"نهال الخير" من حلم بمركز مجاني لعلاج عيون الأطفال لقصة نجاح ملهمة
في ساعة شروق الشمس كل يوم، وحتى في ليالي البرد القاسية، تبدأ رحلتها إلى العمل في المكان الذي بني بسواعدها ودعمها، لتجد في انتظارها الآملين في الحصول على فرصة الشفاء على يديها التي عالجت المئات من الحالات الحرجة والجراحات النادرة، آتين إليها ليس فقط من الإسكندرية ولكن من محافظات مصر وقرى الصعيد.
الدكتورة نهال الشقنقيري؛ هي طبيبة مصرية أعلنت جامعة الإسكندرية صباح اليوم عن اختيارها ضمن أكثر 100 شخصية نسائية مؤثرة في العالم.
وسبق أن كرم الرئيس السيسي الشقنقيري، خلال احتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية عام 2019، الذي نظمته وزارتا التضامن الاجتماعي والتخطيط والمتابعة، والمجلس القومي للمرأة لتكريم مجموعة من النماذج النسائية المشرفة بمصر.
“نهال الخير” هو الاسم الذي تُعرف به الشقنقيري بين زملائها، وملاك الخير مثلما يدعوها مرضاها، وهي رئيس وحدة طب وجراحة عيون الأطفال بالمستشفى الجامعي بالإسكندرية.
وبدأت رحلة الشقنقيري في إنشاء وحدة طب وجراحة العيون التابعة لجامعة الإسكندرية، التي كانت حلم يراودها منذ أن بدأت العمل في طب وجراحة العيون منذ أكثر من 20 عامًا، وبتبرعات أهل الخير تم إنشاؤه على مستوى عالٍ من الأجهزة والتنظيم حتي أصبحت الأولي علي مستوي الشرق الأوسط علي عملياتوالجراحات الحرجة للعيون.
ووصلت الوحدة الآن إلى أنه يجري بها جراحات في جميع التخصصات للبالغين (مياه بيضاء، مياه زرقاء، عمليات الشبكية، عمليات الجفون والقنوات الدمعية، عمليات الحوادث) وغيرها لعيون الأطفال (سرطان، مياه بيضاء، ارتفاع ضغط العين، جفون، قنوات دمعية وأمراض الأطفال المبتسرين والحول).
وتهدف الوحدة في المقام الأول لعلاج غير القادرين، وذلك في ظل ارتفاع أسعار الجراحات والمستلزمات الطبية، وأنها تعتمد علي تبرعات خيرية في إجراء الجراحات لغير القادرين، من الإسكندرية والمحافظات المحيطة بل ومحافظات الصعيد دون أى مصاريف.
ولم يكن تكريم الرئيس السيسي، الأول للشقنقيري، حيث قام مجلس جامعة الإسكندرية في عام 2018 بجلسة 25 مارس 2018، برئاسة الدكتور عصام الكردى رئيس الجامعة، بتكريمها باعتبارها نموذجًا يحتذى في التفاني والإخلاص في العمل وتقديرًا لإسهاماتها فى خدمة المجتمع وجهودها لتقديم خدمات صحية وعلاجية وتعليمية للمجتمع المدنى في مجال تخصصها.
وعلي الرغم من المكانة المتميزة التي وصلت إليها الشقنقيري بين مرضى العيون، إلا إنها لا تمتلك عيادة خاصة، ومتفرغة تمامًا للعمل الإنسانى، حيث كرست حياتها للعمل في مركز جراحات اليوم الواحد، تبدأ عملها فى الخامسة صباحا، وحتي عصر اليوم.
حكايات أهل الخير عنها
الدكتور أحمد عبد النبي، وهو أحد القائمين على أعمال الخير في مؤسسة "محمد عبد الوهاب الخيرية"، وأحد المنخرطين في التواصل بين المرضى غير القادرين والأطباء الذين يشاركون في علاجهم، فيحكي عن نهال الشقنقيري قائلا: "أول ما بدأت شغل وأسم نهال حاضر في كل المجالس، بيحكوا عن شخص من عالم آخر، كنت متخيل إن الناس بتبالغ، الوصف اللي بسمعه ما ينفعش يبقى لبشر في الزمن ده، لما قابلتها وتعاملت معها عرفت هما بيتكلموا عن مين".
ويضيف الدكتور عبد النبي: "دكتورة نهال عايشة طول حياتها المهنية في مستشفى الميري لخدمة المريض الفقير وبس، ماعندهاش عيادة، ما بتروحش أي مستشفى خاصة، خلية نحل شغالة بمنتهى الإتقان، بيقدم خدمة مش حتعرف تاخدها في أغلى مراكز العيون في مصر، وبرة مصر كمان، وكل ده مجاني تماما".
ويستكمل عبد النبي: "كل اللي فات ده حاجة وعرضها للحالات حاجة تانية، بتوصف الحالات وتحكي القصة وراء كل حالة بشغف وحب تعجز كلماتي عن وصفه، بس لما تشوف ثمرة مجهودها حتعرف الحب ده جاي منين، إزاي قدرت تفرق مع عشرات الآلاف من الأطفال، دي بترجع للطفل نور عينيه، كنت واقف مبهور وسعيد وفخور إني قدام شخص بالجمال والإخلاص والتواضع والصدق".
زملائها: نقطة ضوء تُلهمنا
الاحتفال بالشقنقيري والقصص التي رويت عنها لم تكن فقط من المرضى وذويهم الذين تعاملوا معها، ولكن من الزملاء الأطباء الذين تعاملوا معها وشاهدوا كفائتها وإخلاصها في العمل.
وعدد الأطفال الذين استعادوا نظرهم في لستة عملياتها، يكتب عنهم مجلدات"، قالها الدكتور حسام الدين رمضان، طبيب رمد بالمستشفي الميري الجامعي، مضيفا: "لن أنسى ما شاهدته منها عند إجراء فحص لطفل كان قد تعرض لتدخل جراحي من طبيب آخر وفقد معه نظره، وحينها قالت والدته لنا، إنها راضية بقضاء الله، ولكنها فقط تريد التخفيف عن ألمه، فعندما فحصته نهال قالت لها نصا (بس أنا طماعة وهرجعه يشوف)، وبعدها أجرت له جراحة وبالفعل عاد إليه نظره".
وأضاف رمضان: "الدكتورة نهال سببت لي حالة من الانهيار بالعمليات التي تجريها، وخاصة أنها لمستشفى جامعي وليست في قطاع خاص، ومع ذلك تهتم بشكل فائق بالتعقيم ونظافة المكان".
كنت أقول دائما لزملائي أطباء العيون أنها (نهال الخير) صانعة حقيقية من صناع الحياة في هذا العالم بإتقانها وإخلاصها و دأبها وعزمها وتفوقها وإيمانها برسالتها، ما تفعله نهال الخير، هو حلم جميل متفرد قامت به في وسط غابة قبح برؤيتها المفردة وبدعم الطيبين المحبين لهذا البلد لم تدفع الحكومة فيه شيئا"، قالها الدكتور محمد سعد؛ أحد زملاء الشقنقيري.
وأضاف سعد: "كنتِ وما زلتِ نقطة ضوء تلهمنا وسط ظلام حالك يحيط بنا، دمتي وكل المحبين لهذا البلد طاقة أمل، أدامك الله لمرضاك وطلابك قامة نعتز بها ونفخر بالانتساب إليها".