اليوم.. ذكرى رحيل كمال ناصر أحد رموز المقاومة الفلسطينية
تحل اليوم ذكرى اغتيال كمال ناصر، حيث تم اغتياله في بيروت في عملية عسكرية إسرائيلية استهدفته وقائدين فلسطينيين آخرين هما كمال علوان ومحمد يوسف النجار.
وُلد كمال بطرس إبراهيم يعقوب ناصر في مدينة غزة سنة 1924، وترعرع في بلدة بيرزيت، درس كمال ناصر في الجامعة الأمريكية وتخرج منها في بيروت بإجازة العلوم السياسية عام 1945 وشجعته أمه على دراسة المحاماة إلا أن طبيعته لم تحتمل قضاء سنوات إضافية في كنف الجامعة، ولكنه اشتغل في حقل التعليم فترة من عمره، فقام بتدريس اللغة الإنجليزية مع أنه لم يجد نفسه إلا في الصحافة ليعبر عن أفكاره السياسية ويلبي بعض طموحه الثقافي.
ولم يلبث أن تعاون مع هشام النشاشيبي وعصام حماد على إصدار صحيفة "الجيل الجديد" عام 1949 في القدس. وفي العام التالي وجد نفسه يشارك في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في رام الله لتبدأ مرحلة جديدة في حياته تنتقل به من السجن إلى المجلس النيابي، حيث انتخب نائباً عن دائرة رام الله عام 1956، ولا يمكن إغفال دوره في جريدة "البعث" وهي غير الجريدة الشهيرة التي تحمل هذا الاسم وتصدر في دمشق.
بعد نتكاس التجربة الديمقراطية في تلك المرحلة من تاريخ الأردن، توجه إلى دمشق، ليشهد الوحدة العربية الوحيدة التي ولدت في القرن العشرين وانتهت بعد سبعة أشهر وثلاث سنوات من ولادتها. وهي الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبد الناصر.
اغتيال كمال ناصر
عد انفصال الوحدة بين سورية ومصر توجه إلى القاهرة حيث تلقى وساماً تقديرياً من الرئيس عبد الناصر. وما إن تسلم حزب البعث مقاليد السلطة إثر ثورة 8 مارس 1963 حتى وجد مكانه الطبيعي في دمشق. بذل جهوداً شخصية لتضييق شقة الخلاف بين حزبه الحاكم في سورية وبين الرئيس جمال عبد الناصر الذي يكن له كل تقدير، إلا أن رياح السياسة جرت بغير ما شاءت سفينة أحلام كمال ناصر. لم تقف خيبته عند هذا الحد، بل سرعان ما برزت الخلافات داخل بيته الحزبي. وكان كمال واضحاً حاسماً في هذا الأمر، فقد أخذ جانب القيادة الشرعية التي يمثلها الأمين العام للحزب، ميشيل عفلق.
في تلك الأثناء كان اعتقال كمال ناصر أمراً محرجاً لسجانيه، لهذا تم تسهيل سهولة فراره من سجن دمشق إلى بيروت، ومن هناك إلى باريس، حيث عاش فترة قصيرة تركت أثراً واضحاً في شعره الذي ظهر من خلاله مغترباً مشدوداً إلى وطن يناديه. وهكذا وجد نفسه في الضفة الفلسطينية من جديد. وحين تمت هزيمة يونيو 1967 بدأ في البحث عن وسائل وأشكال لمقاومة الاحتلال، فاعتُقِل وأُبعد هو وأحد أصدقائه المقربين، المحامي المرحوم إبراهيم بكر.
دراسة كمال ناصر
احتلت الثورة الفلسطينية عام 1961 الاهتمام الأول عند في شعر كمال ناصر الملتزم وحين انتهى الأمر بفصائل المقاومة إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، كان كمال ناصر عضواً في أول لجنة تنفيذية بقيادة ياسر عرفات، وذلك في شتاء 1969 وسرعان ما أسس كمال ناصر دائرة التوجيه والإعلام.
عند تفشي القلق والتوتر في العاصمة الأردنية بين القصر والمقاومة، كان كمال في الصف الأول من القيادات التي وقفت إلى جانب ياسر عرفات مع جورج حبش ومنيف الرزاز وغيرهم ممن كانوا يديرون المفاوضات ويشرفون على التعبئة وإدارة شؤون المنظمة. كان كمال مكلفاً بمهمة لدى لجنة الإعلام العربية الدائمة في القاهرة حين انفجرت الأوضاع.
عندما قامت المخابرات الإسرائيلية باغتيال غسان كنفاني في بيروت، وكان موعد صدور أول عدد لمجلة "فلسطين الثورة" بعد استشهاده، صدرة المجلة تحمل صورة كبيرة على الغلاف للشهيد أبي علي إياد الذي تواكبت ذكرى شهادته مع صدرو المجلة الغلاف للشهيد أبي علي، وفي مكان صغير كانت صورة صغيرة جداً للشهيد غسان كنفاني، يومها جن جنون كمال ناصر، وشتم العاملين في المجلة عموماً. وانفجرت الدموع في وجهه وهو يصيح: "لو تعرفون من فقدتم لبكيتم دماً، ثم إن هذا الشهيد هو الذي رفض أن يكون رئيسكم في المجلة. هل نحن في مباراة بين الشهداء؟.." ليخرج العدد التالي بصورة لائقة للشهيد غسان كنفاني تتصدر الغلاف الأول.
وفي مثل هذا اليوم 10 إبريل تم استهداف كمال ناصر في بيروت ومعه اثنان من المناضلين هما كمال علوان ومحمد يوسف النجار، وكان لكمال ناصر جنازة تغص بعشرات آلاف المشيعين، وتم دفنه إلى جانب غسان كنفاني بناء على وصيته، وهكذا دفن كمال ناصر المسيحي البروتستانتي في مقبرة الشهداء الإسلامية.