ليلة القبض على "الباسل" وعلاقة إنشاء السكة الحديد بزفاف نجله.. محطات في حياة زعيم "ثورة 19" بالفيوم (صور وفيديو)

"لكم أن تحكمونا ولكن ليس لكم أن تحاكمونا"..  تلك المقولة الشهيرة لزعيم ثورة 1919 بالفيوم، حمد باشا الباسل، ابن قرية قصر الباسل بمركز إطسا بالفيوم،  رددها في إحدى الجلسات التي كان يرأسها أحد القضاة الإنجليز دون تردد أو خوف، والتي طلب فيها كلمته دفاعًا عن الحق، وبسبب تلك الكلمة أجُلت الجلسة لوقتٍ لاحق.

حمد باشا الباسل كان سببًا رئيسيًا لاشتعال واندلاع ثورة 1919 من الفيوم أولًا، والتي انطلقت من ميدان السواقي بالفيوم، بتجمع القبائل العربية وآل "الباسل"، مرورًا بمديرية أمن الفيوم، لاقتحامها بعد القبض على زعيمهم حمد الباسل، من قبل الإنجليز.

ويحتفل شعب الفيوم، اليوم، بعيد الفيوم القومي، الذي يوافق 15 من مارس من كل عام، تخليدًا لوقفة شعب الفيوم البطولية ضد قوات الااحتلال الإنجليزي عام 1919، كما يوافق ذكرى افتتاح مشروع وادي الريان عام 1973 والذي أدى إلى تحسين مستوى الصرف بالأراضي الزراعية والحفاظ على منسوب المياه ببحيرة قارون.

“القاهرة 24” التقى أحد أفراد عائلة الباسل بالفيوم، ليروي لنا أبرز محطات حمد الباسل زعيم ثورة 19 بالفيوم.

قال الدكتور ديهوم الباسل، أحد أفراد عائلة الباسل، وأستاذ علم الطفيليات بكلية العلوم جامعة الفيوم، إن عيد الفيوم القومي سببه ثورة 1919، واختير مارس، كشهر اندلاع الثورة بالفيوم يوم 9 مارس، حيث اتحدت الفيوم من أجل رجلًا واحدًا، وهو "حمد الباسل"، ليلة القبض عليه.

أين اسم حمد الباسل زعيم ثورة الفيوم؟

ويلوم الباسل، بعد إزالة "اليافطة" على الميدان الوحيد الذي كان باسم حمد الباسل أمام قصر ثقافة الفيوم في محطة القطار، حيث تم إزالة اليافطة، أثناء التجديدات،  مؤكدًا أن "حمد"،  لم يأخذ حقه التاريخي، حيث كان زعيمًا وطنيًا كبيرًا، ولكن ماحدث من تجاهل مؤسف للغاية،  ومن المفروض أن يعيدوا الوضع على ما كان عليه، مُشيرًا إلى أن أهم حدث في عيد الفيوم القومي هو ثورة 19، وكان ينوب عنها في الفيوم، حمد الباسل.

وأكمل الدكتور ديهوم: “نتمنى أن تعود اليافطة القديمة، المدون عليهاميدان حمد باشا الباسل، على ميدان المحطة، باسم حمد الباسل، تخليدًا لذكراه وما فعله من أجل الفيوم، فاليوم لا يوجد يافطة ولا نصب تذكاري له، رغم أن أرض السكة الحديد مكان منزله، حسب ما روى لنا الأجداد”.

ليلة القبض على الباسل

وأضاف ديهوم، أنه تم القبض على"حمد"، لإنه أحد أقطاب الثورة، حيث كان أعضاء حزب الوفد أربعة، ومن ضمنهم حمد باشا الباسل، فهو العمود الرابع للوفد، والرئيسي في الثورة، لذلك تم القبض عليه من قِبل الإنجليز، حتى يهدأو الثورة، ولكن القبض على الثوار والأعضاء كان سببًا رئيسيًا لإندلاع الثورة من الأساس من الفيوم، عندما علم الشعب عن القبض على ممثلهم وعضو محافظتهم.

وعن المقولة الشهيرة، التي عُرف بها حمد باشا الباسل "لكم أن تحكمون ولكن ليس لكم أن تحاكمونا"، قال الدكتور ديهوم، إن حمد الباسل، قالها أثناء جلسة كان يرأسها قاضٍ إنجليزي، حيث طلب الكلمة فأعطوا له الكلمة أثناء الجلسة بالمحكمة، فنظر القاضي إلى الحضور على يمين وشمال المنصة، وقال عن حمد الباسل: "الرجل هذا يملك الحق وبذلك ترفع الجلسة"، مُشيرًا أنه لم يستطع استكمال الجلسة لأن قوة الجملة نفسها جاءت من الدستور الذي كانت تحترمه قوات الاحتلال "الإنجليز"، فجملة حمد كان لها صدى وأجلت الجلسة بذلك.

اندلاع ثورة 19 بالفيوم

وأوضح الدكتور ديهوم الباسل، أن حمد  كان في وقتٍ من الأوقات وكيل حزب الوفد وكان وكيل سعد زغلول في ثورة 1919، وكان له دورًا كبيرًا في الثورة، حيث كان أبرز الأدوار ليلة القبض عليهم وترحيلهم من المنفى، ومن هُنا قامت الثورة في الفيوم عندما وصلت الأنباء في المحافظة وللعرب وآل "باسل"، بالقبض على "حمد الباسل"، فاندلعت الثورة واجتاحت الأهالي والعرب الشوارع، واتجه الشعب متكاتفًا والعرب بالخيول، إلى مديرية أمن الفيوم والمراكز يوم 9 مارس، وحينها أطلقوا الإنجليز  النيرا، على الشعب، حيث كان ممنوعًا أن أحدًا يقتحم المديرية  لكن اقتحموها، لأن الحكمدار كان إنجليزي، ومن ضمن الذين قتلوا فداءًا للثورة أفراد من عائلة أبو جليل بمركز إطسا، وذكرت بعض الكتب أنه سقط قرابة الـ42 شهيدً أول يوم ثورة 19.

حمد الباسل يبتلع رسائل سرية من سعد زغلول

جرت أمور كثيرة أثناء القبض عليهم، وكان حمد قد تلقى رسالة ورقية من سعد زغلول تحمل أسرارًا عن الثورة وعندما دق الإنجليز بابه، قام بإبتلاع الورقة التي تحمل الأمر العسكري من سعد زغلول، حتى لا يعثروا على أي دليل إدانة ضدهم.

وأكد الدكتور ديهوم، أن حمد الباسل تلقى رسائل مُشفرة باللغة البدوية لايفهمها الإنجليز، فكان يتلقى الرسائل المشفرة من سعد زغلول، عندما كان مُبعد في جبل طارق، فكان يرسلها بطريقة شفرية مدونة بماء البصل.

وأضاف أن الشعب كان متدفقًا لثورة 19، وكان المسلم والمسيحي وجميع طوائف الشعب، كانوا أصحاب وقفة واحدة تجاه واحد، بدون أي عنصرية أو طائفية، وكان هذا من ضمن أساسيات الثورة ونجاحها.

الثورة الأم

وأضاف أحد أفراد عائلة الباسل، أن ثورة 19هي الثورة الأم، وجميع الثورات بعدها تحسب عليها، فهي ثورة حقيقية تمثل لجميع أطياف المصريين الفلاح، والعامل والباشا والمسلم، والمسيحي،  كان يوجد تعاون بين كبار المُلاك والثوار والعمال، وانصهر الشعب كتلة واحدة، واستطاعوا أن يقاموا الإنجليز حتى خارج مصر.

وتابع الباسل: "أسمي ثورة 19 بثورة المستندات والعرائض القانونية التي استطاعت أن تقنع الإنجليز بأن يتركوا مصر، فكانت ثورة الحق، وشعار الوفد الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة، كان شعارًا صحيحًا، وهو شعار ثورة 19، لأن بالحق فقط هزمت مصر إنجلترا، وخرجت الإنجليز من مصر بناءً على أن مصر صاحبة الحق، وانتصر الحق على القوة".

هل اقتصرت ثورة 19 على عائلة الباسل؟

أوضح الدكتور ديهوم، أن عائلة الباسل كانت تمثل باقي العرب، فجميع القبائل العربية بالفيوم، شاركت في ثورة 19، ليس كانت قاصرة فقط على آل"الباسل"، ولكن الباسل منهم حمد الباسل، وهو مُمثل القبائل العربية، وكان تنصهر الثورة على آل "الباسل" بناءً على عظمة الزعيم نفسه "حمد"، ولكن جميع القبائل شاركت وقدمت قتلى وجرحى في 9مارس.

علاقة حمد الباسل بأرض السكة الحديد وزفاف نجله

وقال أفراد العائلة، الدكتور ديهوم، إن علاقة حمد باشا الباسل بأرض السكة الحديد: كان الأجداد والأباء يحكوا لنا، أن السكة الحديد بالفيوم نشأت وقت زفاف نجل حمد باشا الباسل، "محمد حمد الباسل"، وكان منزل "حمد" في منطقة قريبة من السواقي "كافتيريا السواقي حاليًا"، وحتى يستقبلوا المعازيم من محافظة المنيا أهل "العروس"، قاموا بمد خط سكة حديد من الواسطى حتى الفيوم، وأن الأرض المقام عليها السكة الحديد، ملكًا لحمد، ثم تبرع بها هبةً للسكة الحديد بعد ذلك، لكن لا يوجد مستندات لذلك الأمر.

أبناء حمد الباسل

وأوضح الدكتور ديهوم، أن حمد الباسل، كان له 3 من الأبناء وهم:"محمد، وفاطمة وإحسان حمد الباسل".