رماد وجلطة وديون.. ما تبقى لتاجر "فوانيس" التهمت النيران بضائعه بحريق المنشية
كانت الساعة تدق السابعة صباحًا، عندما رن هاتفه بمكالمة قلبت حياته رأسًا على عقب، حين تم إخباره باندلاع حريق هائل في السرداق "الشادر" الذي يجمع كل ما يملك هو وأسرته من أموال، ليستقبل بعدها بدقائق صورة مفزعة من الحادث فتعلو صرخاته أرجاء المنزل ويسقط على إثرها ويصاب بجلطة جعلته غير قادر على الكلام.
هذا المشهد باختصار هو ما تم مع محمد حشيش الشهير بـ"أبو إياد"، صاحب المتجر الذي التهمته النيران إثر حريق اندلع بمتجره المُكون من سرداق كبير لبيع الفوانيس والزينة الرمضانية، وامتد إلى محل مجاور لبيع اللحوم آخر تابع له.
مشهد الحريق تسبب في حالة فزع كبير لسكان منطقة ميدان المنشية، والنيران المشتعلة والدخان وصل من ميدان الحقانية إلى المناطق المجاورة التي أتى سكانها من صوت الصرخات التي تعالت من الباعة الجائلين وأصحاب المحال التجارية المجاورة الذين حاولوا السيطرة على الحريق، وخلال 7 دقائق كانت النيران هي الأقوى واستطاعت التهام البضائع بالكامل.
سيارات الإطفاء أتت خلال 12 دقيقة بحسب ما رواه شهود العيان، واستطاعت أن تخمد الحريق الذي ظل ينتقل بسرعة فائقة محاولا الامتداد، إلا أنها لم تُنقذ الشادر الخاص بـ"حشيش"، حيث كان بالفعل قد تحولت محتوياته لبقايا محترقة.
الحاجة بتاعة محمد الزهري؛ والدة "حشيش" كانت الأم صاحبة الصدمة الكبرى، حيث جلست على رصيف بجوار بقايا البضائع المحترقة التي تم انتشالها، وذلك بمجرد وصولها لمكان الحريق بعد مرور ساعتين كانت تجلس خلالهم بجوار ابنها الذي أصيب بصدمة جعلته غير قادر على النزول لرؤية ضياع "شقى العمر"، وبعد أن دخل في حالة صدمة فسرها الطبيب ببداية جلطة دماغية، وبعد أن دخل في حالة نوم عميق وصفتها هي بالغيبوبة، أتت لموقع الحادث لترى ما جري.
"يا شقى العمر اللي راح.. يا مال عيالك اللي اتحرق".. بتلك العبارة ظلت الحاجة باتعة تبكي بحسرة جعلت كل من يقف بجوارها يُقبل جبينها وأيديها محاولين تهدئتها بعبارة "فداكي يا حجة المهم أنك بخير"، لترد عليهم: "يا ريت كنت متت ولا شفت حسرة قلب ابني وضياع شقى العمر لعيالي".
وفي محاولة لسحب أطراف حديث معها، أوضحت الحاجة "باتعة" لـ"القاهرة 24" أن ابنها محمد هو أكبر أشقائه، وأن هذا الشادر الكبير هو نتيجة تجارة أسسها بأمواله هو وأخوته بكل ما يملكوه من أموال وجهد، على أمل أن يكون بداية لمشروع كبير، إلا أن الحريق جاء ليضيع أحلامهم ويقضي على تجارتهم.
وأرجعت الحاجة "باتعة" سبب الحريق إلى ماس كهربائي اندلع في منفذ بيع مواد غذائية مجاور للسرادق بسبب ما وصفته بإهمال مسؤولي المنفذ، حيث سبق وأن تم تحذير مسؤوليه من عدم سلامة الثلاجة الكهربائية لديهم وتسببها في خروج شظايا نيران أكثر من مرة من قبل.
""يعني شقى العمر راح وكمان بقى علينا ديون.. حتى الفلوس اللي كنا هندفع بيها قسط البضاعة مع التجار اتحرقت.. حوالي 50 ألف جنيه مفاضلش منهم غير رماد"، مطالبة بتقديم الدعم لأسرتها لتسديد ديون التجار، حيث حرر ابنها إيصالات أمانة باسمه لديهم، على أمل رد الأموال إليهم بعد بيع الفوانيس.
رانيا وزينب؛ فهما شقيقتان لمحمد حشيش صاحب السرداق المُحترق، فظلا أمام البضاعة التي التهمتها النيران في حالة ثبات ممزوج بالبكاء مع كل قطعة يحاولوا انتشالها من البقايا المحترقة، حيث ظلت "زينت" تفحص القطع وتحاول استخراج أي منها في حالة سليمة.
وناشدت "زينب" المسؤولين بتوجيه الدعم لأسرتها لمحاولة تعويض تلك الخسائر التي تسبب فيها الخريق، حتى يتمكنوا من سداد ديون شقيقهم ولا يكون تحت المسائلة القانونية في حالة عدم استطاعته رد أموال التجار.
أما رانيا فظلت تدعي الله أن يرزق شقيقها العوض وأن يستطيع رد البضاعة التي كتب على عهدته إيصالات أمانة تقدر بالملايين على أمل ردها، مشيرة إلى أنه مطالب الأن بتسديد هذه الأموال لأصحابها وإلا سيكون مهددًا بالسجن.
ولفتت "رانيا" أن هذا الشادر أقيم منذ قرابة 20 يوما، ولم يحصد رواج في البيع لأن الأيام الأخيرة قبل حلول شهر رمضان هي التي ينتعش فيها حركة البيع، موضحة أن عدد عمال الشادر يبلغ قرابة 15 شخصا، وأنه أنشأ وفقا لتراخيص وموافقات من الجهات المختصة.
فيما قال محمد أبو يوسف؛ أحد عمال الشادر، أن البضائع التي كان يحتويها المكان تقدر بنحو 3 ملايين جنيها، حيث كان يحتوي على أكبر وأضخم الفوانيس وكان هناك بضائع للبيع للتجار الصغار بنظام الجملة، فضلا عن وجود مبلغ مالي بخرينة المكان.
وأضاف أبو يوسف، أن هذا الشادر يعتبر أكبر مكان لبيع الفوانيس الرمضانية والزينة في الإسكندرية، ويُقام سنويا قبل حلول شهر رمضان المبارك بقرابة شهر، ويعرض عدد كبير من الأشكال التي قد لا تتواجد في منافذ أخرى.
وأشار أبو يوسف؛ إلى أن هذا الشادر يعمل فيه قرابة 15 عاملا، وجميعهم ينتظرون هذا الموسم الذي يستمروا مع نفحاته المالية بقية العام، قائلا: "ربنا يعوضنا أكل عيشنا راح".
والتهم حريق هائل، صباح اليوم الثلاثاء، 3 محلات أحدهما شادر كبير لبيع الفوانيس ومحل لحوم وأخر تابع له، في منطقة المنشية في الإسكندرية دون وقوع إصابات أو وفيات، وتم السيطرة عليه من قبل الحماية المدنية دون وقوع إصابات أو وفيات.
من جانبه، قال مصدر أمني، إن اللواء محمود أبو عمره مدير أمن الإسكندرية، تلقى إخطارا من مأمور قسم شرطة المنشية، يفيد بورود بلاغ بنشوب حريق بكل من " تحيا مصر وأمان والمحروسة " بدائرة قسم المنشية علي الفور انتقل ضباط مباحث القسم وقوات الحماية المدنية وسيارات الإسعاف إلى موقع الحادث.
تبين من الفحص نشوب حريق بأحد فروشات الباعة لبيع فوانيس وزينة رمضان بسبب حدوث ماس كهربائي بالتوصيلات الكهربائية. وتبين من المعاينة أن النيران أتت على الفرش بالكامل دون حدوث أي إصابات.
تحرر المحضر اللازم بالواقعة وجار العرض على النيابة لمباشرة التحقيق.
