رأيت في وجوههم نورًا.. قصة أمين شرطة عاد من الراحة لتغسيل 6 من ضحايا حادث قطاري سوهاج
قدم أبناء محافظة سوهاج ملحمة إنسانية رائعة، أشادت بها محافظات مصر المختلفة، بل الوطن العربي كله في حادث تصادم قطاري سوهاج ، وكان أحد أبطال هذه الملحمة الأمين محمد رجب الشريف الذي يعمل بإدارة الحماية المدينة بمركز المراغة شمال المحافظة.
الشريف كان وقت الحادث بالمنزل، وتم إبلاغه هاتفيًا من أحد زملائه بالحادث ووصول مصابين وجثث إلى مستشفى المراغة المركزي، وعدم وجود “مُغسّل” فلم يتردد لحظة وبدأ في تغسيل وتكفين الضحايا.
وقال محمد رجب الشريف (35 عامًا): “لم أتردد لحظة رغم أني كنت في الراحة، وبعد اتصال من أحد زملائي توجهت على الفور إلى داخل مشرحة المراغة”.
وأضاف “الشريف” خلال تصريح خاص لـ"القاهرة 24": “قمت بتغسيل 6 جثث والإشراف على السابعة لأنها أنثي، رأيتهم تظهر على وجوههم علامات النور، ونحتسبهم شهداء عند رب العالمين، واسأل الله أن يغفر لهم جميعًا”.
ولفت “الشريف” إلى أن “أعمال الغسل والتكفين ورثها عن والده، وأقوم بتغسيل وفيات فيروس كورونا، كعمل تتطوعي”.
ووقع الحادث بجوار مقابر قرية الصوامعة غرب التابعة لمركز طهطا شمال سوهاج، في تمام الساعة الحادية عشرة ونصف ظهرًا من يوم الجمعة الماضي، عندما تجاوز قطار رقم 2011 المكيف أسوان-القاهرة سيما فور 709 واصطدم بمؤخرة قطار 157 المميز ما أدى إلى انقلاب 3 عربات.
وبدأت ملحمة أبناء سوهاج عند سماع صوت الاستغاثات والصراخ، داخل عربات القطار المميز حيث خرج أهالي قرية الصوامعة من المنازل مهرولين نحو محطة السكة الحديد، وبدأ العمل البطولي بتكسير ما تبقى من زجاج القطار المنقلب، لمحاولة إخراج المصابين والضحايا، والصعود أعلى القطار لفتح النوافذ للوصول إلى الأحياء.
وأحضر الأهالي آلات بدائية لتقطيع الحديد لإخراج المصابين، وعندما ينجح الأهالي في استخراج مصاب على قيد الحياة يكبرون فرحًا رغم أدواتهم البسيطة، وكانوا يلقون زجاجات المياه للأحياء داخل القطار المنقلب.
وكانت أيضًا من المشاهد البطولية التي سطرتها قرية الصوامعة غرب، هي إنشاء ممر بالأخشاب يسهم في سرعة نقل المصابين، تم إقامته على ترعة بجوار الطريق الزراعي أسيوط-سوهاج، وتم أيضًا إنقاذ الملهوفين من الأهالي الذين جاءوا يبحثون عن أبنائهم في القطار وتقديم المياه وفتح المنازل لهم.
ومن أكثر المشاهد حماسة وسرعة هي توافد الشباب من كل القرى والنجوع وهم يشمرون عن سواعدهم ويصطفون في الشوارع وأمام المستشفيات للتبرع بالدم، وإنقاذ المصابين، وكانت من المشاهد المؤثرة فتح المنازل للغرباء بلا عدد وبلا حدود، وأيضًا فتح المساجد للوافدين من خارج المحافظة للمبيت بها.
بينما سطر أصحاب المطاعم بمركز طهطا بطولة تدل على كرم وجود أصحابها، بعد قرر عدد منهم تقديم الطعام والوجبات بالمجان للمغتربين أهالي الضحايا.