نوستالجيا رمضان.. صراع أبدي بين مطرقة الماضي وسندان الحاضر (صور)
أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، والذي يعد أحد أهم الشهور العربية؛ لما له من قدسية شديدة عند المسلمين، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم، وكما نعرف فإن المصريين كانوا يتميزون بطابع وطقوس خاصة بهم للتعايش في هذا الشهر، بدءًا من المواقف الحياتية وصولًا إلى طرقهم في التعبد.
وكان هناك عديد من طرق الاحتفال لاستقبال شهر رمضان في المجتمع المصري داخل كل منزل وحتى كل حي، فكان الأطفال يقومون بالسهر ليالي قبل ليلة الرؤية لصناعة الزينة الورقية لتزيين الشوارع، وهي العادة التي أصبحت شبه مندثرة حديثًا فالزينة أصبحت جاهزة وبأشكال مختلفة، كما اشتهر رمضان في التسعينيات والثمانينيات بلعب الأطفال بالفوانيس بسيطة الشكل التي كانت أغلبها تضاء بالشموع ومشتهرة بالألوان الزاهية لزجاجها، وهي ما اندثرت في الوقت الحالي وأضحى هناك الكثير من الفوانيس المتعددة الأشكال والأحجام منها المضيء ومنها الذي يصدر الأغاني التراثية المتعلقة بشهر رمضان "وحوي يا وحوي" و"رمضان جانا" ولم يعد الأطفال يمرحون ويلعبون بها في الشوارع مع رفاقهم كما في الأعوام السابقة.
ومن أبرز العادات التي ميزت شهر رمضان في مصر " الطبق الدوار" والذي كان يطوف منازل الجيران دليل على كرم المصريين والوحدة الوطنية، فالطبق كان يطوف منازل الحي بجميع طوائفه ودياناته في دلالة على سماحة الدين وخلق الشعب المصري.
أما فيما يخص المحتوي الإعلامي الذي كان يقدم في هذا شهر رمضان الكريم والذي يتم الإعداد له بشكل مسبق وبإتقان بدءًا من برامج الأطفال، والتي كانت تتضمن غرس القيم والمبادئ لديهم بشكل غير مباشر وبطريقة رائعة، مثلما قامت به المخرجة المصرية الراحلة الدكتورة "منى أبو النصر" في "بكار"، بالإضافة إلى مسلسل الأطفال الشهير "بوجي وطمطم"، إخراج الراحل "رحمي"، وبرنامج "قصص الأنبياء" الذي غرس في كل طفل معلومات عن قصص للأنبياء والرسل بأبسط طرق لتوصيل المعلومات، وبرنامج "المغامرون الخمسة" الذي يهدف لتنمية ذكاء الأطفال وإعمال العقل.
ولم تبعد برامج التسلية والفكاهة والمرح عن هذا النهج الراقي، كثيرًا فكانت تقدم فوازير "عمو فؤاد"، و" نيلي وشيريهان وفطوطة"، ومسلسل "ألف ليلة وليلة" بشخصياته المؤثرة "ريمة وكريمة وحليمة وفاطيمة"، وبرامج المسابقات الترفيهية والتي أبرزها "من غير كلام" تقديم الفنان الراحل حسن مصطفى، وبرامج الفكاهة والضحكات وعلى رأسها "الكاميرا الخفية" للراحل إبراهيم نصر، و"اديني عقلك" بطولة "منير مكرم وحسين مملوك".
كما شملت فقرة السهرة مسلسلات من أروع ما قدمت الدراما المصرية مثل: "هو وهي، ألف ليلة وليلة، ليالي الحلمية، المال والبنون، رأفت الهجان، ضمير أبلة حكمت، بكيزة وزغلول، بوابة الحلواني، زيزينا، العائلة".
وفي النهاية يأتي الحديث عن الشق الروحاني والجانب الإيماني متضمنًا البرامج الدينية والتي كان أشهرها "خواطر إيمانية" للشيخ الشعراوي، وتواشيح وابتهالات الشيخ سيد النقشبندى، والأذان بصوت الشيخ " محمد رفعت" والعديد من المشاهد والمواقف والذكريات العالقة بأذهان المصريين والتي تدفعهم للحنين إلى ما مضي في تلك الأيام عبر "نوستالجيا" من نوع مختلف وهي " نوستالجيا رمضان".
