ملحمة ساعات التحريك.. عمال قناة السويس يروون كواليس تعويم السفينة الجانحة: "كأنه نصر أكتوبر"
في الساعات الأولى من صباح اليوم، نجحت هيئة قناة السويس في تحريك السفينة الجانحة "إيفر جيفن"، لتعلو معها أصوات السفن وتهليل عمال القناة وتجوب معها هتافات "تحيا مصر" في الأرجاء، وتنهي معها أيام طويلة من الأعمال الشاقة كان بطلها الأول "خلية نحل" من عمال ومهندسي هيئة قناة السويس.
"القاهرة 24" تواصل مع عمال هيئة قناة السويس، لتوثيق شهادات أبطال اليوم.
"فرحتنا كفرحة نصر أكتوبر" بتلك الكلمات استهل أحد العاملين بهيئة قناة السويس وأحد المشاركين في عملية تحريك السفينة الجانحة، حديثه مع "القاهرة 24"، ساردًا عن الوضع داخل هيئة قناة السويس، ويقول: "فرحتنا كفرحة نصر أكتوبر.. يمكن فرحتنا دلوقتي أكثر من فرحتنا بالقناة الجديدة؛ لأن القناة مقفولة لمدة خمسة أيام، خسائر بالمليارات يوميًا، النهارده الصبح لما حصل انفراجه بس في الأزمة خام البرنت أنخفض 2 %".
وبنبرة صوت قوية وواثقة، يردف: "الجميع في حالة تأهب ونتابع الوضع لحظة بلحظة.. باب البيت بعد ما كان مفتوح والناس داخلة وخارجة، اتقفل مرة واحدة، ولا عارفين نطلع ولا ندخل، كأننا محبوسين في مكانا، إحساس صعب جدًا علينا.. الأزمة أثرت علينا نفسيًا أكثر ولكن لن نحبط".
"شغال على مدار 30 ساعة متواصلة ماكناش بنام خالص".. كلمات بسيطة تلفظ بها عامل آخر من عمال قناة السويس، خلال حديثه معنا، توضح ملحمة جديدة لأيادي عمال ومهندسون مصريون بهيئة قناة السويس، حيث يعتبرها الجميع "أمن قومي".
ويقول: "احنا بنشتغل في أمن قومي، ومصدر دخل للبلد، وتهم العالم كله، ماينفعش حد يستهان بيها وكل حاجة كانت هتتأثر"، وعن لحظة فرحتهم اليوم، يقول: "الفرحة كانت زي فرحة الجماهير لما المنتخب يجيب جول في وقت بدل ضايع، هيصة وكل القطارات كان فيها سفينة كبيرة شغلنا اصواتها ورفعنا أعلام مصر".
وفي بث مباشر على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أختار عبوده حسن، أحد عمال قناة السويس، توثيق تلك اللحظة التي تتجه فيها أنظار العالم بأكمله نحو القناة، ولسان حاله طوال مدة البث: "الله أكبر البابور كله في الميه.. اللهم صلي علي النبي، البابور كله في الميه والغاطس كله اختفي، والسفينة مسافره علي بلادها مره تاني الحمدلله".
فيما ظهر الفيديو تهليل وفرحة العمال الموجودة على القناة الأن، وسط حالة من الفرحة مسيطرة على الجميع، مرددين: "الله أكبر.. تحيا مصر"، حيث أطلقوا الصافرات من جميع المراكب المحيطة بالسفينة العالقة من فرط السعادة.
في الوقت نفسه، الذي كان يواجه فيه العمال تحدي السفينة الجانحة، كان على موعد آخر مع مواجهة المزايدات وسيل السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد وقوع الأزمة، حيث يقول أحد العاملين: "الجميع كان حزينًا للغاية بسبب المزايدات التي حدثت لنا، وهو ما وضع العمال جميعًا تحت ضغط، ولكن هذا أعطانا القوة للخروج من تلك الأزمة خاصة وهي جديدة من نوعها في مسيرتنا العملية داخل القناة.. الحمد لله ربنا كرمنا وقدرنا نرد على الجميع بأن مهندسي وعمال قناة السويس قادرين على السيطرة على أي أزمات تواجه القناة وفي أي وقت ودون تدخل من أحد".
ويضيف: "أكتر حاجة حزنتني المزايدات اللي سمعناها عن العمالة المصرية في قناة السويس بعد واقعة السفينة العالقة.. مفيش حاجة ماعملنهاش عشان ننجح العملية دي وكله عشان خاطر بلادنا، ولو طٌلب منا أكتر من كده هنعمل".
"لم يحدث لنا إحباط إطلاقًا وأرسلنا للجميع رسالة بأن العمالة المصرية متميزة، وما حدث وارد أن يحدث ولكن تلك المرة كانت صعبة بسبب كثرة تكدس المراكب والسفن للعبور من خط القناة.. ليس لدينا أي مشكلة نهائيًا مع النقد والأهم هي بلادنا، لكننا أثبتنا للجميع أن قناة السويس هي شريان العالم بأكمله" يقول العامل.
"لا مجال لليأس هنا".. يقول الشاب الثلاثيني إن فكرة فقد الأمل بالنسبة للعاملين لم تخطر على بالهم ولو للحظة، وكان لديهم ثقة كبيرة على قدرتهم على إنهاء تلك الأزمة، حاكينًا أن خلال أيام الأزمة لم يزور النوم أجفانهم، فالجميع شد العزم على إنهائها في أسرع وقت ممكن؛ لكي تعود حركة السفن لطبيعتها، مواجهين مشاكل عديدة، حسب قوله. وبنبرة ثقة يردف: "احنا قد العالم.. بفضل ربنا الحمد لله".
