مدفع رمضان.. تعددت الروايات و"طلقة طايشة" هي البطل
يرتبط شهر رمضان الكريم في أذهان المصريين بالعديد من العادات المتوارثة مثل مدفع الإفطار وتعليق الزينة والمسحراتي، وغيرها من العادات التي تبقى مصدر البهجة لدى المصريين.
وهنا نلقي الضوء على مدفع الإفطار، الذي رغم توقفه 30 عاما فإن التليفزيونات ظلت تحرص على صنع نموذج محاكاة للمدفع وضربه قبل الآذان، وهناك قنوات تُذيع مشهدا مُسجلا قديمًا لإطلاق المدفع الأصلي، فما حكاية مدفع الإفطار الذي بالرغم من توقفه لأكثر من ثلاثين عام مازال يتردد اسمه في كل سنة.
روايات حول تاريخ مدفع الإفطار
تعددت القصص والروايات حول متى ظهر مدفع رمضان، وبالرغم من تنوع الروايات إلا أنها تتشارك في إن بدايته كانت بمحض الصدفة، وأن بدايته كانت في مصر، لتكون القاهرة هي أول مدينة إسلامية ينطلق منها مدفع رمضان، ومن بعدها انتقلت الفكرة لبلاد الشام مثل دمشق والقدس وبغداد، ثم انتقلت للسعودية والكويت وغيرها من الدول الإسلامية.
هناك رواية تقول إن بداية ظهور مدفع الإفطار كان عام 865هـ - 1444م في مصر ويعود للعصر المملوكي وكان بمحض الصدفة، حيث أراد الوالي "خوش قدم" أن يجرب مدفعًا جديدًا أهداه له أحد الولاة، وتم تجريب المدفع وأطلق أول طلقاته وقت آذان المغرب في رمضان، فظن الشعب أن تلك طريقة جديدة يتبعها الوالي لتنبيهم بموعد الإفطار فسعدوا كثيرًا، وذهب شيوخ الحارات والطوائف للوالي ليشكروه نيابًا عن الشعب، فلما رأى الوالي ذلك السرور أمر بجعل إطلاق المدفع وقت الأذان شيئا أساسيا، كما خصص مدفعين آخرين للسحور والإمساك.
ولكن هناك قصة أخرى ترجع بدء إطلاق المدفع إلى عهد محمد علي باشا، الذي أراد أن يُجرب أحد المدافع بعدما أحضرهم من ألمانيا في أول يوم من رمضان، وتصادف أن يكون إطلاق المدفع مع وقت ارتفاع صوت أذان المغرب، فظن الناس أن محمد علي باشا يُريد ابتكار عادة جديدة للشهر الكريم وأعجبتهم تلك العادة، ومن وقتها أصدر محمد علي أمرا باستخدام المدفع وقت الإفطار، وأيضًا وقت السحور والإمساك.
مدفع الحاجة فاطمة
اشتهر مدفع الإفطار باسم مدفع الحاجة فاطمة، وذلك نسبةً للأميرة فاطمة بنت الخديو إسماعيل، حيث كان الجنود يقومون بتنظيف أحد المدافع في أول يوم من أيام رمضان وبدون قصد انطلقت طلقة من المدفع من الأذان وأعتقد الشعب أنه تنبيه لهم، وتتداولت القصة في الأسواق وبين الناس أن الخديو قام بذلك عن قصد كمظهر من مظاهر البهجة في رمضان، ووصل ذلك الكلام إلى الأميرة فاطمة وأخبرت الخديوي وطلبت منه أن يصدر فرمان بإطلاق المدفع وقت الإفطار وكذلك وقت السحور والإمساك.
إلا أن هناك قصة أخرى حول سبب تسمية المدفع باسم الحاجة فاطمة، وهو أن عندما أُطلق المدفع في عهد الوالي "خوش قدم"، ذهب شيوخ الحارات والطوائف للوالي ليشكروه، لكنهم لم يجدوا الوالي واستقبلتهم زوجته وكانت تمسى بـ فاطمة، ونقلت كلامهم وسعادتهم للوالي الذي قرر فورًا بتثبيت تلك العادة، فاشتهر باسم الحاجة فاطمة امتنانًا لها.
ويمكن الجمع بين تلك الروايات، ليكون أول من أدخل مدفع رمضان في مصر هو الوالي "خوش قدم"، ثم توقف حتى عاد مرة أخرى في عهد محمد علي باشا، ثم توقف لفترة ليعود مرة أخرى في عهد الخديوي إسماعيل.
تطور مدفع الإفطار
كان المدفع في البداية يستخدم الذخيرة الحية حتى 1859، حتى ظهر نوع آخر من المدافع تعمل بالذخيرة غير الحقيقية، فتم استخدامه بسبب التوسع العمراني وحتى لا يلحق أي نوع من الأذى توقف المدفع مرة أخرى من بعد الخديوي إسماعيل ليعود في ثمانينيات القرن الماضي على يد وزير الداخلية اللواء أحمد رشدي، الذي أمر بإعادة إطلاقه، إلا أن هيئة الآثار اعترضت على مكان المدفع في قلعة صلاح الدين لأنه يؤثر على القلعة والمتاحف المجاورة، فتم نقله من القلعة إلى جبل المقطم.
وفي فترة توقف المدفع كانت الإذاعة والتليفزيون المصري يقومون بإذاعة تسجيلات قديمة للحظة إطلاق المدفع، وهذا ما يحدث الآن، إلا أن هذا العام كان المصريين في انتظار انطلاق المدفع من جديد بعدما أعلنت وزارة السياحة والآثار ذلك ولكن لعطل ما لم يتم إطلاق المدفع.