أحمد ناجي قمحة: تمسك مصر بالسلام في مفاوضات سد النهضة لا يعني ضعفًا بل تمسكًا بالحق
تحدث أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، عن محورية العلاقات المصرية-السودانية، ووحدة المصير المشترك بين دولتي المصب لنهر النيل من جهة، وما يمكن أن يمثلاه من ثقل لدعم الثوابت الراسخة للسياسة الخارجية المصرية في التعامل مع القضايا الشائكة للقارة من جهة أخرى.
وقال قمحة، خلال ندوة عقدها بموقع “القاهرة 24”، في حضور رئيس التحرير محمود المملوك، وعصام شلتوت مستشار رئيس التحرير، وعدد من الصحفيين، إن التقارب ين مصر والسودان يخدم مصلحة البلدين، ويخلق قدرًا من التنسيق والمواقف المشتركة حيال عدد من القضايا محل الاهتمام المشترك، بما ينقل آفاق الشراكة الاستراتيجية بينهما إلى مستوى متقدم، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على القضايا المشتركة فيما بينهما، لاسيما فيما يتعلق بسد النهضة، حيث تعد اللقاءات بين المسئولين المصريين والسودانيين بمنزلة رسالة غير مباشرة لإثيوبيا، فالتقارب المصري-السوداني وتبني مقترح محدد سيحول دون تحرك إثيوبيا منفردة نحو الملء الثاني للسد دون التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة، وذلك تأكيدًا أن الدولة المصرية لا تبحث عن تغيير توازنات للقوة في الإقليم، بقدر ما تبحث عن تحقيق العدالة والمكسب للجميع.
كما شدد على حرص الدولة المصرية على التوصل لحل سياسي ينفي فكرة مغالبة أو قدرة أحد الأطراف على فرض رؤيته الأحادية على باقي الأطراف، وأن هذا الحرص المصري يرتكز على الدفاع عن مصالح شعوب الدول الثلاث وحقها في التمتع بحصتها القانونية في مياه النيل، وفقًا للاتفاقيات الثنائية والقارية والدولية المنظمة لذلك، وبما يضمن حق الدول والشعوب في إدارة مواردها وتوجيهها نحو مشروعات التنمية المستدامة، لافتًا إلى أن هذا الحرص المصري يعبر عن السلوك الرشيد المستمر للدولة القائد في الإقليم، والدولة التي توظف كل مصادر قوتها الشاملة من أجل فرض رؤيتها في أهمية التوصل للتسويات السياسية لكثير من أزمات الإقليم، وذلك بحثًا عن إدارة عادلة لمياه النيل، وبما لا يهدد الأمن القومي المائي المصري.
ولفت قمحة إلى أن مصر لديها الآن قيادة تاريخية مختلفة، تمتلك رؤية استراتيجية تنفذها المؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة المعنية بإدارة ملف المياه والممثلة في وزارة الخارجية ووزارة الموارد المائية والأجهزة السيادية المعنية بإدارة الملف، موضحًا أن هذه الأجهزة تتحرك وفقًا للرؤية الرشيدة للقيادة السياسية التي تتمثل في فكرة المكسب للجميع وفكرة مصالح الأطراف المختلفة والالتزامات القانونية الموقعة في هذا الشأن، مشددًا على أن هذا لا يعني في النهاية التنازل أو التفريط في الحق المصري وحق الشعب المصري في الحياة.
وأوضح قمحة أن تمسك الدولة المصرية بخيار السلام، لا يعني أن هذا ضعف، ولكن هذا الأمر يمثل تمسك بحق ومبادئ الحق والخير، وهو أمر لا تلام الدولة المصرية عليه من قبل قوى العالم وهي تساعدك على مدار أكثر من 6 أعوام حتى الآن على اتفاق إعلان المبادئ والتفاهم الذي تم في 2015 وأنت تفاوض والطرف الآخر يناور ويتنصل ويتراجع.
وبخصوص إمكانية استخدام الخيار العسكري لحسم أزمة سد النهضة، قال قمحة إن من يملك قرار الحرب في هذه الدولة هو شخص واحد فقط وله تقدير الأمر وفقًا لمؤشرات لأجهزة مختلفة.
الاتجاهات الاستخراجية لمصر
وقال قمحة إن الدولة المصرية غابت عن الإقليم تمامًا في الفترة من 2011 حتى 2015، لافتًا إلى أنه ولو كانت غابت الدولة المصرية أكثر من ذلك كان هذا الإقليم يمكن له أن ينزع تمامًا.
مادا تعني الجمهورية الثانية؟
قال قمحة إن الرئيس السيسي كان معنيًا بمؤسسات الدولة من الفترة 2014 إلى 2015 و2016 ثم عني به إعادة هيكلة الاقتصاد وبدء مرحلة التنمية الاقتصادية وتفعيل مؤسسات الدولة، وهذا تطلب شوطًا طويلًا جدًا خلال سنتين مع الإسراع بمعدلات التنمية الاقتصادية والدورة الثانية من 2018 مهتم بإعادة بناء الإنسان وهذا يلخص أن هذه الجمهورية معنية بإنسان جديد ذكي، يعيش في مدينة ذكية يستطيع أن يواجه تحديات المستقبل وتتوافر لدية كل سبل الحياة الكريمة، ويملك من أدوات الرفاهية ما يمكنه من أن يعيش في مستوى يضاهي غيره في ظروف آمنة صحيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وتعليميًا، وكل ذلك في ظل توفير أحدث القدرات الدفاعية للقوات المسلحة الشريفة التي يكون في إمكانها التأمين الذكي لكل المقدرات المتوقع أن تتوافر في هده الجمهورية الثانية.
مشروع حياة كريمة
وأكد قمحة أن مشروع حياة كريمة ليس فقط فكرة تضامن وتكافل اجتماعي فقط، بل هو إعادة بناء وتشكيل القرية والريف المصري مرة ثانية، لافتًا إلى أنها فكرة عبقرية لأنه من المستحيل الاستغناء عن الريف المصري.
وتابع: "أنت بتتكلم على دولة تعمل ما يليق بالحياة الآدمية.. هي دي الحياة الكريمة للمصريين سواء في الريف أو المدينة بما يليق بالنقلة الذكية للمواطن هنا وهنا وفقًا لفلسفة ورؤية تتوافق مع توجهات الدولة المصرية في توفير كل المستلزمات بصورة تسمح لهذا المواطن بالتمتع بما يليق به في المستقبل".