أمير الشعراء يحتفي بيوم الشعر العالمي
قبل أيامٍ احتفلَ العالم بيومِ الشعرِ العالمي، وتصدرت الإمارات المشهد ببرامجها ومهرجاناتها الشعرية التي وصلت العالمية، ومنها برنامج أمير الشعراء الذي سجل نجاحات متتالية بدءًا من الموسم الأول، وحتى هذا الموسم الاستثنائي الذي انطلق بالرغم من كل التحديات والظروف الراهنة، وشكّل ركيزة مهمة للمشهد الثقافي ومنبرًا مؤثرًا يلتقي فيه الشعراءُ والأدباءُ والمثقفون من جميع أنحاء الوطن العربي والناطقين بالعربية في جميع دول العالم.
ووجّه الدكتور علي بن تميم، عضو لجنة تحكيم برنامج "أمير الشعراء" تحية إلى الشعراء بكل أنحاء العالم في يوم الشعر العالمي، من خلال أمسية البرنامج الثالثة من المرحلة الثانية، مشيراً إلى أن احتفاء العالم بيوم الشعر الذي يصادف 21 مارس من كل عام هو ذات اليوم الذي يحتفي به العالم أيضاً بالأم، إذ أن الشعرية الحقة تكمن في لغة الأم، هذه اللغة التي ليست فقط مفردات، وإنما سيماء ورائحة، والشاعر يحن إلى تلك اللغة والأم تمتلك تلك اللغة الفريدة التي لا تتكرر إلا عندها وحدها.
وقال بن تميم إن احتفاء أبو ظبي بهذا اليوم يتجلى في برنامج أمير الشعراء، وهو احتفاءٌ بالجمال والأمل والسمو والهوية والأخلاق الرفيعة والعالية، مؤكداً أن الشعر ما زال نافذتنا إلى الروح والذات والآخر، وهو دوما ينهل من القيم التي تجمع ولا تفرق، ولعل هذا الأمر الذي قاد العالم ليحتفي بهذا اليوم.
وأضاف بن تميم أن الشعر متربع على قمة فنون التواصل بمعناه العميق والمؤثر الذي يلامس جوهر الروح والوجدان، وهو بابٌ من أبواب المعرفة والحكمة كما تجلى في شعر الراحل الكبير وبه نحتفي بالقيم التي تجمع البشر على الخير والمحبة والجمال، وإذا تحرص أبوظبي بأن يظل محتفظاً بمكانته من خلال مبادرات استثنائية وفريدة من نوعها، مثل برنامج أمير الشعراء الذي جعل اللقاء مع الشعراء ممكنًا رغم كل التحديات.
سلطان الضيط يصعد إلى المرحلة الثانية بتصويت المشاهدين
بعد انتهاء تصويت المشاهدين الذي استمر لأسبوع كامل، تمكن الشاعر سلطان الضيط من السعودية من الصعود إلى المرحلة التالية من منافسات "أمير الشعراء" بعد حصوله على 87 %، فيما غادر المسابقة كل من (محمد عرب صالح من مصر، وعلي لون من نيجيريا، مصعب تقي الدين من الجزائر).
وقد شهدت حلقة الأسبوع الماضي من البرنامج منافسات بين خمسة نجوم عانقت قوافيهـُم قلوبَ أحبةِ الشعر في كل مكان، واستطاعت خلالها الشاعر ة زينب جبار من العراق من حصد أعلى درجات لجنة التحكيم لتضمن بطاقة الصعود للمرحلة التالية.
5 نجوم من 5 دول عربية وأجنبية يتبارزون بالشعر الفصيح
وشارك في الحلقة خمسة شعراء من خمس دول عربية وأجنبية، وهم (الشاعر السيد أحمد العلوي من البحرين، الشاعر السيد خلف أبو ديوان من مصر، الشاعرة حوراء الهميلي من المملكة العربية السعودية، الشاعر ضيف الله جالو من الولايات المتحدة الأمريكية، والشاعر عبد العزيز لو من السنغال)، والذين قدموا قصائدهم الشعرية أمام لجنة التحكيم، وتم تقييمهم وفق معايير تنافسية مليئة بالتحديات من خلال مرورين لكل شاعر.
وشارك أولُ نجومِ الليلة، السيد أحمد العلوي من البحرين، بقصيدة حملت عنوان "الطّينُ شَمعَتُنا الأولَى"، ومنها:
غنيت حتى اخضَرَّ لحن كمانه فعزفت (موسيقاي) فوق لسانه
وإذا بنا نهرانِ نبتكرُ الرُّوى لِنردَّ عُمرَ (الماءِ) من (طوفانهِ)
هو مذ تشجر في دمي طفلا نقشتُ براءة الأحلامِ في شريانهِ
الطين أول شمعةٍ لم تنطفئ منذُ التقى جسدٌ بطيفِ مكانهِ
ووصفت اللجنة القصيدة بأنها طينة متماسكة كما عنوانها، ومن ميزاتها وحدتها العضوية وإنسانيتها العالية، واستطاعت القصيدة أن ترسم لحظات وحدة الإنسان الخليجي وتقدمه من خلال مجازات تتسم بالخصب والتفاؤل.
وقدم ثاني نجومِ الأمسية، السيد خلف أبو ديوان من مصر، قصيدة بعنوان "سِرُّ بِلْقيسَ المُؤَجَّل"، وجاء في مطلعها:
أما ضفرت رؤيا جناحك كوثرا؟ سرى قُبلةً ليست تخاف الذي جرى
كأن مديةٌ تعرى.. تعضُّ رحى يدي بهدهد صمت.. بوحه مات أخضرا
فلا ترضعيه السر، كيف رسمته جنونًا يخط التيه: شكلاً.. وجوهرا؟
لبلقيس معنًى لم يزل متخفيًا بجنيةٍ أوحت إلى الحب في (حِرَا)
وقالت اللجنة أن القصيدة تصنع نوع من تشعيل التاريخ وترميزه، وأن التخيل الذي بدأ به الشاعر هو شعرية الإبداع في صوره الكلية، وأنها شديدة التركيز وقد كتبت لتقرأ على مهل مرة ومرتين مثل كل شعرٍ رفيع.
ثالثُ نجومِ الليلة، حوراء الهميلي من السعودية، وألقت قصيدة عنوانها "نذرٌ مُزَمَّلٌ بالبياض"، ومنها:
يُحكى عن الوقتِ
منسيًّا بأزمنتِهْ
يمشي على هامشِ المعنى بأسئلتِهْ
الكوكبُ الآنَ
لمْ يدرك هُوِيَّتَهُ
لمَّا مشى خوفُه في رَكْبِ (جائحتِهْ)
منسوخةٌ ذكرياتُ الأرضِ
أحسَبُها نصًّا تناسلَ مِن أفواهِ ترجمتِهْ
وأكدت اللجنة أن قصيدة الشاعرة كانت جميلة وفيها تمثيل شعري جميل، ووصف رائع للجائحة التي يمر بها العالم، وأنها تعطي لخط الدفاع الأول حضوره وتلتفت إليه التفاتة عظيمة.
وشارك رابعُ نجومِ الليلة، ضيف الله جالو من الولايات المتحدة الأميركية، بقصيدة عنوانها "أَصَـــابِـــعُ الشِّمْـــعِــدَانِ"، يقول فيها:
عَـــيْــناكِ تفـتحُ للصَّباحِ مَسَاءَهُ وَيَداكِ تَـغْــزلُ لِلشِّتاءِ رِدَاءَهُ
والنُّورُ في مشكاةِ وجهكِ لَمْسَةٌ فَــتَــحَتْ لِـمِعْـرَاجِ الصَّــبِــيِّ سَـمَاءَهُ
يَا رَبِّ، كَــيْــفَ الحــُــبُّ يَـــكْــبُـــرُ هَــكَـذا لِــيَــضُـمَّ قَـلبُ الأُمّــهاتِ ظِـــــباءَهُ
مُــسْــتَــبْــصِـرًا قَـــبَـسَ الحقيقةِ، فَــوْقَـهُ غَـــيْــمٌ يُــؤَجِّلُ في السَّوَاحِلِ مَاءَهُ
وأعجبت اللجنة بما قدمه الشاعر في قصيدته عن الأم واحتفاءه بها، وقد استثمرت هذه القصيدة استثماراً جميلاً ليسلط الضوء من خلال رمزية الأمومة والأم على المشترك الإنساني الجامع بين البشر.
خامسُ نجومِ الليلة، عبد العزيز لو من السنغال، وألقى قصيدة بعنوان "قَمَرٌ يَتَهَجَّى ذَاكِرَةَ الْقُرَى"، ومنها:
كهذا الفتى الملذوع
من عسل القرى
أتى قمرًا
شفافةٌ روحه البكر
أتى حاملاً في قلبه شجر الحياة
غضًّا
وفي أحلامه ينعسُ النَّهرُ
وقد رأت الجنة أن القصيدة على نحو شعري تجمع الشعر والحب والفروسية، وقد كانت انشوة للبراءة نظراً لما حملته من روحٍ مثالية ولغة عذبة ومجازات رائعة.
أبو فراس الحمداني ملهم الشعراء في المرو الثاني
أما شاعر الأمسية في فقرة المجاراة من الحلقة الثامنة فهو الشاعر "أبو فراس الحمداني"، صاحب القصيدة المشهورة التي جاء في مطلعها:
أقول وقد ناحت بقربي حمامةٌ أيا جارتا هل تشعرين بحالي
معاذ الهوى ما ذقتِ طارقة النوى ولا خطرتْ منك الهموم ببالِ
أتحمل محزون الفؤاد قوادم على غصن نائي المسافة عالِ
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا تعالي أقاسمك الهموم تعالي
وطلبت لجنة تحكيم البرنامج من الشعراء المتنافسين في الأمسية مجاراة قصيدة "أبو فراس الحمداني"، حيث جلس الشعراء في مكتبة أمير الشعراء يستلهمون من عظمة الشاعر الحمداني، وينسجون أبيات الشعر التي تعد جزءًا من المنافسة أمام لجنة التحكيم، وقد قدم الشعراء أبيات شعرية ممزوجة بعبق التاريخ وتعكس إبداع الشعراء الذين تمكنوا من الوصول إلى هذه المرحلة من البرنامج.
شفيق الجباري يزين الأمسية بـ "رباعيات الخيام"
وزين الفنان شفيق الجباري أجواء الأمسية بصوتـِه وحضوره المميز، وقد قدم أغنية "رباعيات الخيام" من كلمات الشاعر الكبير "عمر الخيام" والتي سبق وأن قامت بأدائها كوكب الشرق "أم كلثوم"، وترجمها أحمد رامي، ولحنها رياض السنباطي.