"سند" زوجها وأحلام ابنها.. قصة "فيروز" وتحدي ظروف المعيشة بمشروع متنقل في الإسكندرية
في واحدة من أكثر مناطق الإسكندرية الحيوية، وبالقرب من مركز تجاري كبير للتسوق، تقف سيارة صغيرة عبارة عن متجر متنقل، وبجواره سيدة يتعدى عمرها الأربعين عامًا تبيع لزبائنها الذين بمجرد متابعتك للحديث بينهم تعرف أنهم يعرفونها وتعرفهم، ويأتون للشراء منها خصيصًا.
"فيروزا" هو مشروع صغير لصاحبته السيدة فيروز، التي تقف بسياراتها البسيطة الصغيرة في منطقة سموحة أمام أحد المتاجر، حيث حولت سيارتها إلى متجر صغير لبيع الخضراوات المُجهزة للطهي، وأنواع من المخللات والمخبوزات والفطائر، وغيرها من الأطعمة الجاهزة، التي تعد جميعها وجبات مصنوعة منزليًا وتحتاجها إلى عديدٍ من ربات المنازل خاصة العاملات منهن، لمساعدتهن على سرعة إنجاز وجبات في المنزل بمجرد طهيها.
وحاور "القاهرة 24" صاحبة هذا المشروع الصغير، التي لم تخضع لظروف المعيشة ولم تعرف اليأس، بل أقامت مشروعًا، وبدأت رحلة كفاح ممزوجة بالحب والعطاء لأجل أبنائها الجامعيين، وسعت لتطويره وتحملت مسئولية نجاحه.
واستعرضت "فيروز" قصتها مع العمل التي بدأت منذ أكثر من 15 عامًا، حيث عملت في عدة مهن إلى أن استقرت لعمل المنتجات الغذائية المنزلية وبيعها في نطاق معارفها من الجيران وأمهات زملاء أبنائها في المدرسة، وبعد أن زادت الطلبات معها لكونها متميزة في صنع المأكولات، قررت التوسع في المشروع.
وكان السبب الرئيسي الذي جعل فيروز تبحث عن عمل يناسب وضعها كأم وربة منزل، هي توفير ظروف معيشية جيدة لأبنائها، لتشارك زوجها مسئولية المنزل، فتشير إلى أن لديها ثلاثة أبناء؛ أكبرهم تخرج من كلية الهندسة والثاني يدرس بكلية العلوم، والثالث ما زال في مرحلة الدراسة الأساسية.
"أسرتي سر نجاحي".. بتلك الجملة عبرت فيروز عن علاقتها بأسرتها، مؤكدة أن أبناءها هم أول مصدر دعم لها في عملها، فضلًا عن أنهم يتناوبون على مساعدتها في فترة الإجازة وأثناء فراغهم، فيقومون بالبيع معها أو توصيل طلبات بسيطة للزبائن.
أما زوجها، فهو “السند” كما وصفته، يرافقها في رحلة كفاحها ويحاول تكريس وقته وجهده للعمل من أجل توفير كافة احتياجات أسرته دون أي تقصير، وشاركها في شراء سيارة صغيرة تتنقل بها ببضاعتها بعد أن رأى مشقة في أن تحمل يوميًا كميات كبيرة من المأكولات، والآن يشاركها في تحقيق حلمها في الوصول بعمل محل خاص بها.
وتروي "فيروز" أنها بدأت مشروعها بعمل مواد غذائية جاهزة للطهي، بأن عرضت الفكرة خلال حضورها اجتماع مجلس الآباء بمدرسة أبنائها، حيث طرحت فكرة عمل وجبات للأطفال مثل الكيك والسندوتشات وغيرها، وبالفعل رحبوا بالفكرة، ثم توسعت في المشروع وأصبحت تبيع وجبات لمن يرغب في ذلك من أولياء الأمور والمعلمات.
وعلى الرغم من أنه مع بداية مشروعها لم يكن متعارفًا في المجتمع بيع منتجات منزلية جاهزة للطهي، إلا أن "فيروز" تفتخر بأنها أول من أدخل هذه الفكرة في المجتمع السكندري، مؤكدة أنها منذ قرابة 15 عامًا نفذت هذه الفكرة لمساعدة السيدات العاملات بشكل خاص، حيث لا يتوفر لديهن الوقت الكافي لتجهيز الطعام والخضراوات، فضلا عن شهرتها بجودة منتجاتها ونظافتها.
وبمرور الوقت أصبح لفيروز “اسم في السوق” ويأتي إليه الزبائن بناءً على تقييم من تعامل معها وأثنى على جودة منتجاتها، حتى قامت بعمل "أكياس" تحمل اسم مشروعها ورقم هاتف للتواصل معها.
وأشارت إلى أن تفوق أبنائها ونجاحهم هو ثمرة النجاح التي تحصل عليها وتعده مكافأة من الله على جهودها هي وزوجها، مؤكدة أنهم يحاولون أثناء أوقات فراغهم مساعدتها بالوقوف معها للبيع أو بتوصيل طلبات الزبائن.
وعن حلم "فيروز" تقول إنها تتمنى أن يكون لها مقر ثابت ولافتة تحمل اسمها ومنتجاتها التي تصنعها بعناية وجودة، ويتحول هذا المقر إلى مطعم واثنين وبعدها إلى سلسلة من المطاعم.
وفي النهاية وجهت نصيحة للسيدات، داعية إياهن أن يشاركن في المشاريع الصغيرة التي تساعدهن في توفير دخل للمنزل، وأن تبدأ كل منهن بمشروع بأموال بسيطها يمكن أن تكون بذرة لمشاريع كبيرة، قائلة: "العمل بيجيب عمل والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً".