لماذا ترفع معظم السفن التجارية علم بنما وسنغافورة؟.. (خبير يجيب)
تسببت السفينة البنمية التي جنحت في قناة السويس خلال الأيام الماضية، في إثارة الكثير من التساؤلات حول رفع الكثير من السفن لأعلام دول أخرى، غير الدول المالكة لها.
وتأتي أعلام بنما، وسنغافورة، وهونج كونج، وليبيريا، وجزر مارشال، في مقدمة الدول التى يفضل ملاك السفن رفع أعلامها، والحصول على ترخيص للسفن من تلك الدول، فيما عرف تجاريًا باسم أعلام الملاءمة البحرية.
ووفقًا للمنظمة البحرية الدولية، يؤدي تسجيل السفينة في إحدى هذه الدول وظيفة حتمية نحو سلامة وأمن النقل البحري، ويساهم بشكل كبير في حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها، من خلال تحديد جنسية السفينة وتنظيم الشحن، بربط السفينة بدولة ما.
تسجيل السفن دخل قومي في بنما
وفي ذات السياق قال الدكتور محمد علي، أستاذ القانون البحري بجامعة الإسكندرية، إن بنما تقدم العديد من التسهيلات في عمليات السفن، لاعتمادها على محصلات التسجيل في إجمالي الدخل القومي، إذ يتم تحصيل رسوم التسجيل بشكل سنوي من قبل مالكي السفن.
وأضاف في تصريحات لـ "القاهرة 24" أن بنما وسنغافورة وهونج كونج، وليبريا إلى جانب جزر مارشال، تمثل دول التسجيل المفتوح للسفن، لما تقدمه من تسهيلات في شروط التسجيل، على عكس كافة دول العالم التي تفرض شروطًا لمنح التراخيص من بينها، غجراءات الصيانة وضوابط السلامة البحرية، وإلزام ملاك السفن بتشغيل طواقم من نفس الدول المانحة للتراخيص.
وتابع أن السطات البحرية البنمية تمتلك أكبر سجل للسفن في العالم، تعقبها كل من ليبيريا، وجزر مارشال، وهونج كونج، وسنغافورة.
ووفقًا لشركة "فيسلز فاليو"، المتخصصة في القطاع البحري، تمتلك بنما أسطولًا من السفن التجارية العالمية يصل إلى أكثر من 7 آلاف سفينة مسجلة، ما يساعدها في الحصول على عائدات مالية كبيرة لاقتصاد البلاد من خلال فرض الرسوم والخدمات.
تخفيضات في الضرائب وتسهيلات في السلامة الحرية
وأشار أستاذ القانون البحري، إلى أن ما يُطلق عليها بلدان "التسجيل المفتوح للسفن" تقدم الكثير من التسهيلات المالية لجذب الدول المصنعة للسفن على التسجيل، ومن بينها تخفيضات في الضرائب على عمليات التسجيل، وتقديم تسهيلات في شروط السلامة المهنية للعاملين.
محاسبة السفن المسجلة في دول أخرى
وأوضح لـ "القاهرة 24" أنه في حال حدوث أي مشكلة من قبل السفن المسجلة في أحد الدول مفتوحة التسجيل، تتم محاسبة تلك السفن من خلال المنظمة البحرية الدولية، بوضع ضوابط لمراقبة تلك السفن، من خلال مراقبة السلامة البحرية لدولة العلم، والدولة المالكة.
وذكر أنه يحق للدول التي تستقبل تلك السفن الاعتراض على فتح موانئها لتلك السفن، وفقًا لقانون المنظمة البحرية الدولية، ويتم منعها من دخول الميناء، لعدم موافقتها لشروط السلامة البحرية لها.
وأضاف أنه في حال حدوث مشكلة بحرية، كما حدث في سفينة قناة السويس الجانحة، يتم التنسيق بين الشركة المالكة للسفينة، والشركة المشغلة للسفينة، ونوادي الحماية والتعويض المتمثلة في شركات التأمين، ويتم تحديد الجهة المسؤولة وفقًا للتحقيقات، وفقًا للقانون البحري الدولي.
بنما تسيطر على تراخيص السفن التجارية
ويتصدر علم بنما قائمة أعلام الدول المرفوعة على السفن التجارية، لما تقدمه السلطات من تسهيلات تتمثل في إعفاء من الضرائب، مقارنة بما يتم دفعه في حال التسجيل في الدولة المالكة للسفينة، إضافة إلى إمكانية تشغيل أطقم بحرية للسفينة من أي مكان في العالم، وموائمة شروط القوى العاملة والخدمات، بهدف تقليل تكاليف الشغل والنفقات.
كما تقدم بنما نظام التسجيل المفتوح، الذي يتيح لمالكي السفن غمكانية التسجيل عبر الانترنت، دون تواجد السفينة بدولة التسجيل، ما يمثل ملجأ للكثير من الشركات المالكة للسفن للتهرب من القوانين الصارمة التي تفرضها معظم الدول.
فوفقًا لمنظمة البحرية الدولية، تخضع السفينة لقوانين الدولة صاحبة العلم، عقب إتمام عملية التسجيل، وتتحمل كل دولة مسؤولية السفن التي ترفع علمها، إلا ان القانون الدولي البحري نص على وجوب خضوع أي سفينة تدخل بلداً أجنبياً للقانون المحلي في ذلك البلد، للمحافظة على السلامة البحرية لكل دولة وفقًا لقوانينها الداخلية، دون التدخل في الئؤون الداخلية للسفينة.
أوروبا وأمريكا أبرز الهاربين من القيود البحرية
وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي، في مقدمة الدول التي تحصل على تراخيص بنما وليبريا وجزر مارشال وسنغافورة وهونج كونج، لسفنها للتهرب من القيود التنظيمية للسلامة البحرية، وتلافي ارتفاع تكاليف تشغيل العمالة في بلادهم، مع سعي ملاك السفن إلى تجنب ارتفاع الأجور وتحسين ظروف العمل المضمونة من خلال التشريعات في تلك الدول.
إيران تستخدم بنما للتهرب من القيود الاقتصادية
وتعرضت بنما للعديد من الضغوط الدولية، لتشديد الرقابة على السفن المسجلة لديها، بعدما رصدت الولايات المتحدة الامريكية، استخدام بعض الدول التي فرضت عليها عقوبات لسفن مسجلة في بنما لأغراض غير شرعية، من بينها إيران وكوريا الشمالية، ما دفع سلطات بنما وسنغافورة وجزر مارشال لحذف أكثر من 60 سفينة من سجلاتها، لاتهامها بتمويل الإرهاب وتهديد السلم والأمن الدوليين.