهت إليها للسؤال عنهما ومتابعتهما لكن العم بعد علمه أخفى الطفلين (7 سنوات) ولم يذهبا مرة أخرى إلى المدرسة، ولا تستطيع الأم التصرف أو أخذ أي إجراء يخص مستقبلهما التعليمي "الولاية التعليمية".
التصرف في النفس والأموال
من جانبه أوضح "جمال محمود" المحامي في حديثه لـ"القاهرة 24" أن الدستور المصري يكفل للمرأة حق التصرف في نفسها ومالها، فهي أمام القانون إنسان كامل الأهلية لها الحق في التصرف فيما يخصها ما دامت أتمت سن الرشد الذي حدده القانون بـ21 عامًا، وتستطيع السفر بمفردها لأي غرض، إلا في الدول التي تشترط وجود محرم.
وقال إن هناك ثلاثة أنواع من الولاية تثبت على الصغير من مولده، أولها: ولاية التربية، وثانيها: الولاية على النفس، أم الثالثة فهي الولاية على المال.
فأما ولاية التربية وهي الحضانة فغايتها وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شؤونه في الفترة الأولى من حياته التي لا يستغني فيها عن النساء ممن لهم الحق في تربيته شرعًا، والأصل فيها هو مصلحة الصغير، وهي تتحقق بأن تضمه الحاضنة إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه وأقدر على صيانته.
وأكد في حديثه لـ"القاهرة 24"، أنه وفقًا للمادة 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996المعدلة بالقانون 126 لسنة 2008، فإن الولاية التعليمية تذهب للأم، كما أن هناك كتاب دوري صادر من الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم (كتاب دوري رقم 29 لسنة 2017)، يقر بالولاية التعليمية للأم، ففي حالة الطلاق تستوجب إصدار حكم رسمي بإسناد الولاية للأم.
أهلية ناقصة
وأضاف أنه على الرغم من اعتراف القانون بالأهلية الكاملة للنساء والرجال على حد سواء، إلا أن الولايتين الثانية والثالثة "على النفس والمال" كأصل عام للعصبة من الرجال، كولي طبيعي على صغاره، وفي حالة وفاة الأب تنتقل الولاية للجد لأب، وبالتالي فإن الأم ليس لها الحق في أي تصرف في أموال أطفالها إلا بمعرفة الأب.
وأحيانًا يكون الآباء خارج البلاد والأمهات تحاول إجراء عمليات جراحية لأبنائها لكنها لا تستطيع لأنه بموجب القانون والشريعة الإسلامية، يجب موافقة الأب لما له من تفرد في الحق في الولاية على النفس.
وأوضح أنه في حالة سفر الأب أو فقده وليس هناك من تؤول له الولاية، فإن الأم تتقدم بطلب للنيابة الحسبية باستصدار أمر وصاية على صغيرها حتى تتمكن من فتح حساب له في البنك أو إجراء عملية جراحية أو التصرف في أي أمر يخصه.
وحسب "جمال" فإن القانون المصري حسم الأمر فيما يتعلق بأهلية المرأة في التصرف في المال، أو بحقوق كل من الزوجين على أمواله وتظل الذمة المالية لكل منهما منفصلة.
وقال إن الزواج في مصر من العقود الرضائية التي تستلزم موافقة المرأة الكاملة الصريحة عليه، والقانون أجاز زواج المرأة دون ولي وأخذ برأي المذهب الحنفي، إذا كانت المرأة بالغةً راشدة فزوجت نفسها بدون ولي، فزواجها صحيح.
وزير المالية: ما أنجزته مصر في مواجهة أزمة كورونا فاق التوقعات العالمية