أسرار 8 أيام في مكتب وزير الداخلية قبل فض رابعة.. كواليس الساعات العصيبة واستهداف الإخوان لطائرة الشرطة (حوار)
اللواء عبدالفتاح عثمان مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع العلاقات والإعلام:
الإخوان استهدفوا 69 منشأة شرطية بعد الفض
عبدالفتاح عثمان لـ القاهرة 24: كنا بنرمي البيانات لفض الاعتصام سلميا بطائرة الشرطة.. والإخوان أطلقوا علينا الرصاص
مساعد وزير الداخلية الأسبق: “النائب العام قالي هات السيديهات اللي صورتوها عن جرائم الإخوان والطيارة اللي اتصابت وإلا هحبسك”
سجلنا سيديهات بجميع اللغات الأجنبية ووزعناها على سفارات الدول الأجنبية والملحقات العسكرية لكشف جرائم الإرهابية
كواليس كثيرة وتفاصيل مثيرة ما زالت تتكشف عن الفترة العصيبة التي مرت بها البلاد، عقب أحداث فض اعتصامات الإخوان والعمليات التخريبية التي ارتكبها عناصر الجماعة الإرهابية في 2013، وللوقوف على تفاصيل هذه الأحداث والتضحيات التي قام بها رجال الشرطة، وكيفية إدارة وزارة الداخلية وملف الإعلام الأمني خلال تلك الفترة.
"القاهرة 24" أجرى حوارا صحفيا مع اللواء عبدالفتاح عثمان مساعد وزير الداخلية للعلاقات والإعلام، والمسؤول الأول عن جميع البيانات الصحفية، التي صدرت من مركز الإعلام الأمني وقت الأحداث، وإلى نص الحوار..
حدثنا عن الكواليس التي سبقت فض اعتصامات الإخوان؟
في الحقيقة كانت فترة عصيبة جدا، “أنا قعدت في الوزارة لمدة 8 أيام متتالية ماروحتش فيهم البيت بنجهز لعملية الفض”، وبالطبع قبل الفض كان فيه اجتماعات على كافة المستويات السياسية والأمنية، وتقرر خلالها تأجيل الفض عدة مرات لأن في الأول كان مقرر له شهر رمضان، وتم تأجيله لبعد العيد، وخلال تلك الفترة كثفنا البيانات والتحذيرات لتوعية المواطنين والمعتصمين وعناصر الإخوان.
ما هي آليات تحذير المعتصمين خلال تلك الفترة ودور الإعلام الأمني بوزارة الداخلية؟
كثفنا البيانات الصحفية التحذيرية المقروءة والمسموعة عبر جميع وسائل الإعلام والصحف الأجنبية والمحلية ووسائل التواصل الاجتماعي، لدرجة إننا كنا نلقي البيانات المكتوبة على المعتصمين بطائرة الشرطة، وفي مرة أحد المسلحين أطلق الرصاص صوب الطائرة وأصاب جسم الطائرة برصاصة وتم تسجيل الواقعة بالصوت والصورة.
بم تفسر عناد قيادات الجماعة الإرهابية في قرار استمرار الاعتصام رغم كل هذه التحذيرات؟
الإخوان جماعة ظلامية دائما ما تدعي المظلومية باستخدام كافة الوسائل والطرق، وتزج بشبابها في المخاطر من أجل المقايضة بدمائهم، لذلك شحنوا جميع عناصرهم والمتعاطفين معهم ببيانات عاطفية وخطب حماسية، وصورونا على أننا كفرة وأعداء لله والدين ويجب قتلنا.
لماذا لم يتم محاصرة الاعتصام بدلا من الفض؟
طبيعة ميدان رابعة العدوية والظهير السكني له في شوارع متقاطعة، يقطن بها عشرات الآلاف من المواطنين بمدينة نصر وشوارع يوسف عباس والطيران، صعبت من فرض كردون أمني وإغلاق مداخل ومخارج الميدان، لأن محاصرة المنطقة بالكامل سيتضرر منها جميع قاطني مدينة نصر، وهو ما فعله الإخوان من حصار واستباحة لشوارع ومنازل والملكيات الخاصة للمواطنين وتعطيل حياتهم والمرور، وإحداث شلل تام في منطقة شرق القاهرة بالكامل، لأكثر من شهرين ورغم كل الوساطات والمفاوضات باءت كلها بالفشل، نتيجة إصرار الإرهابية على موقفها واستمرار الاعتصام.
ماذا حدث قبل فض الاعتصامات؟
اجتماعات كانت على مدار الساعة مع وزير الداخلية واللواء محمد إبراهيم وباقي قيادات الوزارة وفي الأمن المركزي، ورفعنا درجة الاستعداد القصوى بجميع قطاعات وإدارات الوزارة، وصدر التوجيه الرئيسي لجميع القوات "عدم وقوع قتلى وتكثيف استخدام الغاز المسيل والتوعية قبل عملية الفض".
هل تم تنفيذ التوجيهات الصادرة بالفض؟
بالفعل.. ظل القوات لمدة 4 ساعات يناشدون المعتصمين بضرورة الانصراف من الممرات الآمنة، التي حددتها قوات الأمن لكنهم ردوا بأول رصاصات قبل الفض وسقط الشهيد الأول من الشرطة الضابط محمد جودة، وبعده سقط عدد من الزملاء وبدأت عملية الفض، وبدأ عناصر الإخوان يطلقون الرصاص بكثافة من عمارات تحت الإنشاء.
كيف وثّق قطاع العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية عنف الإخوان ولحظات الاقتحام؟
في الحقيقة كان معانا في كتيبة الإعلام الأمنية، مجموعة ذات كفاءة عالية جدا، من ضباط على رأسهم العميد علاء محمود مدير إدارة الإنتاج التلفزيوني واللواء هاني عبداللطيف المتحدث الرسمي السابق للوزارة، والعميد أيمن حلمي والعقيد إيهاب السعيد والعقيد البطل محمد الصعيدي، وتم تسجيل وتصوير كل اللقطات والتسجيلات المعروضة حاليًا في مسلسل الاختيار والاستشهاد بها "لقطات حقيقة من الأحداث".
“ولو أنتو شوفتو الحلقة الخامسة من المسلسل، اللي فيها الضابط اللي ظهر في التسجيل الصوتي بينادي على القوات في عمارة المنايفة، دي تسجيلات حقيقة نجح العقيد محمد الصعيدي في توثيقها وتسجيلها مع مجموعة من المصورين الماهرين بالوزارة، ولم يخشَ الاقتحامات وركز في إنه يوثق بالصورة والصوت كل الأحداث”.
كيف واجهتم الهجمة الشرسة لإعلام الإخوان وقنوات الخارج بعد عملية الفض؟
في الحقيقة كتيبة الإعلام الأمني بالوزارة، يعاونها محررو شؤون الوزارة بكافة الصحف والإعلام الوطنين قاموا بدور عظيم في عمليتي الصد والرد على تلك الادعاءات والأكاذيب، لكنها أثرت بشكل أو بآخر في الروح المعنوية للمواطنين وتشويه صورة مصر في الخارج، وكان لزاما علينا في تلك الفترة أن نفكر في حلول وطرق خارج الصندوق لرد تلك الإشاعات وبدأنا في إنتاج سي ديهات بكافة اللغات الأجنبية وتوزيعها على كافة السفارات والملحقات العسكرية، لجميع الدول متضمنة بالصوت والصورة والتسجيل كل أحداث العنف، التي ارتكبها عناصر الإخوان بداية من الاعتصام المسلح مرورا بالهجوم على 69 منشأة شرطية واغتيالاتهم لرجال الشرطة والكنائس ودور العبادة والمحاكم وحرقها.
كواليس البيان الأمني الوحيد الذي ظهر بالصوت والصورة لك تحت عنوان قانونية استخدام السلاح؟
“في الحقيقة وزير الداخلية صمم إني أنا اللي أطلع أذيع البيان بنفسي لإضفاء أهمية عليه، وكان بعد عملية الفض ووضحت فيه للضباط أحقيتهم الشرعية في الدفاع عن النفس، في حال تعرضهم لاستهداف وللشد من أذرهم، لأن العمليات الإرهابية في تلك الفترة التي استهدفت رجال الشرطة كان لا حصر لها، وقدمت الداخلية خلالها شهداء بالمئات”.
هل تم ضبط أسلحة بالاعتصامات؟
بعد فض اعتصام النهضة لقينا أسلحة آلية وحديثة في كلية الهندسة وحديقة الأورمان وفي ميدان رابعة، وتم ضبط مسلحين وأسلحة متعددة وآلية وتم تصوير متهمين بيضربوا على القوات بكافة أنواع الأسلحة.
وأثناء فض الاعتصامات صممنا على اصطحاب منظمات حقوقية وصحفيين من كافة القنوات والصحف، لإبراز قانونية الفض ومناشدة القوات للمعتصمين بالخروج السلمي من الممرات الآمنة، لكن كان ردهم إطلاق الرصاص بكثافة تجاه القوات.
هل تم تسليم النيابة العام وجهات التحقيق نسخة مما تم تسجيله وقت الأحداث؟
طبعا.. وفي مرة النائب العام الراحل المستشار هشام بركات كان بيلتقي وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وأخبره الوزير أننا سجلنا فيديوهات وصورا للأحداث ومنها طائرة الشرطة، التي قامت بإلقاء البيانات على المعتصمين تم إطلاق الرصاص عليها، وإصابة جسم الطائرة بالرصاص، والواقعة سُجلت بالصوت والصورة، وكانت عندنا في قطاع العلاقات والإعلام، داعبني النائب العام الراحل وقال لي: “لو ماسلمتنيش السي ديهات دي كلها أنا هحبسك”.. وبالفعل روحت له تاني يوم مكتبه وسلمته نسخة من كل الأدلة واللي تم استخدامها بعد كده كأحراز في قضية فض رابعة.
سر التناغم بين قطاع الإعلام والعلاقات بالوزارة آنذاك مع كافة الصحف والقنوات والصحفيين؟
في الحقيقة كل المجموعة التي كانت تعمل في قطاع العلاقات والإعلام في ذلك الوقت كانت محترفة ومحترمة وهدفها الأول والأخير هو الوطن، وكانوا على مستوى الحدث لذلك الكل كان يفكر كيف نرد على الإخوان ونجابه ونواجه بالتعاون مع الصحف الوطنية والصحفيين المحترمين، أخطار وأكاذيب الجماعة الإرهابية ومحاولات تشويه الصورة ونشر الشائعات.
وصورة انتشار مراسل قناة المحور وهو بيحاول إنقاذ اللواء نبيل فراج شهيد في كرداسة، خير دليل على تناغم الدور المهني والصحفي والوطني لكتيبة الإعلام الأمني بشقيها الشرطي والصحفي والذي مازال شاهدا على الأحداث وراويا له في كل وقت.
من كان يصيغ تلك البيانات والتحذيرات في تلك الفترة؟
في الحقيقة ميولي الأدبية والشعرية عرفتني قد أيه الكلمة لها تأثير ومهمة، لذلك كنت بكتب وأراجع وانتقي كل كلمات البيانات قبل ما يطلع يقولها اللواء هاني عبداللطيف ونرسلها للصحف لنشرها.
كيف نجح الإخوان في بث اعتصام رابعة في القنوات الخارجية؟
عناصر الإخوان سرقوا عربية البث بتاعت تلفزيون الدولة، وتحفظوا عليها داخل ميدان رابعة، وطلعوا منها بث لكل قنواتهم الممولة والمغرضة.
هل تلقيت أنت أو الوزير محمد إبراهيم تهديدات مباشرة من قيادات الإخوان؟
طول أيام الاعتصام كان الإخوان بيحرضوا ضد جميع قيادات الدولة بالاستهداف والاغتيال، وبعد الفض طلعوا قوائم فيها أسمائنا لاغتيالها والتهديدات بالقتل والتصفية والاغتيال كانت علنا ومذاعة عبر قنواتهم وفي إعلامهم، وبالفعل نفذوا جزءا كبيرا منها في عمليات أطلقوا عليها عمليات الذئاب المنفردة.
هل ينقل مسلسل الاختيار 2 جميع الأحداث؟
الأحداث كانت كتيرة ومتلاحقة وبالتأكيد لو تم نقلها بكافة التفاصيل هنحتاج آلاف الحلقات والأعمال الدرامية.. لكن العمل في مجمله رائع ويجسد دور رجال الشرطة، وما تعرضت له البلاد في تلك الفترة العصيبة ومعظم مشاهد المسلسل استند فيها صناع العمل إلى ما وثقه وأنتجه قطاع العلاقات والإعلام بالوزارة أنذاك.