براءة 3 مسئولين من قيادات هيئة النقل العام بالقاهرة والنقل النهري (حيثيات)
انتهت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة في القضية رقم 131 لسنة 62 قضائية عليا إلى براءة 3 مسئولين من قيادات هيئة النقل العام بالقاهرة والنقل النهري، بعد ثبوت عدم ارتكابهم مخالفات مالية وإدارية جسيمة ترتب عليها الإضرار بالمال العام.
حكم البراءة شمل كلًا من شعبان كمال محمود، رئيس الإدارة المركزية لشرق القاهرة بالنقل النهري، وسيد عبد الفتاح عبد المقصود، رئيس الإدارة المركزية لشمال القاهرة وعاطف عيد محمد، مدير فرع النهري.
قالت المحكمة، عبر أسباب حكمها، إن المخالفة الأولى المنسوبة إلى المحالين الثلاثة تتمثل في أنهم قاموا بتخفيض فترة الضمان بالعقد المبرم مع شركة حلوان للمقاولات بشأن إصلاح الوحدتين النهريتين “مكة وأبو العباس” من سنة إلى سبعة أشهر، فقد اطلعت المحكمة على التحقيقات في هذا الشأن وكذا على المستندات، وما دفع به المحالان الأول والثاني أن هذه المخالفة من مدة الضمان تكون سنة، إذا كان محل التعاقد هو إصلاح الوحدة النهرية بالكامل، أما إذا كان التعاقد لإصلاح بعض أجزاء الوحدة النهرية "قطع غيار" فيكون الضمان أقل من سنة "سبعة أشهر فقط".
وقدم المحالون تأييدًا لدفاعهم صورة طبق الأصل من العقد السابق إبرامه مع إحدى الشركتين المسند إليهما أعمال الإصلاح محل الدعوى الماثلة “شركة حلوان للمقاولات” مؤرخ في 14/6/2012، والثابت به أنه في حالة الإصلاح الجزئي للوحدة تكون فترة الضمان ستة شهور على الجزء الذي يتم إصلاحه، وإذ تبين للمحكمة أنه لم يتم تحقيق دفاع المحالين بخصوص هذه المخالفة على نحو يوضح بجلاء مدى صحة ما دفعوا به من أن مدة الضمان فى هذه الحالة تبلغ سبعة أشهر فقط وفقا للعقود المماثلة السابق إبرامها، ومن ثم فإن المحكمة لا يسعها سوى التسليم بما دفع به المحالون لتصبح هذه المخالفة غير ثابتة فى شأنهم.
وبشأن المخالفة الثانية المنسوبة للمحالين والتي تتمثل في التأخير في إصلاح الوحدتين النهريتين مكة وأبو العباس لمدة شهر مما ترتب عليه عدم تشغيلهما خلال فترة العيد وبعدها وضياع العائد المادي للوحدتين، فقد اطلعت المحكمة على التحقيقات في هذا الشأن وكذا على المستندات المرفقة بأوراق التحقيق, وما دفع به المحالين هذه المخالفة من أن التأخير في إصلاح الوحدتين النهريتين المذكورتين كان بسبب ظهور أعطال جسيمة بهما لم يتم اكتشافها إلا بعد رفع الوحدتين على الجفاف بمعرفة الشركة المسند إليها تنفيذ الأعمال.
وقدم المحالون تأييداً لدفاعهم صورة من محاضر المعاينة التي تمت بمعرفة اللجنة المشكلة من قبل الهيئة في مقر الشركة المسند إليها أعمال إصلاح الوحدتين النهريتين الثابت بهما ظهور أعطال غير متفق عليها بأمر التكليف الصادر من الهيئة إلى الشركة لإصلاح الوحدتين المذكورتين, كما قدم المحالون صورة من موافقة السلطة المختصة على إصلاح هذه الأعطال. وبذلك فقد نفى المحالون عن أنفسهم شبه ارتكاب هذه المخالفة بموجب مستندات رسمية تطمئن المحكمة إلى صحتها بما يجعلها تستند إليها وتعول في عدم ثبوت ارتكابهم للمخالفة المنسوبة إليهم.
وعن المخالفة الثالثة المنسوبة إلى المحالين الثلاثة والتي تتمثل في أنهم اشتركوا في إلغاء الممارسة رقم 3643 وتحويلها للإصلاح بالأمر المباشر بموافقة لاحقة على إجراء الإصلاح من رئيس الهيئة بالمخالفة للقانون والتعليمات, فقد اطلعت المحكمة على التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية في هذا الشأن وكذا على المستندات المرفقة بأوراق التحقيق, وما دفع به المحالين هذه المخالفة من أنه تم التمارس مع الشركات التي تم توجيه الدعوة إليها توطئة للتعاقد بالاتفاق المباشر نظراً لحالة الاستعجال المترتبة على ضرورة تشغيل الوحدات النهرية قبل العيد، وأنه لم يتم اتخاذ ثمة إجراءات تتعلق بإجراء ممارسة محدودة من حيث الأصل ومن ثم لم يتم تحويلها إلى اتفاق مباشر، ونص المادة (6) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات على أن إجراءات الممارسة المحدودة يجب أن تتولاها لجنة تشكل بقرار مـن السلطة المختصة, تضم عناصر فنيـة وماليـة وقانونية وفـق أهمية وطبيعة التعاقد, وهو ما خلت الأوراق المرفقة بالتحقيق محل الدعوى الماثلة من ثمة دليل عليه.
وبذلك فقد أضحى من الثابت للمحكمة أن جهة الإدارة اتجهت إرادتها منذ البداية إلى التعاقد على إصلاح المركبات المذكورة بطريق الاتفاق المباشر نظرا لحالة الاستعجال المترتبة على ضرورة تشغيل هذه المركبات خلال أيام العيد، وأنها لم تلجأ إلى اتخاذ الإجراءات المقررة بموجب أحكام قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية لإجراء الممارسة المحدودة لأن الوقت لم يكن يسمح باتخاذ تلك الإجراءات، خاصة وأن قيمة الأعمال المطلوب تنفيذها كانت تدخل في حدود النصاب المقرر قانونا للتعاقد للسلطة المختصة للتعاقد بالأمر المباشر، الأمر الذى تأكد بالموافقة الصادرة عن رئيس الهيئة على إصلاح الوحدات النهرية المذكورة بالأمر المباشر ومن ثم فقد اطمئنت المحكمة إلى عدم ارتكاب المحالون لهذه المخالفة.
والمخالفة الرابعة المنسوبة إلى المحالين الثلاثة والتي تتمثل في أنهم لم يتخذوا الإجراء اللازم نحو الإعلان عن الممارسة قبل تاريخ قبول الموردين وإعلان إدارة الاحتياجات إلا بيوم واحد قبل هذا التاريخ بالمخالفة للقانون والتعليمات, وإذ انتهت المحكمة إلى تبرئة المحالين من المخالفة المتعلقة بإلغاء الممارسة المزمع إجراؤها لإصلاح الوحدات النهرية المذكورة وتحويلها إلى تكليف بالأمر المباشر، وذلك على النحو سالف البيان، وكان المشرع لم يستلزم اتباع ذات الإجراء في حالة التعاقد بالأمر المباشر على النحو الذي فصلته المادة (50) سالفة البيان من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات.
وعن المخالفة المنسوبة إلى المحال الأول، والتي تتمثل في أنه قام باتخاذ إجراءات الممارسة دون وجود عضو من إدارة الاحتياجات, وإذ انتهت المحكمة إلى تبرئة المحالين من المخالفة المتعلقة بإلغاء الممارسة المزمع إجراؤها لإصلاح الوحدات النهرية المذكورة وتحويلها إلى تكليف بالأمر المباشر، واستناداً إلى خلو أوراق التحقيق محل الدعوى الماثلة من ثمة دليل على صدور قرار من السلطة المختصة بتشكيل لجنة لإجراء الممارسة المزعومة, والتي كان يتعين على المحال حال التقيد بحكم المادة (46) من اللائحة التنفيذية والتي توجب أن يندرج في عضوية اللجنة المنوط بها إجراء الممارسة عناصر فنية ومالية وقانونية، أما وأن المشرع لم يستلزم ذات القيد بشأن تشكيل اللجنة المنوط بها مباشرة إجراءات التعاقد بالأمر المباشر اكتفاءً بأن يكونوا من أهل الخبرة في العملية المطروحة، وهو ما ينطبق على السيدة مديحة محمد محمد، على نحو ما ثبت للمحكمة من مطالعة المستندات أن للمذكورة خبرة طويلة في أعمال المشتريات.