الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

محمود طلبة الفار يكتب: "هبات ساخنة".. مواجهة مع النفس

غلاف الرواية
ثقافة
غلاف الرواية
الجمعة 23/أبريل/2021 - 11:56 م

رواية "هبات ساخنة" لسعاد سليمان، نص روائي فذ؛ يتسم بجرأة غير مسبوقة في التعبير عن واقع المرأة وآلامها الجسدية والعامة في إطار واقعي لشخصيات تشعر أنها من لحم ودم تنطق وتشعر وتحس وتعبر عن نفسها على الورق؛ وإن كان بعضها يبدو حقيقيا مثل الكاتب الراحل القدير مكاوي سعيد؛ وكل هذا العالم الذي له سماته المميزة في إطار مكاني هو وسط البلد بالقاهرة؛ تلك الأماكن الخالدة والتي تحمل عبق تاريخ القاهرة الخديوية وما بها من عمارات متميزة؛ مقاه؛ مكتبات؛ قاعات؛ بارات؛ محلات شهيرة وصالات وإطار زمني هو الثمانية عشرة يوما التي كانت فيهم ثورة 25 يناير 2011.

وشخصيات الرواية بعضها يمتزج فيه الواقع بالخيال وإن كان لكل منها أسلوبها في التعبير عن نفسها وطبيعتها؛ ويذكرني هذا العمل بأول عمل قرأته للأديب العربي السوداني الطيب صالح رحمه الله؛ كذلك  بعض أعمال الأديب السوري حيدر حيدر وشخصيات خاصة فى وليمة لأعشاب البحر"؛ وشخصية بنت مجذوب في موسم الهجرة للشمال؛ ولعله من أجرأ الأعمال العربية والتي اقتحمت تابو الجنس بكل هذا الوضوح والصراحة؛ وعالم المرأة ومعاناتها على مستوى الجسد من الختان حتى آلام الدورة وألم أول عملية جنسية والحمل والولادة والرضاعة ثم بؤس انقطاع الدورة والهبات الساخنة.

ومن حيث الأسلوب فهو سهل والشخصيات منحوتة بدقة مثال ماهر موهوب؛ وتعبر عن ذواتها بحرية عبر سطور الرواية القصيرة؛ والعبارات حادة جريئة متحمسة واللغة سلسة طيبة تنم عن كاتبة متمكنة من أدواتها وتسيطر على أفكارها وتعبر باقتناع وجرأة عما تريد ولا تخشى تابوهات؛ لذلك الرواية مثل قفزة للأمام في عالم الكتابة النسائية؛ ولعلها من المرات القلائل التي نجد فيها التعبير عن هموم المرأة الجسدية والنفسية والإنسانية والعامة بقلم امرأة وبكل هذه الجرأة المنقطعة النظير حيث تضع المجتمع في مواجهة نفسه وازدواجيته وعيوبه؛ إنها رواية تمثل صرخة ورغم تحفظي على بعض التعبيرات وجرأة الوصف الصريح لما لا يقال في بعض مقاطع الرواية خصوصا عن الجنس في عالم المرأة؛ إلا أنني أراها قفزة جريئة للأمام في عالم الكتابة النسوية العربية، وأتوقع أن تصطدم بالكثير من ثوابت المجتمع العربي المحافظ وأشفق على المؤلفة من ذلك؛ ولكنها على كل حال عمل جدير بالقراءة والكتابة عنه ويستحق كما من الإضاءة حوله، فهو نص كاشف صريح يضعنا في مواجهة أنفسنا لكاتبة مبدعة قديرة فذة ننتظر منها الكثير من الإبداع.

تابع مواقعنا