في ذكرى يوم الأرض.. كيف رأى غسان كنفاني حلم العودة في رواياته؟
تحل اليوم ذكرى يوم العودة الفلسطيني.. وهو يوم فيصلي في تاريخ القضية الفلسطينية ويُحييه الفلسطينيون في 30 مارس من كل عام من كلِ سنة، وتَعود أحداثه 30 مارس 1976 بعد أن قامت السّلطات الصهيونية بالتوسع في مصادرة أراضي الفسطينيين ما أدى إلى إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب واندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط ستة فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات.
والأدباء على وجه العموم تعامل مع القضايا الفلسطينية، وعلى رأسهم غسان كنفاني الذي يرى في أدب أن استرداد الأرض لا يكون إلى من خللا المواجهة وهنا نسلط الضوء على 3 من رواياته التي ترى أنه لا بديل عن المقاومة لاسترداد الأرض.
عائد إلى حيفا
عائد إلى حيفا وهي رواية تجسد معاناة الخروج وتضع رؤية صريحة للعودة وهي أن المقاومة السبيل الوحيد إلى ذلك، وهي تدور حول "سعيد. س" وزوجته صفية الذين يجبران على الخروج من حيفا تحت قصف النيران الإسرائيلية ويتركان ولدهما الصغير في وتواتيهم فرصة للدخول إلى حيفا بعد سنوات طويلة "20 سنة" فيذهبان ويبحثان عن ابنهما حتى يعثران على ولدهما وقد أخذه زوج وزوجة فلسطينيين وقاموا بتربيته ويجندانه في الجيش الإسرائيلي وينكر الابن معرفته بها وأنه ينتمي لمن ربياه ولإسرائيل فيصاب سعيد وصفية بخيبة أمل كبيرة ويقرران السماح لابنهما الآخر للالتحاق بالمقاومة بعد أن كانا يمنعانه من ذلك. وهي نهالية تقرر أنه لا سبيل لعودة إلى الأرض إلا من خلال المقاومة وحمل السلاح لا من خلا المفاوضات والأحلام بالعودة.
ويحمل كنفاني الفلسطيني خطأ التفريط في الأرض والخروج منها حتى لو تحت قصف المدافع.
ومن أبرز العبارات التي توضح رؤية كنفاني في الرواية الواردة في الرواية:
"لقد أخطأنا حين اعتبرنا أن الوطن هو الماضي فقط، فالوطن هو المستقبل".
أتعرفين ما هو الوطن يا صفية ؟ الوطن هو ألا يحدث ذلك كله ...".
"إن أكبر جريمة يمكن لأي إنسان أن يرتكبها كائناً من كان، هي أن يعتقد ولو للحظة أن ضعف الآخرين وأخطاءهم هي التي تشكل حقه في الوجود على حسابهم، وهي التي تبرر له أخطاءه وجرائمه".
"أتعرفين؟ طوال عشرين سنة كنت أتصور أن بوابة مندلبوم ستُفتح. ذات يوم.... ولكن أبداً لم أتصور أنها ستُفتح من الناحية الأخرى. لم يكن ذلك يخطر لي على بال، ولذلك حين فتحوها هم بدا لي الأمر مرعباً وسخيفاً وإلى حدٍ كبير مهيناً تماماً... قد أكون مجنوناً لو قلت لك أن كل الأبواب يجب ألّا تفتح إلا من جهة واحدة، وأنها إذا فُتحت من الجهة الأخرى فيجب اعتبارها مغلقة لا تزال؛ ولكن تلك هي الحقيقة"
"ولكن عليك أن تدرك الأشياء كما ينبغي.. وأنا أعرف أنك ذات يوم ستدرك هذه الأشياء، وتدرك أن أكبر جريمة يمكن لأي إنسان أن يرتكبها، كائناً من كان، هي أن يعتقد ولو للحظة أن ضعف الآخرين وأخطاءهم هي التي تشكل حقه في الوجود على حسابهم، وهي التي تبرر له أخطاءه وجرائمه".
رجال في الشمس
صدرت الرواية عام 1963 تدور حول أثر النكبة على الفلسطينيين من خلال أربعة شخصيات من أجيال مختلفة، وهي تقدم شخصيات لا تتشبث بالأرض بل ولا تصمد لمقاومة الاحتلال حيث يفرون للبحث عن حياة أفضل خارج وطنهم وهو يتم تحقيقه بل يموتون داخل خزان مياه في طريق الهروب إلى الكويت.
وأول شخصيات الرواية هو "أبو قيس" وهو رجل عجوز يعيش في المخيمات بعد أن فقد بيته وأشجار الزيتون التي كان يمتلكها، فيخرج للسفر إلى الكويت في سبيل الحصول على المال وشراء بيت وأشجار زيتون يغرسها فيه، لكن هذا الحلم ينتهي به إلى الموت.
والشخصية الثانية أسعد شاب مناضل وهو شخصية نامية ومتحولة في الرواية فعندما تطارده السلطات بسبب نشاطه السياسي، يحاول الهرب إلى العراق بمساعدة أحد أصدقاء والده القدامى، في مقابل دفع عشرين دينارًا له، لكنه يتركه في منتصف الطريق، بداعي نقطة التفتيش، ويعده أن يقابله بعد المرور على نقطة التفتيش، لكنه يفي بوعده، فيفقد أسعد ثقته في الناس،لكنه يصل بالقعل إلى العراق ويحاول الوصول للكويت في سبيل حلم الثروة والثراء
والشخصية الثالثة هي "مروان" هو فتى في المرحلة الثانوية يضطر لترك المدرسة والذهاب إلى البصرة ليدخل منها إلى الكويت بمساعدة المهربين حتى يعمل وينفق على أمه وإخوته الصغار. أخُ مروان يعمل بالكويت، وكان يرسل إلى الأسرة ما يكفيها، لكنه تزوج وتوقف عن إرسال نقود، فيحاول مروان السفر إلى الكويت لتحقيق حلم الثروة.
والشخصية الرابعة هو أبو الخيزران الذي يتفق مع الشخصيات الثلاثة السابقة على تهريبهم إلى الكويت داخل "خزان مياه" الحاج رضا التاجر الكويت الذثثي يعمل معه أبو الخيزران فيموتون مختنقين ومن شمس الصحراء اللافحة داخل الخزان، فيموت الثلاثة داخل الخزان.
إن الرؤية التي تطرحها الرواية رجال في الشمس أن الحل هو التشبت بالأرض والمقاومة وأي بديل عن ذلك معناه الموت، والهروب حل فردي وتنازل لا يمكن أن يكون حلا للقضية الفلسطينية.
أم سعد
تدور الرواية حول أم سعد، وهي امرأة حقيقية وهو يعرفها جيدا، ويربطها بغسان كنفاني صلة قرابة، بحسب ما قال عنها كنفاني.
وأم سعد سيدة فلسطينية فقيرة وكادحة تعيش حياة بائسة في المخيمات، لكنها تحلم بالعودة للأرض، وترى ان المقاومة هي الحل لذلك تكون سعيد جدا عندما يلتحق ابنها بالفدائيين، فيقول عنها زوجها إنها تنجب وفلسطين تأخذ.
قام كنفاني بإهداء تلك الرواية إلى " أم سعد، الشعب والمدرسة " ، وفي مدخل الرواية قال : " لقد علمتني أم سعد كثيرا، وأكاد أقول أن كل حرف جاء في السطور التالية إنما هو مقتنص من بين شفتيها اللتين ظلتا فلسطينيتين رغم كل شيء، ومن كفيها الصلبتين اللتين ظلتا ـ رغم كل شيء ـ تنتظران السلاح عشرين سنة".
