ذكرى رحيل الأبنودي.. مؤرخ في صورة شاعر
رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 2015، أحد أهم شعراء العامية المصرية "عبد الرحمن الأبنودي" المُلقب بـ "الخال"، ولم يكن الأبنودي مجرد شاعر لكن أيضًا كان مؤرخًا للأحداث العامة في تاريخ مصر، فقد عاصر الكثير من تلك الأحداث.
من هو الأبنودي
ولد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في 11 أبريل عام 1938، في قرية "أبنود" بمحافظة قنا، ثم انتقل مع أسرته إلى مدينة قنا، وكان لهذا التنقل أثر كبير في تشكيل الأبنودي الشاعر، فهو استمع لأول مرة هناك أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها، ونستطيع أن نلمس هذا التأثر عندما نقرأ في كتابه "السيرة الهلالية" الذي كتب فيها كل ما سمعه من شعراء الصعيد عن السيرة الهلالية، وأصدر هذه السيرة في خمسة أجزاء.
وتلقى عبدالرحمن الأبنودي تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس قنا، ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بكلية الآداب قسم لغة عربية بجامعة القاهرة، وكان الأبنودي كثير الإطلاع على الشعر العربي قديمًا وحديثًا، وأعجب بعدد من الشعراء وعلى رأسهم أبوالعلاء المعري.
مسيرته الأدبية ومعارضة والده
أول ديوان للأبنودي كان بعنوان "حبة كلام" لكنه لم يُنشر؛ بسبب تمزيق والده للديوان بعدما علم بموهبة ابنه، فهو كان معارضًا له، إلا أن إرادة الأبنودي كانت قوية ولم يستسلم أو يتوقف عن الكتابة، بل قام بإرسال مجموعة من قصائده بالبريد إلي صلاح جاهين، الذي سانده ودعمه بشدة فخصص له عمودًا في جريدة الأهرام، كما أرسل منها قصيدتين للإذاعة وهما" بالسلامة يا حبيبي بالسلامة"، و" تحت الشجرة يا وهيبة".
ومن هنا بدأت مسيرة الأبنودي الأدبية، فأخذ يكتب في دواوين الشعر، وكان أول الدواوين الشعرية التي ألفها هو ديوان الأرض والعيال، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1964، وبعد عامين، صدر ديوانه الثاني "الزحمة"، وتبعه ديوان "عماليات" عام 1968 و"جوابات حراجي القط" في العام التالي.
الأبنودي وعالم الفن
لم تقتصر إنجازات الأبنودي على مجال الشعر وحده، بل قام بتأليف عددٍ من الأغاني لمطربي مصر والوطن العربي، ولعل سبب ذلك هو قيام صلاح جاهين بنشر أولى قصائده في مجلة صباح الخير، وإرسال قصيدتين له للإذاعة فتم تلحينها، وقامت نجاح سلام بغِناء قصيدته "بالسلامة يا حبيبي بالسلامة"، وقام محمد رشدي بغناء "تحت الشجرة يا وهيبة".
وبعد النجاح الذي حققته تلك الأغنيات بدأ المغنون والملحنون يسعون وراءه، وكان منهم عبد الحليم حافظ الذي سعى للتعرف على الأبنودي ليألف له الأغاني ويقوم بتلحينها بليغ حمدي، وبالفعل في عام 1965 ألف الأبندوي لعبد الحليم حافظ كل من: "عدى النهار"، و"احلف بسماها وترابها"، و"أنا كل ما قول التوبة"، و"بركان الغضب"، وغيرها.
كما كتب لمحمد منير، الذي وصفه بقرموط النيل الشقى، أروع أغنياته بدأت مع ألبوم "الشيكولاتة"، ثم ألبوم "حواديت"، "طعم البيوت" وغيرها، وكتب العديد من المسلسلات التلفزيونية.
الأبنودي في المعتقل
عندما جاء الأبنودي للقاهرة التحق بأحد التنظيمات الشيوعية، ظنًا منه أن في الشيوعية طريق لتحقيق الذات وتقديم الخير للفقراء، إلا أنه اكتشف عكس ذلك عندما كان في السجن بعدما تم اعتقاله في 1966 بسجن القلعة، وأثناء اعتقاله أخذت المباحث مخطوط ديوانه “جوابات حراجي القط” المخصص لزوجته فاطنة عبد الغفار، وأوراق أخرى.
أهم أعماله
كانت حياة الأبنووي زاخرة بالأعمال المتميزة والفريدة التي كانت تؤرخ تاريخ مصر، فـقصيدته بعنوان "ضحكة المساجين" التي غناها علي الحجار كانت تُعبر عن ثورة 25 يناير، وقصيدة "آن الأوان يا مصر" كتبتها بعد الانتهاء من حكم الأخوان، وقصيدة "الموت على الأسفلت" كتبها خصيصًا لفلسطين.
وفي نكسة 1967 والهزيمة، ألف عددًا من الأغاني الوطنية قدمتها الإذاعة، وكانت أغنيته الأولى هي" ابنك يقولك يا بطل هات الانتصار" لحن كمال الطويل وغناها عبد الحليم حافظ الذي غنى أيضا أغنية "عدى النهار" لحن بليغ حمدي.
وفى حرب 1973 انفعل الأبنودي بنصر أكتوبر وكتب أغنية "صباح الخير يا سيناء" التي غناها عبد الحليم حافظ ولحنها كمال الطويل.
تكريم الأبنودي ووفاته
كان الأبنودي أول شاعر يحصل على جائزة الدولة التقديرية، وفاز بجائزة محمود درويش للإبداع العربي عام 2014، وفي العام الماضي تم افتتاح ميدان الشاعر عبد الرحمن الأبنودي بالإسماعيلية.
وتوفي الأبنودي في القاهرة في 21 أبريل عام 2015، وأقيمت له جنازة عسكرية شارك فيها الآلاف من المواطنين المصريين والعرب.