وفاة عالم الهندسة الدكتور أحمد سالم ابن كفر الشيخ عن عُمر يُناهز 97 عامًا
تُوفى فى الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين، عالم الهندسة الدكتور أحمد على سالم الصباغ، ابن مدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، عن عُمر يُناهز الـ97 عاماً، إثر وعكة صحية ألمت به خلال الفترة الماضية، بعد رحلة عطاء حافلة فى خدمة علوم الهندسة.
وخيَّم الحزن على أهالى مدينة بيلا، بعد وفاة ابن مدينتهم العالم الجليل، وتحوّل موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، إلى سُرادق عزاء، ونشر عدد كبير من أهالى مدينة بيلا وأصدقاء، وطلاب العالم الراحل تدوينات على صفحاتهم الشخصية، داعين الله العلى القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويُسكنه فسيح جناته، ويُلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
ومن المُقرر، أن تُشيع جنازة "الصباغ"، بمسقط رأسه بمدينة بيلا، التابعة لمحافظة كفر الشيخ، اليوم الإثنين، ليُوارى الثرى فى مقابر العائلة ببيلا، مع اقتصار العزاء علي تشييع الجنازة فقط، فى ظل أزمة "كورونا"، واتباعاً للإجراءات الاحترازية التى فرضتها الدولة.
والدكتور أحمد سالم الصباغ، وُلد بمدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، عام 1924م، حصل على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من جامعة عين شمس 1954م بامتياز، وحصل على الدكتوراه من جامعة آخن بألمانيا الغربية عام 1961م بتقدير جيد جدًّا.
لم يكتفِ الدكتور أحمد سالم الصباغ بما كان يتلقاه من دراسات أكاديمية بجامعة آخن فتلقى تدريبًا عمليًّا عام 1954م فى مصانع "ميرليس" لتصنيع مُحركات الديزل بمانشستر بإنجلترا، وعمل فى مركز بحوث شركة "سيمنز" ببرلين بألمانيا عام 1961م، إلى أن عُيِّن مدرسًا لهندسة المواد والإنتاج والهندسة الصناعية بكلية الهندسة جامعة عين شمس.
ومن عام 1962 – 1964م أُعير "الصباغ" للعمل مديرًا لمعامل المواد واختباراتها بمصانع الطائرات 135 للمُحركات النفاثة، وكان له دور فعّال فى الرقابة على عمليات الإنتاج وتطويرها، وتدريب مهندسى المصنع وتجهيز معامله وإدارة شؤونها، ثم عُيِّن أستاذًا مساعدًا لهندسة الإنتاج والهندسة الصناعية بكلية الهندسة جامعة القاهرة من عام 1967 حتى عام 1969م، ثم أُعير للعمل بكلية الهندسة بجامعة حلب من عام 1969 حتى عام 1972م، وفى عام 1972م أجرى بحثًا علميًّا فى موضوع "المُعالجة الحرارية بتعتيق بعض السبائك الفلزية" فى معامل البحوث بالجامعة التقنية ببرلين الغربية بألمانيا.
عُيِّن أيضًا "الصباغ" أستاذًا مساعدًا بهندسة القاهرة بقسم التصميم الميكانيكى والإنتاج من عام 1972 حتى عام 1973م، ثم أستاذًا لهندسة الإنتاج والفلزات والتنظيم الصناعى بكلية الهندسة جامعة عين شمس من عام 1973 حتى عام 1981م، ثم أستاذًا ورئيس قسم التنظيم وهندسة الإنتاج بالكلية نفسها من عام 1981 حتى 1984م، ومن عام 1984م عمل أستاذاً مُتفرغاً بكلية الهندسة جامعة عين شمس، وانتُخب عضوًا بمجمع اللغة العربية عام 1994م، فى المكان الذى خلا بوفاة الدكتور عبد الحليم منتصر.
وللدكتور الصباغ مؤلفات عديدة بالعربية في هندسة الإنتاج بخاصة منها:
1- "المتالورجيا الفيزيائية"، ظهرت طبعته الأولى عام 1968م وظهرت له طبعة رابعة مطورة فى عام 2006م.
2- "تكنولوجيا الإنتاج" (عمليات التشغيل)، ظهرت طبعته الأولى عام 1973م وتوالت طبعاته حتى الطبعة الرابعة.
3- "المدخل إلى هندسة الإنتاج"، ظهرت طبعته الأولى عام 1975م وتوالت طبعاته حتى الطبعة السادسة المُطورة عام 1993م.
4- "مُقدمة فى هندسة الإنتاج"، ظهرت طبعته الأولى "بالاشتراك" عام 1995م، وظهرت له طبعة ثالثة مُطورة، نشر دار آمون.
5- "هندسة لحام المعادن"، ظهرت طبعته الأولى عام 1987م وظهرت طبعته الثانية عام 1997م بدار الشروق.
6- "هندسة المواد"، الجزء الثانى، عام 1998م، عن دار عالم الكتب.
7- "تكنولوجيا الورش جزء 1"، ظهرت طبعته الأولى عام 1988م وظهرت آخر طبعاته المُطورة عام 2003م، عين شمس.
8- "تكنولوجيا الورش"، جزء 2، ظهرت طبعته الأولى عام 1988م وتوالت طبعاته حتى الطبعة المُطورة عام 2003م، عين شمس.
9- "مُعدات التشغيل"، ثلاثة أجزاء فى طبعات مُتعددة منها الطبعة السنوية التى تتولاها وزارة التربية والتعليم.
10- "معدات وعمليات" (لحام وحدادة) جزء 2 وجزء 3 فى طبعات مُتعددة، منها الطبعة السنوية التى تتولاها وزارة التربية والتعليم.
وله عديد من الكتب المترجمة منها:
* ستة كتب من أصول العمل الهندسى من الألمانية إلى العربية لصالح جمعية المهندسين المصرية بالاتفاق مع اتحاد المهندسين الألمان من عام 1980 حتى عام 1985م.
* عشرة كتب فنية للتعليم الفنى السعودى من الأصل الألمانى من عام 1975 حتى عام 1979م دار نشر (إنتربارت) الألمانية.
* الاشتراك فى ترجمة ومُراجعة كتاب فى صيانة وإصلاح السيارات من الإنجليزية للعربية، دار الشروق عام 1973م.
* ترجمة مقالين من مجلة "SCIENTIFIC AMERICAN" عدد سبتمبر عام 2001م عن تكنولوجيا النانو من الإنجليزية إلى العربية "SPECIAL ISSUE ABOUT NANOTECH" نشر فى مجلة العلوم الكويتية فى عدد خاص عن تكنولوجيا النانو.
* ترجمة برامج تدريب للمُدربين من الإنجليزية للعربية لمُنظمة العمل الدولية ILO فى مايو عام 2004م.
وبالإضافة إلى ما ألَّفه "الصباغ" من كتب وما ترجمه، قدّم للعلم سبعة عشر بحثًا فى تخصصات هندسة الإنتاج الصناعى، وهندسة المواد ولحامها وصبها وتشكيلها، والهندسة الصناعية.
وقد أشرف الدكتور الصباغ على ثلاثٍ وعشرين رسالة دكتوراه وأربعين رسالة ماجستير في مجالات التخصص، ويُنسب إليه ابتكارات ومشروعات ناجحة قيمة: منها ابتكار 12 تصميمًا جديدًا لسخانات شمسية وإنتاجها واختبارها، ودراسات جدوى لمشروع تصنيع جزئى لسيارات نقل ثقيل بمصر، ودراسة التآكل فى أنابيب نقل النفط وعلاجه (حقل خالدة بالصحراء الغربية 2002م).
والدكتور الصباغ كان عضواً فى أكثر من جمعية علمية، منها:
عضو المجلس القومى للتعليم والبحث العلمى، وعضو المجمع العلمى المصرى، وعضو المجمع المصرى للثقافة العلمية، وعضو جمعيات اللحام الأمريكية والألمانية والمصرية، وعضو جمعية السباكة المصرية، وجمعية المهندسين المصرية، وعضو مجلس إدارة مركز بحوث وتطوير الفلزات سابقًا، وعضو لجنة بحوث الصناعة بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، وعضو جمعية المهندسين الميكانيكيين، وبعض الجمعيات الهندسية الأخرى، وعضو الجمعية العمومية للشركة القابضة للصناعات المعدنية.
قام "الصباغ" بمشروعات بحثية وتعليمية كبرى منها: إدخال مادة التكنولوجيا فى التعليم العام، وتطوير المدارس الصناعية اهتداءً بنظام التعليم الفنى المُزدوج الألمانى من عام 1988 حتى عام 1992م، وبداية مشروع إنشاء كليات التعليم الصناعى لتخريج مدرسى التعليم الصناعى على أُسس علمية حديثة.
وإذا كان لأحد أن يُبدى رأيًا فى هذه الصفحات الجليلة من الأعمال العلمية والإنشائية فقد يُقال إن أبحاث الدكتور الصباغ تتسم بالتوجهات الحديثة فى علوم المستقبل، ويِشار هنا إلى أنه في أثناء دراسته للدكتوراه واكب ذلك قفزات فى سرعة الطائرات فابتكرت الطائرات النفاثة والصواريخ ودخل العالم عصر السرعات فوق الصوتية بما تحمله من مشاكل ارتفاع درجة حرارة الطائرات نتيجة للاحتكاك مع الهواء مما حتَّم ضرورة ابتكار سبائك ومواد تتحمل تلك الدرجات، وظهرت بالتبعية صعوبة لحامها فكان جوهر موضوع بحثه للدكتوراه ابتكار طرق وسبائك جديدة تحقق الهدف المذكور، استفاد الباحث بعد ذلك فى فترة عمله مديرًا لمعامل المواد واختباراتها بمصانع الطائرات النفاثة 135 بحلوان من عام 1962 حتى عام 1964م؛ فبلغ ما كان يُريد بنجاح عظيم.
وإيمانًا بأن اللغة هى وعاء الفكر، واعتزازًا بثراء اللغة العربية التزم بتدريس العلوم الهندسية (مواد تخصصه) باللغة العربية بل ألَّف العديد من المراجع العلمية الهندسية وترجم الكثير من المراجع والمُؤلفات من الألمانية والإنجليزية إلى العربية؛ إذ يُؤمن أن اللغة الأم هى الأقدر على نقل المعرفة ولإثراء المكتبة العربية.
وللدكتور الصباغ نشاط مجمعى واسع يُقدره أعضاء مجلس مجمع اللغة العربية ولجانه العلمية، وقد أسهم بجُهد كبير فى إعداد الجزء الأول من مُعجم مُصطلحات الهندسة الميكانيكية، كما شارك فى أعمال مُعجمى الفيزياء والحاسبات.
وتقديرًا لدوره العلمى الأكاديمى والإنشائى فى خدمة العلم والوطن، مُنح "الصباغ" عدة جوائز، منها: جائزة تقدير من جمعية المهندسين الميكانيكيين عام 1986م، وجائزة التميز من نقابة المهندسين عام 1992م، وجائزة الإبداع العلمى فى التكنولوجيا المُتقدمة (الهندسية) البنك الأهلى عام 2001م، وجائزة الدولة التقديرية فى التكنولوجيا المُتقدمة (الهندسية) عام 2003م، ودرع التفوق من كلية الهندسة – جامعة عين شمس عام 2006م.