ننشر تحليلًا سياسيًا لكلمات النواب تحت قبة البرلمان (صور)
أصدرت مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان ورقة سياسات حول تقييم أداء التشكيلة السياسية في مجلس النواب لمناقشة بيان الحكومة، وأكدت الورقة أنه خلال الجلسات المخصصة للقيام بمهمة استدعاء الوزراء واستعراض مدى التطور في تنفيذ البرنامج الحكومي، فقد تبدت أداءات وظهرت ممارسات للمجلس المستحدث يمكن القول إنها تصلح لأن تكون فرصة نادرة للتعرف على تأثيرات التركيبة البرلمانية وطبيعة أداء وفعالية النواب وقدرتهم على اجتياز الاختبار الأول بنجاح وتعبيرهم عن احتياجات دوائرهم بذات المهارة في صياغة وتطوير الخطط والبرامج.
وقد خلصت الورقة إلى مجموعة من القراءات والتحليلات التي تساعد في رصد وتحليل حجم التطور في أداءات النواب كأفراد أو كتركيبة متماسكة وذلك على النحو التالي:
تحليل إجماليات مداخلات النواب:
أكدت الورقة أن الأداءات النيابية خلال الفصل التشريعي الحالي قد شهدت تطورا كبيرا سواء من حيث الرغبة في المشاركة أو الاهتمام بطلب المداخلات والحديث خلال الجلسات العامة.
شهت جلسات تقييم الأداء الحكومي مشاركة عدد 461 نائبا في الحديث بمجموع مداخلات 1227 مداخلة كرقم غير مسبوق يظهر مدى الفعالية والحرص على الحوار وتقديم الملاحظات النقدية والتحليلية من قبل النواب بنسبة 72,8%، مقابل عدم الحديث أو المشاركة في الحوارات العامة لعدد 131 نائبا بنسبة تعادل 27,2% من مجموع نواب المجلس، كمؤشر يشير لمستوى من الإيجابية غير المسبوقة في تاريخ الحياة النيابية المصرية عبر تاريخها الممتد.
وأشارت إلى تطور نسب وأرقام المشاركة في الحديث مع تقدم الجلسات، حيث شهدت الجلسات الأولى للتقييم الحكومي مشاركة تتراوح بين المحدودة أو المتوسطة تطورت بمرور الوقت لترتفع بشكل غير مسبوق، بما يوضح أن طبيعة الملفات النوعية ومجالات عمل الوزارات لم تكن هي المعزز والمحفز على المشاركة بعكس خبرات الجلسات وثقة الحضور والاستماع لتنوع وجهات النظر التي لعبت دورا محفزا على المشاركة لدي النواب، خصوصا في ظل التغير الكبير في التركيبة البرلمانية والعدد الكبير من النواب الجدد الذين مثلت الجلسات الفعلية للمجلس فرصة متاحة للتعلم والتدريب بالمشاركة.
تحليل أداءات القوى السياسية:
جاء بورقة السياسات أن التركيبة السياسية للمجلس الحالي حملت مؤشرات واضحة لتناقضات جدلية مثيرة فيما يتعلق بتعبيرها عن الحالة السياسية والحزبية التي تعيشها البلاد، فبينما شهد المجلس تراجعا في تمثيل القوى السياسية والحزبية لتصبح 13 حزبا سياسيا في الفصل التشريعي الحالي، بعد أن كانت 20 حزبا سياسيا في الفصل التشريعي السابق بنسبة تراجع بلغت 35%، فقد زاد عدد الحزبيين في المجلس الحالي ليصل إلى 421 نائبا مقابل 246 نائبا حزبيا في المجلس السابق بنسبة تطور إيجابي 171,14%، إضافة لظهور حزب يمتلك الأغلبية البرلمانية مستقبل وطن، التي تمكنه من قيادة العمل البرلماني وتوجيه الخطط التشريعية والأدوات الرقابية دون الحاجة للنص الاستثنائي لنشأة وتأسيس الائتلافات والتكتلات البرلمانية.
ولقد انعكست تلك الصورة المتنوعة سياسيا في الأداءات الرقمية والعددية لمشاركة النواب في الحوارات، حيث امتلك حزب مستقبل وطن الأفضلية الرقمية المطلقة في جلسات تقييم الحكومة سواء من حيث عدد طالبي الكلمة،241 نائب يمثلون 75,5% من مجموع نواب الحزب، أو من حيث إجمالي عدد المداخلات التي تقدم بها نوابه، 600 مداخلة.
وبحكم العدد فقد جاء المستقلون تاليا لأغلبية مستقبل وطن بمشاركة 88 نائبا تقدموا بعدد 281 مداخلة في نسب تتقارب مع الأغلبية البرلمانية بما يكشف حيوية وتفاعل وحرص على المشاركة، وهو ما يمكن رصده لدى غالبية الكتل البرلمانية المتواجدة في المجلس، حيث تكررت ذات المؤشرات بالنسبة لأحزاب الوسط بداية من حزب الشعب الجمهوري بمشاركة 36 نائبا بإجمالي 84 مداخلة وحزب الوفد 24 نائبا بإجمالي 79 مداخلة.
في المقابل فقد أظهرت الأحزاب محدودة التمثيل كفاءة وفعالية في المناقشات علاوة على التزام تنظيمي يكشف حالة وعي متفرد لدى عناصرها سواء من حيث الرغبة في المشاركة أو كفاءة الطرح واختيار القضايا أو توزيع الأدوار بين عناصر هيئاتها البرلمانية، وإن كان النموذج الأبرز بينها لأحزاب الإصلاح والتنمية ـ الديمقراطي الاجتماعي ـ إرادة جيل، الذين تمايزوا عن كافة التيارات البرلمانية بمشاركة كافة ممثليهم في الحوارات وطلب الكلمة.
تحليل مداخلات رؤساء الهيئات البرلمانية:
فيما يتعلق بمداخلات رؤساء الهيئات البرلمانية، فقد جاء بالورقة أنه على الرغم من أن تلك الجلسات قد شهدت مشاركة 461 نائبا بعدد 1227م داخلة بمتوسط 2,66 مداخلة لكل مشاركـ فإن رؤساء الهيئات قد اكتفوا بعدد 61 مداخلة بمتوسط 4,7 مداخلة لكل منهم، كان من الغريب أن هناك 6 منهم لم يصلوا إلى هذا المتوسط، إضافة لأن 4 من رؤساء الهيئات البرلمانية قد اكتفى كل منهم بمداخلة وحيدة خلال وجود 28 وزيرا في 15 جلسة عامة، بل وصل الأمر إلى أنه من بين الأعلى تفاعلا وحديثا خلال جلسات الوزراء لم يظهر من رؤساء الهيئات البرلمانية سوى ممثلي مستقبل وطن، وحماة وطن، بينما غاب عن المركزالعشرة الأولى ممثلي 11 حزبا سياسيا في موقف يستدعي مراجعة وإعادة توجيه للأداءات البرلمانية لتلك النخب البرلمانية.
تحليل مداخلات رؤساء اللجان النوعية:
أشارت الورقة إلى أن تجربة جلسات تقييم الأداءات الحكومية أتت بالعديد من المؤشرات السلبية والملاحظات غير الجيدة حول فعالية ومساهمات رؤساء اللجان في الحوارات والنقاشات المرتبطة بملفات وبرامج حكومية وثيقة الصلة بأدوارهم وطبيعة عمل اللجان التي يرأسونها ـ ويفترض أنهم خبراء في مجالاتها ـ بما أعاد بعض من الحديث حول عمليات الترضية والتسكين والمجاملة في تلك الاختيارات حتى ولو كانت على حساب جودة مخرجات العمل البرلماني ذاته.
فمن بين 1227 مداخلة إجمالية في جلسات تقييم الأداءات الحكومية اقتصرت حصة رؤساء اللجان النوعية على 59 مداخلة فقط بنسبة 4,8 % كمؤشر غير مقبول ولا يليق بمواقعهم وأدوارهم.
في ذات السياق فإن تحليل مواقف رؤساء اللجان النوعية بصورة تفصيلية تكشف أن تلك المداخلات وعددها 59 مداخلة قد اقتصر تقديمها على 20 رئيس لجنة فيما غاب عن الحديث تماما عدد 5 رؤساء لجان نوعية بنسبة 20%، رغم خطورة تلك الملفات ووجود جدل مجتمعي حول العديد من أداءات السلطة التنفيذية المرتبطة بها، بل كان الأغرب في صمت رئيس لجنة الثقافة والإعلام رغم كونها أول لجان البرلمان حسماً للنقاشات وإعلانا لرفضها لبيان وزير الإعلام أسامة هيكل، في سابقة برلمانية نادرة على أداءات المجلس، بل إعلان اللجنة عن اختيارها كمقرر أثناء عرض التقرير والنقاش حوله خلال الجلسة العامة.